زال الوضع في شمال اسرائيل على حاله، منطقة أشباح، تمّ إخلاء سُكّانها في تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام الماضي، فيما يُواصِل حزب الله قصف المُستوطنات والقواعد العسكريّة بالصواريخ والمُسيرات، التي أقرّت تل أبيب بعدم استطاعتها التصدّي لها.
وعلى وقع زيارة المبعوث الأمريكيّ، عاموس هوكشتاين، وهو إسرائيليّ المولد وخدم بالجيش الاسرائيلي، إلى المنطقة بهدف التوصّل لاتفاقٍ بين لبنان وإسرائيل يمنع الحرب الشاملة، أوضحت صحيفة (هآرتس) العبريّة في عنوانها الرئيسيّ اليوم الاثنين، أنّ مساعي هوكشتاين عقيمة، لأنّ حزب الله لن يتنازل عن شرطه الأوّل والرئيسيّ بوقف الحرب ضدّ غزّة مُقابِل وقف النار في الشمال، لذا أكّدت الصحيفة، نقلاً عن مصادر مطلعةً جدًا في الكيان، بأنّ الاتفاق مع لبنان، أيْ حزب الله، يمُرّ عن طريق غزّة، ولا يوجد أيّ شيءٍ غيرُ ذلك.
فوجئ رؤساء السلطات المحليّة الإسرائيليّة المتاخمة للحدود مع لبنان من الرسائل التي وصلت إلى هواتفهم الخليويّة عبر تطبيق (واتس آب)، حيثُ أفاد موقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ أنّه جاء في الرسائل التي وقّع عليها حزب الله اللبنانيّ: “إلى مُستوطني الشمال، يتحتّم عليكم أنْ تفهموا، لن تعودوا إلى بيتوكم في الفاتح من شهر أيلول (سبتمبر) القادم، وأنّ شيئًا لن تتغيّر ما دام عدوانكم مستمرًا على قطاع غزّة”، طبقًا لما جاء في الرسائل، التي تلقّى نسخةً منها رئيس بلدية كريات شمونة، (الخالصة الفلسطينيّة)، أفيحاي شتيرن، ورئيس المجلس المحليّ في مستوطنة المطلّة، دافيد أزولاي، كما أكّد الموقع العبريّ.
وقال أزولاي في حديثٍ مع الإذاعة الإسرائيليّة إنّ مَنْ يُقرّر ما يحدث في شمال إسرائيل هو الأمين العّام لحزب الله، حسن نصر الله، والحزب نفسه، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ دولة الاحتلال ليست معنيةً بحربٍ شاملةٍ مع حزب الله، طبقًا لأقواله.
أزولاي أضاف أنّه “في الشمال تدور الحرب من طرفٍ واحدٍ، إذْ أنّ حزب الله يقوم بالهجوم علينا، ونحن لا نفعل شيئًا”، وهاجم الحكومة الإسرائيليّة بقيادة بنيامين نتنياهو وقال في هذا السياق إنّ “زعماء الكيان يخشون اتخاذ القرارات، وعلى الحكومة الإسرائيليّة أنْ تستيقظ من سباتها قبل فوات الأوان”، كما قال.
إلى ذلك، أدت العمليات العسكرية الحدودية التي تجري بين إسرائيل وحزب الله إلى ضربة اقتصادية هائلة لمدينة صفد خاصّةً في الجانبيْن السياحي والتجاري، لتدفع ثمن المغامرة التي تخوضها تل أبيب في الجبهة الشمالية.
وبحسب ما نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة تُعتبر مدينة صفد إحدى المدن الهامّة التي تتميّز بشوارعها وأسواقها المكتظة، لكن المدينة تعاني حاليًا من انهيار السياحة والتجارة.
وشدّدّت الصحيفة على أنّ الانهيار بدأ مع انتشار جائحة كوفيد 19 ومع تعافي المدينة نسبيًا كانت العمليات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله على الحدود بمنزلة القشة التي قسمت ظهر البعير.
ونجحت صواريخ حزب الله في إلحاق خسائر كبيرة بالتجارة والسياحة في المدينة، فيما رفضت الحكومة الإسرائيلية من جانبها تعويض السكان.
وشدّدّت الصحيفة في تقريرها على أنّ متاجر المدينة أوصدت أبوابها بسبب نقص العملاء والسياح حتى أنّ أحد أصحاب المحال علق لافتة كتب عليها: “نعلن بأسف الموت المبكر للسياحة والتجارة في صفد، والتي تمّ التخلي عنها في ساحة المعركة منذ أيام كوفيد حتى الآن من قبل دولة إسرائيل وبلدية صفد”.
وبحسب الصحيفة العبرية تتكبّد الشركات خسائر ما بين 20 إلى 30 ألف شيكل شهريًا (من 5 آلاف إلى 8 آلاف دولار تقريبًا) فيما لا تزال ملزمة بدفع إيجارات المحلات وضرائب الأملاك والكهرباء.
وفي قطاع السياحة توقفت المعارض عن بيع ما تنتجه من شالات الصلاة والأوشحة التي كانت يتراوح سعرها ما بين 900 إلى 1600 دولار، في ظلّ دوي صفارات الإنذار قرب المنطقة باستمرار حتى غدت المعارض التي تزيد عن 300 معرض بالمدينة مهجورة.
وأوضحت الصحيفة العبريّة أنّ هذه المعارض لجأت إلى الاعتماد بشكل كبير على العملاء الذين يطلبون المنتجات عبر الإنترنت حيث يبحث العاملين بها على عملاء جدد عن بعد حتى يتحسن الوضع.
وكشفت الصحيفة أنّ الصواريخ والقذائف التي يطلقها حزب الله على شمال إسرائيل، أدت إلى حرق أكثر من 58 ألف دونم من الغابات في مرتفعات الجولان المحتلّة والجليل الأعلى.
إلى ذلك، أقرّ مفوض شكاوى الجنود السابق في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، اللواء إسحاق بريك، أنّ دولة الاحتلال أمام هزيمة استراتيجية لم تشهدها منذ تأسيسها.
ولفت بريك في حديثٍ مع إذاعة 103 إم.إم العبريّة إلى أنّ أيّ قرار من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لمهاجمة حزب الله سيجلب محرقة على إسرائيل، مضيفًا “لا نستطيع إيقاف صواريخ حزب الله ومسيّراته”، طبقًا لأقواله.
وقال إن “شنّ حرب على لبنان سيقود حتمًا إلى حربٍ إقليميّةٍ وستنضم إيران إليها”، متسائًلا “ماذا سيحدث في حربٍ إقليميّةٍ عندما يتم إطلاق عشرات بل آلاف الصواريخ والطائرات دون طيار علينا كل يوم؟”.
وتابع بريك قائلًا “أولئك الذين يتجولون في المستوطنات الشمالية يندهشون مما يرون”، مُعتبرًا في الوقت عينه أنّ الحرب في غزة فقدت غايتها، وهي مستمرة فقط من أجل مصلحة نتنياهو.
وأضاف “قلّصنا قدرة الجيش في 20 عامًا حتى بات لا يمكنه الانتصار على حماس”، كما أشار إلى أنّ ما يجري في رفح عار، قائلًا “نحن لا نقاتل حماس بشكلٍ فعليٍّ بل هم يُفخخون الطرقات ونحن نُقتَل”، على حدّ تعبيره.
[email protected]
أضف تعليق