يحتدم السجال في إسرائيل حول طبيعة الرد اللازم على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي جاء في الأصل ردًا على قصف السفارة الإيرانية في دمشق وقتل 7 ضباط إيرانيين، وسط تحذيرات من خبراء عسكريين إسرائيليين من المبادرة إلى حرب ضد إيران، يُقابلها تحريض من وزراء لتوجيه ضربة غير مسبوقة.
الجدل بين "النخبة السياسية" يتركز حول كيفية الرد على الهجوم الإيراني وموعد الرد، وعدم التوصل إلى قرار حاسم يعود إلى الضغط الأمريكي الذي يقوده جو بايدن
القناة 13 الإسرائيلية، قالت إن الجدل بين "النخبة السياسية" يتركز حول كيفية الرد على الهجوم الإيراني وموعد الرد، وعدم التوصل إلى قرار حاسم يعود، بحسب القناة، إلى الضغط الأمريكي الذي يقوده جو بايدن لأن يكون أي رد إسرائيلي منسجمًا مع نتائج الهجوم الإيراني.
وبدأ الجدل حول الرد منذ اجتماع مجلس الحرب الذي بدأ في مقر هيئة الأركان قبيل الهجوم الإيراني واستمر لعدة ساعات بالتزامن مع الهجوم، فالقناة 12 تحدثت عن جدل ساخن بين أعضاء مجلس الحرب في الاجتماع، فبعضهم قال إن معادلة الرد يحب أن تكون "العين بالعين"، بينما البعض الآخر رأى أنه بالنظر إلى حجم التهديد ينبغي الانتظار وحساب كيفية الرد.
وأكدت القناة 12 أن أحد الاعتبارات الرئيسية في قرار الرد هو الضغط الدولي، مبينة أن الأمريكيين يضغطون من أجل الرد على المستوى الدبلوماسي، ويحاولون تجنب زيادة التوتر، لكن يسود اعتقاد في إسرائيل أنه لا يوجد فيتو أميركي ضد الرد الإسرائيلي، باستثناء وجوب التنسيق الوثيق مع الشركاء الرئيسيين في المنطقة.
وأشارت القناة 12 أنه بالرغم من نشر البيت الأبيض بيانًا أكد فيه التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على أمن إسرائيل، إلا أن وسائل الإعلام الأمريكية نشرت بعد وقت قصير من مكالمة بايدن ونتنياهو أن بايدن أبلغ نتنياهو بأن الولايات المتحدة لن تدعم هجومًا إسرائيليًا على إيران.
تحذيرات من الهجوم بدون أمريكا
من جانبه، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع، دعا في لقاء أجرته معه القناة 13 إلى عدم المبادرة لشن حرب على إيران بدون دعم أمريكي، مؤكدًا أن إسرائيل "عاجزة عن شن حرب بمفردها".
وحذر يوسي يهوشع من تكرار سيناريو وحدة الساحات الذي حدث في مواجهات أيار/مايو 2021، وإلى جانب ذلك انهيال الصواريخ من لبنان على شمال فلسطين، "فمن يعتقد أنه قادر على مهاجمة إيران وحزب الله بدون اﻷمريكيين، فيبدو أنه ﻻ يعرف طبيعة وحدود قدرة الجيش اﻹسرائيلي".
ولا يخفي خبراء إسرائيليون قناعتهم أن بنيامين نتنياهو يحاول الدفع إلى حرب مع إيران تكون معها الولايات المتحدة مضطرة إلى الدخول في القتال. لكن، برأي رئيس مجلس الأمن القومي السابق غيورا آيلاند، فإن الحدث بين إيران وإسرائيل انتهى بخلاف رغبة نتنياهو، الذي يتطلع إلى تطوير الأزمة لتصل إلى حرب يستدرج واشنطن إليها، بحسب قوله في حديث للإذاعة العامة.
يوسي يهوشع: من يعتقد أنه قادر على مهاجمة إيران وحزب الله بدون اﻷمريكيين، فيبدو أنه ﻻ يعرف طبيعة وحدود قدرة الجيش اﻹسرائيلي
وقال غيورا آيلاند: "حلم نتنياهو، ليس منذ اﻵن، بل على اﻷقل منذ عام 2011 أنه عند وقوع حدث كهذا مع إيران، فإن إسرائيل ستهاجم إيران، وسيرد اﻹيرانيون بعنف، ولن يكون أمام الوﻻيات المتحدة أي خيار، سوى مهاجمة إيران، وبذلك نصل إلى النتيجة المرغوبة من قبل إسرائيل".
