كشفت مصادر مصرية وأخرى أميركية في القاهرة، عن تفاصيل الحراك الراهن الذي أحدثته المبادرة المطروحة للتهدئة في قطاع غزة وإنهاء الحرب، التي أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنها مقترح إسرائيلي بالأساس. وعلمت "العربي الجديد" أن مناقشات عدة بدأت في القاهرة وبشكل موسع بين المسؤولين المصريين ووفود من فصائل المقاومة، بينها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، وشخصيات فلسطينية أخرى، بشأن تصورات اليوم التالي والأطروحات المقترحة بشأن إدارة القطاع عقب وقف إطلاق النار. وبموازاة ذلك، باشر وفد مصري من جهاز المخابرات العامة، زيارة رام الله للقاء المسؤولين في السلطة الفلسطينية، من أجل التباحث بشأن ملفات خاصة بالقطاع وطبيعة دور السلطة في غزة المحتمل في المستقبل.
البحث في دور السلطة في غزة
وقال دبلوماسي أميركي في القاهرة، إن "الإدارة الأميركية استقرت أخيراً على ضرورة أن تسير محادثات اليوم التالي لوقف الحرب بالتوازي مع المفاوضات الخاصة بوقف إطلاق النار"، مؤكداً أن "زيارة بريت ماكغورك كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى المنطقة برفقة مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، تأتي من أجل هذا الهدف". وأوضح أن "إدارة بايدن تتبنى رؤية مرتبطة ببحث دور السلطة في غزة وعدم تصدر حماس للمشهد في اليوم التالي". وحول إمكانية تحقيق التصور الأميركي لجهة بحث دور السلطة في غزة في ظل صعوبة تغييب حركة حماس من المشهد، قال الدبلوماسي إن "هناك عدة تصورات تتم دراستها في الوقت الراهن، تختلف في تفاصيلها، ولكنها تقوم على أساس واحد قائم على عدم قيادة حماس بصورتها السابقة الوضع في القطاع". أما عن دور السلطة في غزة فقد كشف الدبلوماسي الأميركي أن "هناك اقتناعاً لدى دوائر عدة معنية بالوضع في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط، بأن استمرار السلطة الحالية برئاسة محمود عباس لن يكون مجديا للخطوات والترتيبات التي تجري مناقشتها". ولفت إلى أن "هناك محاولات من واشنطن لإقناعها باتخاذها بنفسها خطوة للإعلان عن ترتيبات تجديد السلطة، وأن يتحول رئيسها الحالي لرمز شرفي".
في غضون ذلك، كشف المتحدث باسم حركة حماس، جهاد طه، لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة فصائل المقاومة إلى القاهرة تأتي في سياق التواصل للتأكيد على موقف فصائل المقاومة الفلسطينية، الذي قُدّم ضمن الورقة التي وافقت عليها، وفي مقدمتها وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الإسرائيلي الشامل، إضافةً لما تضمنته الورقة من عودة المهجرين إلى منازلهم، وتكثيف إدخال القوافل الإغاثية وخطة الإعمار، وصولاً لصفقة التبادل". وأضاف طه أن "حماس وفصائل المقاومة منفتحون على أي مقترح يفضي لذلك، مع وجود ضمانات والتزامات تلزم الاحتلال بتنفيذ ما يتم التوافق عليها. وأنه لا شك أن تصريحات الاحتلال وقادته ما زالت في مربع المماطلة والتسويف، من هنا لا بد من ممارسة ضغوط من المجتمع الدولي والإدارة الأميركية لإخضاع الاحتلال". وختم طه حديثه قائلاً إن "مصر دائماً ما تبذل مساعي وجهودا لوقف العدوان، وهي على تواصل وتنسيق مع فصائل المقاومة لمعالجة تداعيات العدوان على غزة والشيء الطارئ هو السعي لإنهاء العدوان على شعبنا".
رسائل فصائل المقاومة
من جهته، رأى المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، عبد الله الأشعل، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "فصائل المقاومة تبلغ عن موقفها لمصر بصفتها وسيطاً أساسياً، لأن الفصائل لن تخضع للألاعيب التي تحاك في الخفاء من خلال المقترحات، وتحاول إيصال الرسالة للوسطاء والإدارة الأميركية وإسرائيل حول ذلك، وأنه إذا كان هناك اتفاق لا يحقق الوقف الدائم لإطلاق النار، والجلاء الكامل للقوات الإسرائيلية من داخل غزة، فلن يكون هناك حل واتفاق". أما الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة إسطنبول أيدن، عمار فايد، فاعتبر أن "لا حديث حالياً سوى عن مبادرة بايدن، التي هي خطة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، وأفكار اليوم التالي. نتنياهو لن يتعهد بوقف الحرب في أي مراحل تالية لصفقة التبادل، وهو ما يعني استحالة إتمام الصفقة". وبرأيه، فإن "مشكلة نتنياهو هي أن أي توقف للحرب والانسحاب من غزة، معناه عودة حماس للحكم بصورة أو بأخرى، لأنه لا بديل لها في القطاع. لذلك بات الاتفاق على اليوم التالي ضرورة لإنهاء الحرب نفسها، والفجوة بين تصور نتنياهو لمستقبل القطاع وما يمكن أن تقبل به المقاومة ما زالت بعيدة جداً، وأميركا تطلب من مصر وقطر، الضغط على حماس؛ لكن حتى مصر لا تريد يوماً تالياً على مقاس نتنياهو، فهي تريد انسحاباً كاملاً وعودة السلطة وهو لن يقبل بأي من ذلك قريباً، لذلك الوضع معقد ولا يمكن الجزم بما سيحدث".
المصدر: العربي الجديد
[email protected]
أضف تعليق