في هذه النشرة يصدر مركز عدالة تقريرًا جديدًا بعنوان "ملاحقة الطلبة الفلسطينيّين في المؤسسات الأكاديميّة الإسرائيليّة خلال الحرب على غزّة". كما نسلط الضوء على الاعتقال التعسفي واستجواب الشرطة المستمر للأستاذة بروفيسور نادرة شلهوب – كيفوركيان.
ملاحقة الطلاب الفلسطينيين من قبل المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية
شنّت الجامعات والكليات الإسرائيلية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة حملة قمع غير مسبوقة ضد حرية التعبير للطلاب الفلسطينيين هادفة إلى تعليق دراستهم أو طردهم بسبب منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي. ويمثل مركز عدالة 95 من الطلاب الفلسطينيين من 34 مؤسسة أكاديمية إسرائيلية اتخذت ضدهم إجراءات تأديبية في أعقاب شكاوى قدمها أفراد ومجموعات طلابية إسرائيلية يمينية عنصرية.
وتأتي إجراءات المؤسسات الأكاديمية وسط حملة تحريضية منظمة ضد المواطنين الفلسطينيين في الداخل تهدف إلى تجريم وقمع أي معارضة للعدوان الإسرائيلي على غزة. وقد قامت عدة جامعات بإحالة الشكاوى ضد الطلاب الفلسطينيين إلى الشرطة الإسرائيلية، مما أدى إلى اعتقالهم و/أو توجيه التهم إليهم. مقابل ذلك، يتم تجاهل الخطاب العنيف تجاه الفلسطينيين إلى حد كبير، حيث لم تتخذ المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية أي إجراءات تأديبية ولم تبلغ الشرطة عن طلاب يهود إسرائيليين على الرغم من انتشار منشورات تحريضية وعنصرية ضد الطلاب الفلسطينيين.
تتنوع مضامين منشورات الطلاب التي أدت إلى اتخاذ إجراءات تأديبية واعتقالات، نسبة لا بأس بها منها لم تكن تتعلّق بالحرب، إلّا أنَّ المؤسسات الأكاديميّة فضّلت تفسيرها على أنّها كذلك، وعلى أنها "تدعم الإرهاب". واتّخذت إجراءات تأديبيّة ضد الطلبة لمجرّد تعبيرهم عن التضامن مع الأهل في غزة أو عن مواقف تتحدّى الخطاب الإسرائيليّ المُهيمن أو بسبب أي منشور لا يتوافق محتواه مع الرواية الإسرائيلية عن أحداث السّابع من أكتوبر وما تبعه أو حتى مشاركتهم آيات من القرآن الكريم. كما وحُظِرَ استخدام مصطلحات مثل "الإبادة الجماعية"، أو "المذبحة"، أو "التطهير العرقي" لوصف ما يجري في قطاع غزة بشكل فعليّ. وفي أحيانٍ أخرى، نشر رموز وطنية (كالعلم الفلسطيني) كان كافيًا للشروع بإجراء تأديبي ضد الطلاب.
مثال لملاحقة طلاب فلسطينيين:
بتاريخ 7 تشرين الأول 2023 نشرت طالبة فلسطينية في إحدى الكليات الإسرائيلية منشور على موقع إنستغرام يظهر فيه حلويات في أحد المطاعم. أدى هذا المنشور إلى هجوم من قبل يهود إسرائيليين زملاء لها في الدراسة بسبب ما زعموا أنه احتفال بهجمات حماس، وباشرت الكلية بإجراءات تأديبية ضدها على الرغم من أن المنشور لم يكن له أي صلة بالحرب أو أي دلالة سياسية. وعلى الرغم من تبرئتها في نهاية المطاف، إلا أنها واجهت تحديات في الحصول على التدريب اللازم لمزاولة مهنة الطب.
