أنهت الشرطة الإسرائيلية بعد ظهر اليوم، الخميس، تحقيقها الرابع والأخير مع بروفسورة نادرة شلهوب كفوركيان.

وكانت سلسة التحقيقات هذه قد بدأت في وقت سابق من هذا الشهر الفائت وبالتحديد بتاريخ ١٨\٤\٢٤، عندما قامت الشرطة باعتقال بروفسور شلهوب من بيتها في القدس واقتيادها للتحقيق في شرطة "ميفاسيرت تسيون" في القدس، بعد حضور قوة من الشرطة وبدون إبلاغ مسبق إلى بيتها، واعتقلتها وصادرت الهاتف النقال والحاسوب المحمول وبعض المخطوطات لمحمود درويش وكتابا باللغة العبرية صادرا عن "المعهد الاسرائيلي للديموقراطية" للمؤلف مردخاي كريمنتسير.

وقد تبين لاحقا أنّ الشرطة كانت قد حصلت على أمر اعتقال مسبق، وأمر تفتيش من قبل قاضٍ بمحكمة الصلح بالقدس. وفي نهاية التحقيق معها، أُحضرت صبيحة اليوم التالي للمثول أمام المحكمة بهدف تمديد اعتقالها على ذمة التحقيق لمدة ٧ أيام، وهو طلب رفضته المحكمة عندما أمرت بالإفراج عنها لعدم توافر أسباب للاعتقال. ويذكر أن الشرطة قامت بالاستئناف على هذا القرار امام المحكمة المركزية بالقدس، والتي بدورها رفضت الاستئناف وقامت بالتأكيد على قرار محكمة الصلح بالإفراج عنها بشكل فوري.

ورغم ذلك، واصلت الشرطة ملاحقتها لبروفسورة شلهوب، حيث قامت باستدعائها لثلاثة تحقيقات اخرى كان آخرهما اليوم الموافق ٢/٥/٢٤.

ووفق ما أفاد به المحامي الموكل بالدفاع عن بروفسورة شلهوب كفوركيان، علاء محاجنة، فإنّ التحقيقات تركزت على مقابلة أجرتها شلهوب مع بودكاست المقدسي، تم بثها في بداية شهر آذار/مارس الفائت، عرضت فيه نتائج أبحاث ودراسات أكاديمية أجرتها خلال عملها كمحاضرة في الجامعة العبرية.

وخلال التحقيقات التي أجريت معها، تم توجيه إليها تهم بالتحريض على العنصرية والعنف والإرهاب وايضا تهمة التضامن مع منظمة ارهابية من خلال نشر مديح او دعم او تماهي مع منظمة ارهابية. علما ان النائب العام قد صادق على بدء تحقيق معها فقط بشبهات تتعلق بالتحريض. وخلال التحقيقات تم توجيه أسئلة لبروفسورة شلهوب تتعلّق بمواضيع سياسية مثل مكانة القدس وفق القانون الدولي، وسياسات إسرائيل في القدس المحتلة، وعن حملات الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة منذ أكثر من ٢٠٠ يوم، وعن مصادر معلوماتها في الأبحاث التي أجرتها ومواضيع سياسية عديدة أخرى بالإضافة لمصطلحات أكاديمية وردت في أبحاثها.

وتدّعي الشرطة أن الأبحاث التي أجرتها شلهوب تحرّض على العنف والعنصرية وأن حديثها من خلال البودكاست يعتبر نشرا ترى فيه "تماهيا مع منظمة ارهابية."

وفي مجمل تعليقه على التحقيقات، أفاد محاجنة أنّ التحقيقات وحملة الملاحقة برمتها سياسية في جوهرها، وتأتي بتوجيه مباشر من الوزير المكلف والمسؤول عن الشرطة، إيتمار بن غفير، وهي غير مسبوقة على اعتبار أنّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها التحقيق مع أكاديمي بخصوص أبحاث أجراها، وتم نشرها في دوريات مرموقة تصدر عن جامعات عالمية لها اسمها وثقلها في المجال الأكاديمي. وخلال التحقيقات تم توجيه أسئلة بخصوص هذة الأبحاث والطلب منها تفسير نظريات ومصطلحات تفتقر الشرطة الأساسيات الفكرية والنظرية لفهمها.

