كشف مدير عام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عزمي بشارة، عن مقترح أمريكي يجري نقاشه مع السلطة الفلسطينية وأطراف عربيّة للدفع باتجّاه الاعتراف بدولة فلسطينية دون تحديد حدودها، وهو ما رأى فيه "خطوة بلا معنى" ستفرّغ موضوع الدولة من مضمونه.
عزمي بشارة: الاعتراف بدولة فلسطينية دون تحديد حدودها "خداع"، والولايات المتحدة تقول اعترفوا بدولة، دون الحديث عن حدودها
وأوضح عزمي بشارة في مقابلة على "التلفزيون العربي"، بُثّت مساء الأحد، أنّ الفكرة الأمريكية التي يجري نقاشها فيما يخص الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تأتي وكأنها مكافأة لتقوية معسكر الاعتدال الفلسطيني (السلطة الفلسطينية) مقابل ما يجري في غزة.
وأشار إلى أنّه وفي ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واتّساع رقعة التضامن مع الشعب الفلسطيني والاحتجاج على الجرائم الإسرائيلية، تطرح أيضًا دول مثل إسبانيا، وإيرلندا، وربما البرتغال وبلجيكا ومالطا وأستراليا واسكتلندا، فكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، من باب تعاطفها الحقيقيّ، ومن باب أنهم لا يدرون ماذا يفعلون.
وحذّر بشارة من أنّ هذه الخطوة ستكون بلا معنى إذا لم توضِّح أن الدولة الفلسطينية التي سيجري الاعتراف بها، تقام على حدود الرابع من حزيران عام 67، بما فيها القدس الشرقية، وإذا لم يكن هذا التحديد واضحًا في الاعتراف الدوليّ فإنّ ذلك "إجهاض للنضال الفلسطيني ولفكرة الدولة" لإن ذلك "تعويض عن إزالة الاحتلال بألقاب معنوية".
بشارة: تخطط واشنطن لاعتراف بدولة فلسطينية دائمة العضوية في الأمم المتحدة، من دون الطلب الواضح بانسحاب إسرائيل من أراضي 67
وبيّن مدير عام المركز العربي عزمي بشارة أنّ الأولوية الآن هي لوقف النار في غزة، وأنّ الاعتراف دون حُدود -كما يطرح- هو اعتراف بدولة دون أرض، ودون ممارسة للسيادة، وهي قضية معنوية ستنتهي فقط إلى رفع ممثليات السلطة إلى سفارات، ورفع التمثيل في الأمم المتحدة، أي أنها خطوة معنوية.
وقال إن مشكلة الفلسطينيين بالدرجة الأولى تتمثّل في إزالة الاحتلال، وحين يحصل الفلسطيني على اعتراف بدولة واضحة الحدود، فإن هذا يدفعه للقول إن أرضه محتلة، وأن الاستيطان يتّسع في أرضه، كما أن "إسرائيل" تحتل عاصمته، وإذا لم يحدث هذا فقد تصبح الخطوة سلبية الأثر، لأنه يعيد الفلسطيني إلى نقطة الصفر، بمعنى أن أرضه قد تصنّف أنها تحت النزاع، وبالتالي فإن هذه الخطوة تراجع عن قرار مجلس الأمن (242).
وأشار إلى أنّ الإنجاز الدبلوماسي يعدّ إنجازًا حين تعتبر تلك الدول أنّ أراضي الضفة وقطاع غزة هي أراضي وحدود الدولة الفلسطينية بالفعل، وأنّ هذه الأراضي محتلة الآن، وهذا يُشكّل اختلافًا عن الاعتراف بدولة غير واضحة الحدود والمعالم.
هل يمكن للسلطة أن ترفض اعترافًا غير واضح بالدولة الفلسطينية؟
رأى عزمي بشارة أنّ على السلطة الفلسطينية أن ترفض اعترافًا بدولة فلسطينية غير واضحة المعالم والحدود، وتقول لا نريده، لكنّه لا يتوقع حدوث ذلك، لأنّ السلطة الفلسطينية حاليًا ليست إطارًا لأي مواجهة، في ظل عدم مقدرتها على حماية الفلسطيني في مواجهة المستوطنين بالضفة الغربية.
بشارة: منح لقب "دولة" للسلطة الفلسطينية، التي جاءت نتاج اتفاق أوسلو الذي تنازل من وقّع عليه عن حركة تحرر وطني معترف بها دوليًا مقابل سلطة وظيفية دون سيادة، هو خداع يؤدي إلى إجهاض النضال الفلسطيني
وقال إنّ من وقّع على اتفاق أوسلو تنازل بالأساس عن حركة تحرر وطني معترف بها دوليًا، مقابل "سلطة بدون سيادة"، ثبت مع الوقت أنها رهينة للاحتلال وبدون سيادة، وأنها سلطة وظيفية، وأنّ إطلاق لقب "دولة" دون حدود واضحة، مجرد توصيف أو تسمية لصيقة أنّ هذه دولة فقط، وهذا إجهاض للنضال.
وتطرّق إلى أن اتفاق أوسلو لم يتحدث عن دولة، إنما تحدث عن تأجيل قضايا الحل النهائي التي ظلّت مؤجلة اليوم، وخلال هذه المدّة اتسعت رقعة الاستيطان في الضفة ومصادرة الأراضي.
وأشار إلى أنّ جورج بوش كان طرح فكرة الاعتراف الدولة الفلسطينية غير أن اريئيل شارون نسف كلّ الخطة، ثم عاد وطرحها باراك أوباما، وأبدى بنيامين نتنياهو التزامًا بذلك سابقًا، لكنّه ربط الدولة الفلسطينية بـ "مقتضيات الأمن الإسرائيلي" وهو ما عنى عدم الانسحاب إلى حدود حزيران، وعدم تفكيك الكتل الاستيطانية الكبيرة، وعدم الانسحاب من القدس، بالتالي لم يتم تنفيذها، ويتم إعادة طرحها اليوم للاعتراف بها بهذا الشكل.
[email protected]
أضف تعليق