بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة (الذي يصادف في 3 أيار/ مايو من كل عام)، نظم مركز "إعلام" مؤتمرًا خاصًا تناول التحديات التي يعاني منها الصحافيون في أراضي 48 في مدينة الناصرة. وشارك فيه عشرات الصحافيين سواء من العاملين في الإعلام المحلي أو الخارجي، وعددٌ من الناشطين والناشطات، وعائلة الصحافيّة الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
وافتتح المؤتمر بكلمة ترحيبية من ميسون زعبي، مُركزة المؤتمر، مُتطرقة إلى نشاط "إعلام" في السياق، كما تطرّقت إلى أهمية المناسبة وتحويلها إلى تقليدٍ سنويّ يلتقي فيه الصحافيون للنظر بصورة شمولية وموسعة في التحديات التي يعانون منها ويعاني منها مجتمعنا.
بعد ذلك عرضت الباحثة والناشطة أفنان كناعنة معطيات بحث عن التضييقيات التي يعاني منها الصحافيون منذ الـ 7.10 والانتهاكات التي رافقت الحدث للصحافيين، مع الإشارة إلى أنّ 48 صحافيًا في الـ 48 تعرضوا لانتهاكات في حين أنّ غزة سجلت 135 شهيدًا إعلاميًا وصحافيّا.
وفي الجلسة الأولى للمؤتمر التي أدارتها الصحافية إيمان جبور وشارك فيها كل من الصحافييْن هناء محاميد وأحمد دراوشة، وأنطوان شلحت، رئيس إدارة مركز "إعلام"، تطرّق المتحدثون إلى الواقع السياسيّ الحالي وإسقاطاته على الخطاب الإعلاميّ، مؤكدين أنّ الصحافيين في الـ 48 لا يعيشون في فراغ هوياتي، والبارز في صفوفهم تأثير الانتماء الهوياتي على عملهم، حيث تُشّكِل هويتهم الفلسطينية بوصلة وتدفعهم نحو العمل في رفع قضايا مجتمعهم وشعبهم، مما يحوّل عملهم الصحافي إلى منحازٍ، علمًا أنّ هذا الانحياز لا يتعارض مع القيّم والقواعد المرتكز عليها الإعلام المهني، نظرًا لأنّ انحيازهم يكون للمستضعف/ للضحيّة، في الوقت الذي تحدد جميع الأدبيات دور الإعلام بضرورة إسماعه صوت المستضعفين والضحايا.
وتناولت الجلسة الملاحقة التي يتعرض لها الصحافي العربي من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية خلال تنقله في الميدان وأيضًا من المجتمع الإسرائيلي الذي تحوّل في الآونة الأخيرة إلى جلادٍ لكل صحافي يبث رواية لا تصب في الإجماع العام الذي تحاول الحكومة الإسرائيلية خلقه لترويج روايتها.
في الجلسة الثانية استمع الصحافيون إلى عددٍ من المؤسسات الدولية وعملها مع الصحافيين والخدمات التي تقدمها، حيث شارك في الجلسة كل من وليد البطراوي، وهو صحافي ومُدّرب في حقوق وحماية الصحافيين وعضو المجلس التنفيذي لمعهد الصحافة الدولي، وموسى صالح، صحافي ومدافع عن الحقوق الرقمية ومدير برنامج في منظمة Internews.
على درب شيرين أبو عاقلة
وفي الجلسة الثالثة تم الإعلان عن الفائزات في منحة الصحافة الاستقصائية على "درب شيرين أبو عاقلة"، بحضور مندوبيْن من عائلة الشهيدة هما طوني أبو عاقلة ولينا أبو عاقلة.
وقُبيل توزيع الجائزة، التي حصلت عليها كل من الصحافيات فاطمة خمايسي ونجمة حجازي وملاك عروق، أثنى طوني أبو عاقلة، شقيق شيرين، على المبادرة والمشروع الذي يهدف لتثقيف النشء والجيل الجديد من الصحافيين الفلسطينيين، قائلا إن "شيرين ومن خلال مسيرتها الصحافية قدمت أغلى ما تملك، وضحت بالغالي والنفيس، ودفعت ضريبة الدم في سبيل نصرة القضية الفلسطينية".
وأكد أن سلطات الاحتلال تعمدت اغتيال شقيقته شيرين التي تعرضت لاستهداف مباشر من قبل قناص إسرائيلي، مضيفا: "المحزن جدا أن الكل يعرف من الذي قام بقتل واغتيال شيرين، لكن دون أن يدان ويحاكم، بدورنا نواصل مسيرتنا من أجل أن تتحقق العدالة وأن تتم محاسبة المسؤولين، وإن كان الأمر صعبا في ظل ممارسات الاحتلال القمعية للشعب الفلسطيني".
في الجلسة الأخيرة جرى نقاش بين الصحافيين والصحافيات حول سبل مواجهة التحديات، وتقديم التوصيات في السياق، حيث أجمع المشاركون على أهمية بناء مساق تدريبي للصحافيين في الـ 48 يدرسه الفاعلون من الصحافيين حاليًا بالميدان ويهدف إلى إكساب الجيل الجديد أدوات إعلامية وصحافية مع تدعيم الهوية السياسية، التي لا يمكن عزلها عن العمل الصحافيّ.
وتخليدًا لمسيرة الصحافية الشهيدة أعلن رئيس إدارة "إعلام"، أنطوان شلحت، خلال الاحتفاء بالفائزات، عن تحويل المنحة إلى جائزة سنوية، وذلك بهدف تشجيع ثقافة الصحافة الاستقصائية في وسائل الإعلام في الداخل الفلسطيني وتخليد إرث الشهيدة وفي صلبه الإخلاص للحقيقة من خلال نقل الواقع.
الصحافي وائل الدحدوح: الصحافي في غزة ينطلق إلى الميدان حاملا الهاجس بأن يكون هو الخبر
يُشار إلى أنّ الصحافي وائل الدحدوح، ابن غزة، والذي تعذّرت مشاركته في المؤتمر لأسباب تقنية، أرسل فيديو مصورًّا تضمن رسالة، مقدمًا التحية للصحافيين في الـ 48 متأملا أنّ اللقاء القادم سيكون وجاهيًا. وتحدث الصحافي دحدوح عما تعرّض له من عدوان أدى إلى استشهاد قسم من عائلته كما أكد أنّ حياة الصحافيين في غزة هي الأكثر دموية مقارنة مع صحافيي العالم حيث ارتقى أكبر عدد من الصحافيين قياسًا مع كل الحروب في العالم. وأشار إلى أنّ واقع الصحافي في غزة مرٌّ ومحفوف بالمخاطر والدماء، فهو يغطي من قلب الموت، ويغادر إلى الميدان حاملا الهاجس بأنه وفي أي لحظة ممكن أنّ يتحوّل هو ذاته إلى الصورة والخبر.
[email protected]
أضف تعليق