ونوّه محاجنة إلى أنّ هذه الأبحاث ليست حديثة، وقد نشرت قبل الحرب على غزة وعلى ما يبدو أنّ السلطات الإسرائيلية سعت من خلال هذا التحقيق إلى وضع قواعد جديدة لحرية التعبير عن الرأي والحرية الأكاديمية، وهو ما يتوافق تماما مع سياسة الملاحقات السياسية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية بحق المواطنين العرب منذ بداية الحرب والتي انعكست في عشرات الاعتقالات التي نفّذتها ضد ناشطين وطلاب وفنانين وشرائح أخرى من المجتمع الفلسطيني، مع العلم أن هذه السلطات امتنعت حتى اليوم عن اتخاذ أي خطوات ضد حملات التحريض التي شنها سياسيون ومحاضرون وفنانون من المجتمع الإسرائيلي والتي ما زالت تبث حتى يومنا هذا، وتعرّض حياة المجتمع العربي وسلامته للخطر.

وقد استهجن محاجنة تصرف النائب العام الإسرائيلي الذي قام بالموافقة على إعطاء الشرطة إذنًا بالتحقيق مع شلهوب، واعتبره انزلاقا خطيرًا نحو منحدر جديد في تقيد حرية التعبير عن الرأي، ولا سيما ان الشرطة لم تلتزم بالموافقة التي حصلت عليها وقامت بالتحقيق معها بعديد من الأمور السياسية والأكاديمية وبنهاية تحقيق اليوم وجهت لها تهم تقع خارج هذه الموافقة، الأمر الذي يثبت مدى تعسفية هذة الاجراءات وعشوائيتها، وبالاساس عدم قانونيتها ومنطقيتها.


وتعود بدايات هذه القضية إلى قرار الجامعة العبريّة، التي أعلنت يوم ١٢\٣\٢٤ عن تعليق عمل شلهوب - كفوركيان عن مهامها التدريسيّة على خلفيّة تعبيرها عن مواقفها المناهضة والرافضة للإبادة الجماعيّة الجارية في غزّة منذ ٧\١٠. واستنكرت الجامعة في قرار التعليق أقوال شلهوب - كفوركيان المناهضة للصهيونيّة واعتبارها للحرب على غزّة حربَ إبادة وتجويع. وجاء قرار تعليق عمل شلهوب - كفوركيان نتاجًا لحملة تحريضيّة ضدّها قادتها أوساط في المجتمع الإسرائيليّ، من ضمنها إعلاميين ووزراء وأعضاء كنيست، جرّاء مواقفها من الحرب.


وقد تراجعت الجامعة العبريّة لاحقا عن قرارها بتعليق عمل بروفسور شلهوب – كفوركيان، وقرّرت عودتها الفوريّة لمزاولة كافّة مهامها في الجامعة، وذلك في أعقاب جلسة عقدت اليوم الأربعاء ٢٧\٣\٢٤ بمشاركة بروفيسورة شلهوب-كفوركيان والمحاميّ محاجنة.

وعلى الرغم من تراجع الجامعة العبرية عن خطواتها غير القانونية بحق شلهوب والتوضيح الذي نشرته الجامعة بهذا الخصوص، إلا أن حملات التحريض ضدها استمرّت بل وزادت حدتها من قبل سياسيين ووسائل إعلامية وأوساط يمينية وعلى رأسهم الوزير بن غفير، الذي أوعز للشرطة بالبدء بالتحقيقات الجنائية ضدها بهدف التخويف والانتقام، حيث جاءت هذة الاجراءات بعدما فشلت محاولات الجامعة انهاء عملها لعدم توافر اساس قانوني للقيام بذلك.


وتعّبر شلهوب - كفوركيان عن امتنانها للالتفاف والتضامن المحلّيّ والعالميّ، الأمر الذي شكّل حجر الأساس لثباتها أمام الهجمة التحريضيّة المسعورة التي تتعرّض لها منذ أشهر، وشدّدت على ضرورة الاستمرار في التصدّي لسياسة تكميم الأفواه والترهيب التي تنتهجها إسرائيل منذ ٧\١٠ والواجب الأخلاقيّ للعمل على وقف الحرب الإسرائيليّة والإبادة الجماعيّة في قطاع غزّة. وتخص بالشكر مركز عدالة ومديره الدكتور حسن جبارين على مجهودهما ومرافقتهما لهذه القضية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]