على وقع نجاحات حزب الله اللبنانيّ بإسقاط مسيّراتٍ إسرائيليّةٍ من الطراز المُتقدّم جدًا الذي يستخدمه جيش الاحتلال لمهامٍ استطلاعيّةٍ واستخباراتيّةٍ فوق الأجواء اللبنانيّ، وبالمُقابِل إقرار إسرائيل بوهنها في صدّ المسيرات الاستطلاعيّة والاستخباراتيّة والهجوميّة والانتحاريّة التي يُطلقها الحزب يوميًا، تزداد المعضلة في كيان الاحتلال، فبالإضافة إلى حرب الاستنزاف التي تخوضها المقاومة الإسلاميّة ضدّ الكيان منذ تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، يتأكّد يومًا بعد يومٍ، أنّ حزب الله أثبت لكلّ مَنْ في رأسه عينان أنّ الردع الإسرائيليّ لم يتآكل فقط، بل انتهى.
وفي هذا السياق، ونقلاً عن مصدرٍ عسكريٍّ إسرائيليٍّ رسميٍّ، كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة النقاب عن أنّه منذ أكتوبر الفائت، وبشكلٍ يوميٍّ يقوم (حزب الله) اللبنانيّ بإطلاق المُسيّرات من بلاد الأرز إلى شمال دولة الاحتلال، بما في ذلك مسيّراتٍ استطلاعيّةٍ ومخابراتيّةٍ، ومسيّراتٍ انتحاريّةٍ، وأخرى هجوميّةٍ، وبالإضافة إلى ذلك، أوضح المصدر، يستخدم حزب الله الصواريخ الدقيقة ضدّ الدبابات والمقذوفات الأخرى، والتي تنجح جميعها في اجتياز منظومات الدفاع الإسرائيليّة وإصابة الأهداف بدقّةٍ، طبقًا لأقوال المصدر.
وشدّدّت الصحيفة العبريّة على أنّه قبل أسبوعيْن تمكّنت طائرة دون طيّارٍ من ضرب بالون (طال شماييم)، والذي يُعتبر إسرائيليًا بمثابة منشأةٍ إستراتيجيّةٍ، لافتةً إلى أنّه يبعد عن الحدود اللبنانيّة مسافة 30 كم، وفي الأسبوع نفسه، تابعت الصحيفة، نشر حزب الله فيديو يُظهِر طائرةً دون طيّارٍ من النوع الهجوميّ يضرب بصاروخيْن قاعدةً عسكريّةٍ بمستوطنة (المطلّة) على الحدود الشماليّة.
بالإضافة إلى ذلك، جاء في تقرير الصحيفة العبريّة، أنّ مسيرةً انتحاريّةً أطلقها الحزب كانت قد أصابت تجمعًا لجنود الاحتلال، كانوا يختبؤون في مكانٍ ما من بلدة عرب العرامشة، على الحدود مع لبنان، وقبل ذلك بثلاثة أشهر، تمكّن حزب الله من إصابة وتدمير (القبّة الحديديّة) بواسطة مسيرتيْن انتحاريتيْن، وأوضحت أنّ ما ورد في التقرير يُمثِّل بعض النماذج القليلة لما يحدث يوميًا على الحدود اللبنانيّة الإسرائيليّة يوميًا، الأمر الذي يؤكِّد أنّ لمنظومات الدفاع في جيش الاحتلال لا توجد حتى اللحظة الدفاعات الأرضيّة والجويّة لصدّ مُسيرّات حزب الله، وهو الأمر الذي كان قد حذّر العديد من جنرالات الاحتلال سابقًا من أنْ يحدث، على حدّ قولها.
ووفقًا لتقرير الصحيفة العبريّة، فإنّ اعتراض المسيّرات اللبنانيّة بات مستحيلاً، لأنّها تطير على ارتفاعٍ منخفضٍ جدًا، وتتمكّن بذلك من اجتياز منظومة الرادارات، وعندما تكشفها الرادارات توك المسيرات قد ضربت الهدف المُحدّد مسبقًا ودمرته.