مثال لملاحقة طلاب فلسطينيين:
تلقت طالبة فلسطينية إشعارًا مفاجئًا بتعليق دراستها في كلية إسرائيلية بسبب نشر صورة على وسائل التواصل الاجتماعي لرجل فلسطيني يجلس وسط الأنقاض في غزة، مصحوبة برمز تعبيري (ايموجي) على شكل قلب مكسور. في أعقاب اعتراض قدمه مركز عدالة، استدعت الكلية الطالبة إلى جلسة تأديبية، حيث قال أحد أعضاء اللجنة التأديبية: "في حين تدور حرب بالخارج، فمن المثير للصدمة أن ترى شخصًا من الوسط [العربي] [ينشر] صورة تتعاطف مع غزة". وعلى الرغم من اعتراض عدالة، ألا أن اللجنة أدانت الطالبة وفرضت عليها عقوبة تعليق الدراسة لمدة عام، بالإضافة إلى إلغاء منحة تعليمية كانت قد حصلت عليها سابقًا، مما ألقى بظلال قاتمة على المسيرة الأكاديمية للطالبة. ورفضت الكلية استئناف عدالة على القرار.
القرارات التي صدَرت حتى الآن:
خلقت الحرب التي تشنها الجامعات الإسرائيلية بيئة أكاديميّة معادية، تحريضية وغير آمنة للعديد من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس الفلسطينيين، وتحمل هذه الرقابة تداعيات خطيرة حيث تفرض الرقابة الذاتية التي تقوض بشكل أساسي الغرض من التعليم العالي، حيث يسعى الطلاب إلى تجنب العقوبات الصارمة في ظل حملة القمع. وأشار استطلاع أُجري في أوساط الطلبة الفلسطينيّين إلى أنّ مُعظم المُستطلَعين يَنظرونَ في الانسحاب من تعليمهم.
الشرطة الإسرائيلية تعتقل بروفيسور نادرة شلهوب – كيفوركيان
في 18 نيسان 2024 اعتقلت الشرطة الإسرائيلية البروفسور نادرة شلهوب – كيفوركيان من منزلها في البلدة القديمة بالقدس المحتلة واحتجزتها بسبب مقولات تفوّهت بها قبل أكثر من شهر على حلقة بودكاست، لا سيما بسبب تصريحاتها التي دعت بها إلى إلغاء الصهيونية وإنهاء الإبادة الجماعية في غزة. تعمل البروفيسور شلهوب- كيفوركيان كمحاضرة في الجامعة العبرية في القدس وتشغل منصب الرئيس العالمي للقانون في جامعة كوين- ماري في لندن. أثناء استجوابها، قامت الشرطة بإجراء تفتيش عاري وتقييد يديها بإحكام ومنعتها من الحصول على الطعام والماء والأدوية لعدة ساعات. بالإضافة إلى ذلك، تم احتجازها في البرد في زنزانة بدون ملابس أو بطانيات دافئة. وفي اليوم التالي، في 19 نيسان 2024، أمرت محكمة الصلح في القدس، وتبعتها المحكمة المركزية في القدس بعد استئناف لاحق قدمته الدولة، بإطلاق سراحها بكفالة.
بعد إطلاق سراحها استدعت الشرطة البروفيسور شلهوب – كيفوركيان لثلاثة تحقيقات إضافية. في أعقاب هذه الإشعارات، أرسلت المحامية هديل أبو صالح من مركز عدالة، بالنيابة عن طاقم الدفاع القانوني، رسالتين إلى النيابة العامة والشرطة الإسرائيلية. في الرسالة الأولى، طالب طاقم الدفاع الشرطة بوقف الاستجواب غير القانوني للأستاذة شلهوب – كيفوركيان، بحيث أنه ينتهك حقوقها في حرية التعبير وحريتها الأكاديمية، ويشكل ملاحقة سياسية ومضايقة من قبل السلطات الإسرائيلية. في الرسالة الثانية، أكد الفريق القانوني أن تصرفات الشرطة تشكل استغلالًا للإجراء القانوني بهدف التخويف والإسكات، كما وأعلن طاقم الدفاع أنه في حال تمّ استدعاؤها لتحقيق إضافي، سيقوم بفحص الخطوات القانونية المتاحة من أجل وقف هذه الملاحقة السياسية. وهذه هي المرة الأولى التي تعتقل فيها الشرطة أستاذًا أو أستاذة وتحقق معها بسبب أبحاث ومنشورات أكاديمية. فقد ركزت الشرطة أثناء استجوابها على أبحاثها وأوراقها الأكاديمية المنشورة سابقًا.
[email protected]
أضف تعليق