تُواصِل إسرائيل حربها النفسيّة الشرسة ضدّ (حزب الله) على وقع استمرار التصعيد على الجبهة الشماليّة، وتأكيد الحزب أنّه لا يخشى من آلة حرب الكيان، وفي هذا السياق، رأى الباحث والصحافيّ الإسرائيليّ، المُستشرق يوني بن مناحيم، أنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله “ممثل” من أعلى المستويات، شخص يعرف كيف يظهر بشكلٍ احترافيٍّ على شاشة التلفزيون أوْ يلقي خطابًا على المسرح، وينقل الرسائل التي يريدها إلى جمهور الهدف بطريقةٍ واضحةٍ وسلسةٍ.
وتابع بن مناحيم، وهو الذي خدم لسنواتٍ طويلةٍ في الاستخبارات العسكريّة (أمان): “نصر الله يعرف كيف يُحافِظ على رباطة جأشه، لكنّه يحافظ أيضًا على إنسانيته، وأحيانًا يذرف الدموع عند الضرورة، من أجل شراء قلوب الجمهور والحصول على مصداقية عالية لنفسه، إلّا أنّ ظهوره التلفزيونيّ لا يعكس بالضرورة ما يدور في ذهنه، وهو ما يعرف كيف يخفيه جيدًا.”
ولفت بن مناحيم إلى أنّ “خطابه الأخير، الذي هدد فيه قبرص وإسرائيل والولايات المتحدة، كان يشع ثقة كبيرة بالنفس في قوة حزب الله وقوته العسكرية. ومع ذلك، وفقًا لمسؤولين لبنانيين ومسؤولين أمنيين إسرائيليين، كان العرض مخططًا جيدًا. نصر الله خائف جدًا من حربٍ شاملةٍ مع إسرائيل، ويخشى أيضًا أنْ يتقرر مصيره وأنْ تعمل إسرائيل على اغتياله”.


وأردف بن مناحيم إنّه بحسب مصادر مطلعةٍ، فإنّ نصر الله، بعد تحذيرٍ تلقاه من المخابرات الإيرانيّة بأنّ إسرائيل تعتزم قتله، نقل مخبأه في حيّ الضاحية ببيروت، وانتقل إلى مخبأ آخر، خشية أنْ تكون إسرائيل قد حددت مكان اختبائه وقررت قتله، كما رفض عرضًا إيرانيًا بالانتقال مؤقتًا إلى طهران حتى نهاية الحرب.
ووفقا للباحث الإسرائيليّ فقد قالت مصادر لبنانيّة إنّ نصر الله يُقدِّر أنّه، على النقيض من الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، فإنّها ستُغيِّر تكتيكاتها وتحاول منذ بداية الحرب، من خلال ضربةٍ جويّةٍ استباقيّةٍ ستبدأها ضد حزب الله، القضاء على التسلسل الهرميّ لقيادته العليا، ويأتي ذلك بموازاة ضرب احتياطيات الصواريخ الدقيقة التابعة للحزب، والتي تشكل تهديدًا لأهدافٍ استراتيجيّةٍ داخل إسرائيل.
وشدّدّ بن مناحيم، المعروف بصلاته الوطيدة مع المنظومة الاستخباراتيّة بالكيان، على أنّ نصر الله يخشى أنْ تهدف إسرائيل إلى القضاء على الهرم القياديّ لحزبه في بداية الحملة، وهو ما سيُشكّل ضربةً عملياتيّةً ومعنويّة قاسيّة لصفوف حزب الله.
وزعم الباحث أنّ اغتيال القادة الميدانيين في جنوب لبنان كان نجاحًا تكتيكيًا لإسرائيل، لكن اغتيال نصر الله قد يكون نجاحًا استراتيجيًا سيؤثر على استمرار الحملة ويُحرج إيران أيضًا.

ونقل عن مسؤولٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ رفيعٍ قوله: “المستوى السياسيّ الإسرائيليّ لم يعد يخشى اغتيال نصر الله، حتى لو تمّ استبداله بشخصيةٍ أكثر تطرفًا، على أيّة حال، فإنّ إسرائيل ستخوض حملةً طويلةً ضدّ محور المقاومة الإيرانيّ ستستمر لعدة سنوات، ولا يهم مَنْ يرأس حزب الله بدلاً من نصر الله، على أيّة حال، ستكون شخصية جهادية متطرفة تريد تدمير إسرائيل“.

وادعى أنّ مصادر مقربة من حزب الله تزعم أنّ كلّ ما يُنشر عن احتمال تصفية نصر الله هو جزءٌ من الحرب النفسيّة التي تشنّها إسرائيل ضدّه، لكن يبدو أنّ نصر الله يخشى هذه المرة فعلاً من التصفية ويتخذ احتياطات وإجراءات أمنية غير مسبوقة.
ولفت إلى أنّه لدى حزب الله وحدة نخبة خاصة، يبلغ عددها 150 مقاتلاً تقوم بتأمين نصر الله، وقد تمّ تدريبها خصيصًا لهذه المهمة، وخضع عناصرها لتدريباتٍ خاصّةٍ في إيران وروسيا وبلغاريا.
ووفقًا للمستشرق الإسرائيليّ فقد تزايدت مخاوف نصر الله من الاغتيال الإسرائيليّ بعد أنْ قتل الاحتلال صالح العاروري، رئيس الجناح العسكريّ لحركة حماس في الضفة الغربية، وستة من مساعديه في كانون الثاني (يناير) الماضي في حي الضاحية في بيروت.
واختتم قائلاً: “عندما يرى نصر الله كيف قتلت إسرائيل أبناء وأحفاد وأخت زعيم (حماس) إسماعيل هنية في قطاع غزة، يدرك أنّ إسرائيل خلعت قفازاتها”، على حدّ وصفه.
وكان رئيس (الموساد) السابق، يوسي كوهين، كشف النقاب قبل أسبوعيْن عن أنّ إسرائيل تُراقِب نصر الله، ويمكنها اغتياله متى شاءت، طبقًا لمزاعمه.
وفي مقابلةٍ مع إذاعة جيش الاحتلال (غالي تساهل)، قال كوهين: “نعرف مكان نصر الله ويمكننا القضاء عليه في أيّ لحظةٍ”، على حدّ تعبيره.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]