وفي تطوّرٍ لافتٍ، مضى تقرير الصحيفة العبريّة قائلاً، باشرت الولايات المُتحدّة الأمريكيّة بنصب صواريخ من طراز (فولكان فيليكس) مُتحرِّك، في الميناء المؤقّت الذي أقامته واشنطن في غزّة، وذلك بهدف الدفاع عن أهدافها من التهديدات القادمة من الجوّ، أوْ القذائف والمقذوفات، بالإضافة إلى المُسيّرات، لافتةً إلى أنّ إسرائيل كانت تستخدم هذا النوع من المنظومة الدفاعيّة قبل أنْ تتنازل عنها لصالح (القبّة الحديديّة).
وأشارت المصادر العسكريّة في تل أبيب إلى أنّ جيش الاحتلال قام بفحص إمكانية ضمّ هذا النوع من الدفاعات الأمريكيّة الجديدة كعاملٍ مساعدٍ لمنظومة (القبّة الحديديّة)، ولكنْ في نهاية المطاف تمّ التنازل عنها، مُضيفةً أنّها لو كانت اليوم في خدمة الجيش الإسرائيليّ لكان بإمكانها صدّ القسم الأكبر من تهديد مُسيّرات حزب الله الآخذ بالازدياد يومًا بعد يومٍ، على حدّ تعبيرها.
بالمُقابل، فإنّ ما يقُضّ مضاجع صُنّاع القرار من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ في تل أبيب أيضًا هو السؤال هل حزب الله، وفي إطار المفاجئات التي وعد بها الأمين العام للحزب، السيّد حسن نصر الله، هل يملك الحزبي يملك دفاعاتٍ جويّةٍ لاعتراض الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة في حال اندلاع المنازلة الكبرى بين الطرفيْن.
وأعلن حزب الله في وقتٍ سابقٍ من الشهر الفائت أنّه أسقط طائرة مسيّرة من طراز (إلبيت هيرميس 450) فوق بلدة عيشية اللبنانية، على بعد حوالي 13 كيلومترًا من الحدود الإسرائيلية.
وأشارت المصادر في تل أبيب إلى أنّ الطائرة دون طيّاٍرٍ، المعروفة في الجيش باسم (زيك)، يستخدمها سلاح الجو الإسرائيليّ كمسيّرة لمهامٍ استطلاعيّةٍ وهجوميّة، في حين قام الحزب بنشر فيديو يؤكّد إسقاط دفاعاته للمسيرة الإسرائيليّة، أمّا جيش الاحتلال فزعم أنّ طائراته المقاتلة قصفت موقع إطلاق الصواريخ المستخدم في الهجوم، مضيفًا أن الحادث قيد التحقيق.
وتقوم إسرائيل عادةً بتنفيذ طلعاتٍ جويّةٍ في جنوب لبنان، لكن العدد المتزايد من المسيّرات التي يتّم اعتراضها يُشكِّل تحديًا للتفوق الجويّ الكاسح لإسرائيل في المنطقة، وفق ما نقلته مجلة (تايمز أوف إسرائيل) عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ في تل أبيب.
وشدّدّت المصادر عينها على أنّه منذ الثامن تشرين الأوّل (أكتوبر) الفائت، هاجم حزب الله والفصائل الفلسطينية المتحالفة معه بلداتٍ إسرائيليّةٍ ومواقع عسكريّةٍ على طول الحدود بشكلٍ يوميٍّ بالصواريخ والمُسيَّرات والصواريخ المضادة للدبابات ووسائل أخرى، بدعوى دعم غزة خلال الحرب الدائرة هناك، على حدّ تعبيرها.
وأوضحت المصادر عينها أنّ إسرائيل هددت بشنّ حربٍ لإجبار حزب الله على الابتعاد عن الحدود إذا لم يتراجع هو بنفسه واستمر في تهديد البلدات الشمالية، حيث تم إخلاء حوالي 70 ألف شخص لتجنب المناوشات.
[email protected]
أضف تعليق