ورأى آيلاند، أن الحدث كما يبدو انتهى، لأن جو بايدن يعرف نتنياهو بشكل جيد، والأخير يعرف أنه لن يستطيع الرد على إيران دون موافقة أمريكية.
يوسي ميلمان، خبير الشؤون الاستخبارية والعسكرية، قال في حديث مع التلفزيون الإسرائيلي "كان"، إن إعادة تشغيل المطار وفتح المجال الجوي هما مؤشران أن إسرائيل هذه المرة لن ترد على الهجوم بشكل انفعالي، مضيفًا، أن "على إسرائيل تقليل عدد الجبهات، من أجل وقف اﻻستنزاف المتبادل، وانتظار الفرصة المناسبة، فاﻻنتقام وجبة تكون ألذ عندما تقدم باردة" وفق تعبيره.
بينما رأى الخبير في شؤون منطقة الخليج وإيران شاؤول يناي، أن أي هجوم إسرائيلي على إيران قد يكون مجديًا عملياتيًا ولكن ليس استراتيجيًا، فالجدوى الاستراتيجية هي موضع شك كبير، مبينًا أنه يعتقد بأن المستوى السياسي تقبل نتائج الهجوم.
تحريض من أعلى المستويات
الوزيران في مجلس الحرب غادي آيزنكوت وبيني غانتس، وبينما كانت الطائرات في طريقها إلى إسرائيل، طلبا من مجلس الحرب -الذي كان منعقدًا في تلك اللحظة- باتخاذ إجراءات فورية ضد إيران، في نفس وقت الهجوم، خوفًا من أن تبدأ ضغوط دولية على إسرائيل بعد أن تتبين نتائج الهجوم لمنعها من المبادرة لتوجيه ضربة ضد طهران.
وسارع مكتب بنيامين نتنياهو إلى الرد على التسريبات بخصوص غانتس وآيزنكوت، التي نشرتها القناة 12 والقناة 13، وقال في بيان إن المعلومات التي تظهر بأن غانتس وآيزنكوت طلبا الرد على إيران ونتنياهو هو من عارض ذلك هي كاذبة وعكس الحقيقة تمامًا.
وذهب وزراء آخرون في حكومة نتنياهو إلى مواقف أكثر تشددًا من التي نُقلت عن غانتس وآيزنكوت، فوزير المالية بتسلئيل سموتريتش دعا إلى هجوم "يتردد صداه في الشرق الأوسط لأجيال مقبلة"، مدعيًا أن هذا الرد هو الذي يضمن لإسرائيل الانتصار، والتقاعس عنه سيجعل إسرائيل في "خطر وجودي".
وقال: "هذه لحظة القيادة القادرة على استعادة قدرة الردع. القيادة التي تملك الشجاعة ﻻستعادة اﻷمن لمواطني إسرائيل، ليس بالشعارات بل باﻷفعال".
من جانبه، وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير دعا إلى "التصرف بجنون من أجل خلق قوة ردع في الشرق الأوسط" حسب تعبيره، وقال: "يحظر على إسرائيل أن يكون ردها ضعيفًا، على هيئة قصف كثبان الرمل الذي كنا نراه في غزة، نهج اﻻحتواء والتناسبية في الرد انقرض من العالم في السابع من أكتوبر".
كذلك، أكد وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش: "سيكون هناك هجوم على إيران بشكل لا لبس فيه". كما قال وزير المناعة القومية يتسحاك فاسرلوف: "يجب أن نرد بشدة، وهناك فرصة تاريخية للرد بشكل غير مسبوق ولشل منظوماتهم العسكرية والمدنية".
التصريحات من أعضاء كنيست في حزب "الليكود" وحتى من الوزراء ليس بالإمكان اعتبارها تغريدًا خارج سرب نتنياهو، بل إنهم ربما يفعلون ذلك بناءً على رغبته
وأشار الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب أن دعوات الرد خرجت أيضًا من أعضاء كنيست ينتمون إلى حزب "الليكود"، من بينهم تالي غوتليب، التي قالت إن "إسرائيل إذا لم تهاجم إيران الآن، فلن تهاجمها أبدًا".
وبيّن أنس أبو عرقوب، أن هذه التصريحات من أعضاء كنيست في حزب "الليكود" وحتى من الوزراء ليس بالإمكان اعتبارها تغريدًا خارج سرب نتنياهو، بل إنهم ربما يفعلون ذلك بناءً على رغبته.
وكان مقررًا أن يعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اجتماعًا، اليوم الإثنين، مع قادة المعارضة حول موضوع الرد على إيران، لكن تم تأجيل الاجتماع "بسبب ازدحام جدول أعمال نتنياهو".
[email protected]
أضف تعليق