قدمت مجموعة من مؤسسات حقوق الانسان التماسًا للمحكمة العليا اليوم مطالبة بإصدار أمر لحكومة إسرائيل ورئيس الحكومة ووزير الأمن ومنسق أعمال الحكومة في المناطق، بالسماح بوصول كافة المساعدات والمستلزمات وطواقم الإغاثة إلى قطاع غزة، وخصوصًا إلى شمالي القطاع. أيضًا لزيادة كمات المساعدات للقطاع وتوفير كل ما هو مطلوب لنجاة السكان المدنيين وفقًا لالتزامات إسرائيل كقوة احتلال. كل هذا على خلفية الوضع الإنساني الكارثي والأضرار الجسيمة التي ألمت بالسكان المدنيين في غزة الناتجة، من بين أمور أخرى، عن التقييدات التي تفرضها إسرائيل على توفير الاحتياجات الضرورية ودخول المعدات والطواقم الاغاثية لغزة، وخصوصًا لشمال القطاع. قدمت مؤسسة "چيشاه-مسلك" هذا الالتماس بالتعاون مع هموكيد – مركز الدفاع عن الفرد، أطباء لحقوق الانسان - اسرائيل، جمعية حقوق المواطن ومركز عدالة.
الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على غزة، الذي جاء بعد الأعمال المروعة التي ارتكبتها حماس ومسلحون اخرون في 7 تشرين أول، والحصار الذي تفرضه على القطاع منذ أكثر من خمسة أشهر، أدى إلى أزمة إنسانية كارثية في غزة: 75% من السكان اجبروا على النزوح من بيوتهم والانتقال إلى جنوبي القطاع. يموت الأطفال والنساء والرجال والمسنين كل يوم نتيجة الهجمات العسكرية وأيضًا نتيجة للجوع وانعدام المياه الصالحة للشرب، من نقص حاد في الأدوية والخدمات الطبيّة وانعدام ظروف الصحة الأساسية. الوضع خطير بشكل خاص في شمالي القطاع حيث لا زال يتواجد ما يقارب 300 ألف شخص بحالة سوء تغذية حادة، مما أدى إلى وفاة عشرات السكان غالبيتهم من الأولاد والبنات.
الوضع الإنساني في غزة كان صعبًا حتى قبل الحرب الحالية، ويرجع ذلك في المقام الأول للإغلاق الذي فرضته إسرائيل وهجماتها المتكررة على القطاع. القرارات الإسرائيلية منذ بداية الحرب، منها وقف امداد الكهرباء كليًا للقطاع والحد بشكل كبير من امدادات المياه والوقود، حظر دخول المواد لمدة أسبوعين والاستمرار بتقييد دخول المساعدات، خصوصًا لشمالي غزة، فاقمت الأزمة الإنسانية بشكل كبير وأضرت بعمل البنية التحتية المدنية الأساسية وخلقت نقصًا في المواد الاساسية يهدد الحياة. أدى تواصل الحرب وأضرارها الواسعة، للأراضي الزراعية على سبيل المثال لا الحصر، إلى شلل قطاعات الصناعة وغالبية الإنتاج الغذائي في القطاع.
ادعاءات جهات رسمية إسرائيلية أنه لا يوجد أي قيود على المساعدات التي تصل للقطاع، لا تتوافق مع ما يحصل على أرض الواقع: بموجب وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات لا حكومية تعمل في غزة، تمنع إسرائيل وصول المساعدات عن طريق معوقات تفرضها على فحص البضائع ودخولها عن طريق معبري رفح وكرم أبو سالم، وعلى إمكانيات توزيع المساعدات في أرجاء قطاع غزة. تحظر إسرائيل بشكل ممنهج وصول قافلات المساعدات لشمالي القطاع ولا توفر الحماية لطواقم الإغاثة من القصف أو من أخطار أخرى تواجهها في ظل غياب جسم مدنيّ مسؤول عن النظام.
أوضحت المؤسسات أن الادعاءات لاحتياجات عسكرية أو سرقة المساعدات لا يمكنها أن تبرر تقييد اسرائيل للإمدادات أو انتهاك واجبها بالسماح لجهات الإغاثة بالقيام بعملها، ولا تبرر انتهاك واجبها لحماية السكان والتعامل بشكل انساني اتجاه المدنيين المحميين. الخطوات التي تتفاخر بها إسرائيل، كإنزال المساعدات المحدود من الجو أو فتح مجال بحري أو رصيف عائم بتكلفة باهظة حيث بناءه يستغرق أسابيعًا طويلة وفعاليته موضع شك، لا يمكنها أن تلبي احتياجات أكثر من مليوني مدنيّ في القطاع وهدفها هو ذر الرماد في عيون العالم والتهرب من الالتزام بواجبها.
شدد الالتماس على أن عدم قيام إسرائيل باتخاذ خطوات فورية وفعّالة لزيادة امدادات المساعدات لكافة سكان غزة تشكل انتهاك لالتزاماتها بموجب القانون الإسرائيلي وانتهاك صارخ لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، سواء كونها جهة في القتال أو كقوة احتلال، وايضًا انتهاكًا للحكم المؤقت الذي نصت عليه محكمة العدل الدوليّة. "لا تفي إسرائيل هذه الالتزامات. بل العكس، الوضع على أرض الواقع يشير إلى أنها تقوم، من بين أمور أخرى، بالعقاب الجماعي الذي قد يصل إلى حد التجويع كآلية حرب، بالإضافة إلى انتهاك تعليمات أخرى تفرض عليها واجب السماح بمرور المساعدات الإنسانية اللازمة بشكل سريع ومن دون عراقيل، وحتى توفير السلع اللازمة من أجل تلبية احتياجات المدنيين الإنسانية الضرورية". جاء أيضًا في الالتماس أن "حقيقة أن الأطفال ماتوا وما زالوا يموتون في شمالي القطاع نتيجة للجوع، يجب أن تصدم ضمائر [مندوبي الحكومة] والمجتمع الإسرائيلي وكافة العالم. لكن [مندوبي الحكومة] لم يغيروا شيئًا من سياستهم، بل ويتابعون بالدوس على حقوق الانسان الأساسية لسكان قطاع غزة، حتى الأولاد منهم".
[email protected]
أضف تعليق