تغيب ملامح استقبال عيد الأضحى الذي يصادف حلوله الأحد المقبل عن قطاع غزة بفعل استمرار العدوان الإسرائيلي مُنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتواصل المجازر بحق المدنيين والتي أدت إلى استشهاد وفقدان 47 ألف فلسطيني، وإصابة 84 ألفا بجروح مُتفاوتة.
ويتسبب العدوان المتواصل للشهر التاسع على التوالي في شلل تام بمختلف النواحي المعيشية في قطاع غزة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي، فيما تنعدم مظاهر استقبال المُناسبات العامة والأعياد، بفعل تواصل الحرب وحالة الخطر التي تطاول مُختلف الشرائح دون أي تمييز.
لا تجهيزات لاستقبال عيد الأضحى
وتفتقر شوارع مُحافظات قطاع غزة وأسواقها أو ما تبقى منها حتى الآن، لأحبال الإضاءة والزينة السنوية التي يتم تجهيزها قبل أيام من حلول عيد الأضحى، كما يتم تعليقها على مداخل البيوت والعمارات السكنية، والتي تم هدم قرابة 72% منها. ودمر العدوان قرابة 138.300 وحدة سكنية بشكل كُلي، إلى جانب 453 ألف وحدة سكنية تم تدميرها بشكل جزئي، عبر إلقاء قرابة 79 ألف طن من المُتفجرات.
ومع اقتراب حلول عيد الأضحى والذي تغيب فيه ملامح حجز الأضاحي غير المتوفرة في الأسواق المحلية بسبب إغلاق المعابر، ومنع دخول العجول والمواشي والأعلاف، يُلاحظ كذلك غياب التجهيزات العامة للعيد، وفي مقدمِها التجهيزات المنزلية، كذلك مُستلزمات الضيافة والمُكسرات والعصائر والحلويات، علاوة على غياب دُمى الخرفان والمواشي، والتي تشهد رواجاً مع اقتراب حلول موسم الأضاحي السنوي.
ويقول الفلسطيني أنس الأشقر لـ "العربي الجديد": إنّه لم يقم بشراء ملابس العيد لأطفاله الأربعة، أو أي من مظاهر الاحتفال الخاصة بالعيد كما جرت العادة، بسبب التأثيرات القاسية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة "والذي يُعتبر العدوان الأقسى والأشد دموية على المدنيين في مختلف أماكن وجودهم، سواء في المناطق الشمالية، أو المناطق التي يدّعي الاحتلال أنها آمنة".
غياب ملامح العيد
ويُرجع الأشقر سبب غياب ملامح الاحتفال بالعيد إلى مجموعة أسباب، منها حالة النزوح التي يعيشها مع أسرته مُنذ خمسة أشهر، والتي انتقل خلالها إلى عدة مدارس ومراكز إيواء في المُحافظتين الوسطى والجنوبية، إلى جانب تواصل حالة الخطر بفعل الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين، علاوة على انعدام القدرة الشرائية بسبب سوء الأحوال الاقتصادية.
ويُضيف: "لا يُمكننا الاحتفال بالعيد والذي كُنا نُجهز لقدومه قبل أسبوعين من حلوله، بسبب حالة الحزن الكبيرة في مُختلف المناطق، ففي كُل بيت شهيد أو أكثر، كما مُسحت عائلات بأكملها من السجل المدني الفلسطيني، لا مكان للفرحة وسط الدمار والفقد، ورائحة الدم الممزوجة برائحة البارود".
أما النازح الفلسطيني صدام بشير، والذي فقد اثنين من أشقائه برفقة أطفالهما، وزوجة أحدهما بفعل القصف الإسرائيلي لمنزل العائلة في منطقة النصر وسط مدينة غزة، فيقول إن الحرب الإسرائيلية لم تكتفِ بقتل البشر، وتدمير الحجر فقط، وإنما قتلت الفرحة في قلوب الناس، كما أفقدتهم الشعور بالأمان أو الأمل بغد أفضل. ويلفت بشير لـ "العربي الجديد" إلى أنه من غير المعقول استقبال العيد بالزينة التقليدية السنوية التي كانت تجهزها عائلته قبل حلوله بأيام، في ظل حالة الحزن على فراق العديد من أفراد العائلة، المترافقة مع حالة النزوح وعدم معرفة ما يُمكن أن يحدث في الأيام القادمة.
ويوضح بشير أن العيد بمفهومه الطبيعي يعتمد على إظهار الفرحة من خلال التجهيزات والإضاءة والزينة، إلى جانب صلة الأرحام والتزاور ما بين الأقارب، إلا أن ذلك لم يعُد مُمكنا في ظل الظروف القاسية التي فرضتها الحرب "فقد تم إطفاء الزينة وقطع الكهرباء، كما تم قتل أصحابها بدم بارد ودون أي مُبررات".
ولم تصنع الفلسطينية فاطمة الحسني كعك العجوة، سواء في عيد الفطر الماضي أو مع اقتراب حلول عيد الأضحى، كما اعتادت على صناعته برفقة أفراد أسرتها كُل عام، وسط أجواء احتفالية وذلك من جراء الانعكاسات السلبية للعدوان الإسرائيلي على مُختلف تفاصيل الحياة.
السعودية تحدد يوم وقفة عرفة.. هذا هو موعد عيد الأضحى 2024
وتلفت الحسني التي اضطرت للنزوح مع عائلتها إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعد رحلة طويلة من النزوح في المناطق الجنوبية، لـ "العربي الجديد" إلى أن المناسبات فقدت بهجتها ورونقها بفعل الحزن العام الذي يُخيم على الجميع بسبب الفقد، سواء المُتعلق بالأقارب والأصدقاء، أو بفُقدان البيوت وأماكن العمل ومناطق السكن، إلى جانب فُقدان ملامح الحياة الطبيعية.
وعلى الرُغم من الأجواء الجميلة التي تقوم بتجهيزها العائلة في كل عام لاستقبال الأعياد، غابت كُليا هذا العام وفق توضيح الحسني التي تقول: "لم نقم بشراء أحبال الزينة، أو كسوة العيد لهذا العام، إذ لا يُمكن اجتماع الفرحة والتفاؤل مع حجم الدمار والخراب المُترافق مع حالة النزوح والتشتُت وعدم الاستقرار".
[email protected]
أضف تعليق