نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا قالت فيه إن تحول الحملة العسكرية الإسرائيلية إلى غزو شامل لمدينة رفح، تعرّض حياة أكثر من مليون فلسطيني للخطر، ولن تجلب الأسرى الإسرائيليين، والحل الوحيد هو قبول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بوقف إطلاق النار، وإلا فلن يكون لديه أي شيء يعرضه في هذه الحرب التي لا يمكن الانتصار بها.
وتضيف الصحيفة: “قيل عن نتنياهو إنه في مأزق بشأن الهجوم المخطط له لغزو مدينة رفح، فمن جهة هناك الضغط الذي مارسه الرئيس بايدن، وما تبقى من أصدقاء لإسرائيل وحلفاء محتملين في المنطقة، الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وبقية المجتمع الدولي وقضاة محكمة الجنايات الدولية والبابا ومعظم الرأي العام الإسرائيلي الذي يطالب بيأس بصفقة لتحرير الأسرى، والشعب الفلسطيني الذي يعيش في هذا الجزء من الشرق الأوسط”.
ويناشده هذا التحالف الدولي بدون استثناء، عدم المضي بخسارة محتومة لحياة المدنيين، بمن فيهم الأطفال وتعميق الأزمة الإنسانية. وسيقود هذا حسبما تقول منظمات الإغاثة الإنسانية إلى انتشار الأمراض ومجاعة من صناعة البشر، وكذا إمكانية مواجهة مع إيران، وعلينا ألا ننسى حزب الله والحوثيين وبقية أذرع محور المقاومة.
وعلى الجانب الآخر، نجد حلفاء نتنياهو من المتطرفين القوميين وداعميهم، وهم أقلية في إسرائيل، ومستقبل رئيس الوزراء السياسي على المدى القصير. فبيد حلفائه غير المريحين الفرصة لعزله من السلطة وليس الولايات المتحدة. وخسارة ائتلافه الحكومي هي مخاطرة لا يمكنه تحملها.
وتقوم افتراضاته على أن أفضل طريقة للنجاة هي تدمير ما تبقى من غزة، وبعد ذلك إعلان هزيمة حماس وإعلان النصر ومناشدة الناخب الإسرائيلي دعمه في الانتخابات. وفي الوقت الحالي، لا يزال الأسرى بيد حماس، ولا يتمتع نتنياهو بشعبية، ولا يستطيع تجنب الكارثة مع أنه ماهر في الخروج من الورطات.
ولهذا، فهو يحتاج لانتصار اسمي لا رقصة حرب مهما كان شكلها. وعلق بايدن بعض المساعدات العسكرية لإسرائيل، لكن هذا لن يترك أثره على الواقع العسكري في الميدان. وكما قال بايدن نفسه، فأمريكا ستظل وراء إسرائيل عند الحاجة. فالتخلي عن حليف كإسرائيل ليس خيارا وهو ما يعرفه نتنياهو الذي يقوم بإساءة استخدام فائدة أمريكا وبوقاحة.
ولا يمكن التكهن بدور ضمير نتنياهو في هذه الحسابات، حيث ردّ على المقترح المصري لوقف إطلاق النار ببرود، لأنه لا يعطيه الفرصة للفوز. فقد كان هدفه واضحا منذ وقت، وإن أجّله بسبب رمضان.
ودخلت القوات الإسرائيلية رفح، حتى لو أثبت وقف إطلاق النار أنه نقطة تحول، ليس في هذه الحرب ولكن في محاولة البحث عن السلام الذي يجب أن تعود إليه كل الأطراف يوما ما. وفي النهاية ستتوقف الحرب ويتوقف هدم غزة نظرا لعدم وجود ما يمكن هدمه.
وعند ذلك سنكتشف ثلاث نقاط: الأولى، لا يوجد ما يضمن عدم قيام حماس أو جماعة أخرى بهجوم آخر مثل 7 أكتوبر، أما الثانية فستظل العلاقات بين إسرائيل وجيرانها في المنطقة مثل تركيا والسعودية صعبة. أما النقطة الثالثة، ومتعلقة بنتنياهو، فسيخسر العديد من الأسرى حياتهم، نتيجة للقصف الجوي الإسرائيلي، وهو عمل له آثار عسكية. ولن يبق لدى نتنياهو ما يظهره عبر إدارته لحرب لا يمكن الانتصار فيها.
ويرى كيم سينغوبتا المحلل في الصحيفة نفسها، أن نتنياهو ذهب إلى رفح لإرضاء تحالفه المتطرف، مضيفا أنه حضر نفسه لرفض حماس مقترح وقف إطلاق النار، مما كان سيعطيه الفرصة لشن هجومه على رفح.
وقال إن رد الحكومة الإسرائيلية على إعلان حماس يُظهر أنها لم تكن مستعدة لموافقة الحركة على المقترح. وكان رد نتنياهو بأن المقترح لم يستجب لمظاهر القلق الأمني الإسرائيلية، وقال إن إنهاء الحرب مع بقاء حماس فاعلة أمر لا تقبله دولة إسرائيل.
ولا شك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي هو رهينة المتطرفين في حكومته مثل وزير الأمن إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريش. لكنه قد يجد نفسه في مرحلة ما مضطرا للاختيار ما بين بايدن وبن غفير وعائلات الأسرى أو سموتريتش، كما يقول الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس.
[email protected]
أضف تعليق