نشرت صحيفة “واشنطن بوست”الأمريكية يوم أمس اأحد تقريرا عن الوضع الكارثي لمستشفيات قطاع غزة المستهدفة من قبل الجيش الاسرائيلي، ووضع أطباء القطاع الذين يتعرضون لـ “التهجير أو الاعتقال أو الاستشهاد”، كما أشارت في عنوانها.
وتبدأ الكاتبة بقلم ميريام بيرغر تقريرها بقصة طبيب تخدير، الذي لم “يكن بعد 4 أشهر من العمل القاسي والفظاعات، يريد مغادرة عمله في مستشفى ناصر الطبي بخان يونس الشهر الماضي عندما اقتربت منه دبابات الإحتلال، ولكنه كان يعرف أن الأطباء في غزة، سيلقون عند الجيش الغازي في زمن الحرب أحد 3 أمور، إما التهجير، وإما الاعتقال، وإما الموت”.
وأشارت إلى “مخاوف طبيب التخدير الذي فر من خان يونس، خشية أن يجبر على خلع ملابسه والجلوس معصوب العينين، والتعرض لما شاهده من صور الإذلال المنشورة عبر الإنترنت، وما سمع من الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون الذين تم اعتقالهم من سكان غزة في سجون الاحتلال السرية ، خاصة و أن لديه 6 أطفال وأسرة كبيرة في رفح تعتمد عليه”.
وروى الطبيب تجربته لصحيفة “واشنطن بوست”، بشرط عدم الكشف عن هويته، من أجل سلامته. وقال الطبيب عبر الهاتف من رفح إنه فر من المستشفى حزينا يوم 26 يناير/كانون الثاني، وانضم إلى الكادر المتنامي من العاملين الطبيين النازحين في قطاع غزة، وهو الآن يعيش في خيمة من النايلون.
فر طبيب التخدير مع 3 عاملين طبيين آخرين، لكنه كان الوحيد الذي تمكن من الوصول إلى رفح بعد أن عاد رفاقه بسبب الخوف إلى المستشفى
وفر طبيب التخدير مع 3 عاملين طبيين آخرين، لكنه كان الوحيد الذي تمكن من الوصول إلى رفح بعد أن عاد رفاقه بسبب الخوف إلى المستشفى، ويقول “كان هناك الكثير من الطلقات النارية والكثير من الدمار، واضطررت إلى المغادرة لأن لدي عائلة كبيرة أنا مسؤول عنها”.
ويعتقد طبيب التخدير أن زملاءه الثلاثة هم الآن من بين 70 طبيبا وممرضا وفنيا طبيا اعتقلتهم قوات الاحتلال من مستشفى ناصر واحتجزتهم حسب وزارة الصحة في غزة، مشيرا إلى أنه ربما يكون قد عبر نقاط التفتيش لأنه كان يحمل طفلا وجده وحيدا وسط فوضى الفرار.
ويلفت التقرير إلى أنه “يوجد أكثر من 100 من العاملين في المجال الطبي في سجون الإحتلال ، ولا يُعرف مكان وجودهم ولا حالتهم تحديدا”.
فروا من منازلهم |
وترجح وزارة الصحة أن يكون الباقون نازحين، وقال مسؤول الوزارة أحمد شطات إن معظم الأطباء فروا من منازلهم إلى الجنوب ويعيش معظمهم في خيام، ويكرسون أيامهم لمحاولة العثور على الطعام والماء حتى يتمكنوا هم وعائلاتهم من البقاء على قيد الحياة.
وأكدت الصحيفة أن “كثيرا من الأطباء يخشون العودة إلى القطاع الطبي وأزماته الحادة، حيث يقف سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على حافة المجاعة -وفقا للأمم المتحدة– وتنتشر بينهم الأمراض المعدية، ويحذر المحللون وعمال الإغاثة من أن الجوع والمرض يمكن أن يقتلا عددا أكبر من الناس مقارنة بالأسلحة الإسرائيلية”.
ولفتت إلى أنه لا يزال عدد قليل من المستشفيات والمرافق الطبية في غزة مفتوحا ولو جزئيا، كما تقول الصحيفة.
وقد وجه كريستوفر لوكيير، الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود، سؤالا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قائلا “كيف يمكننا الحفاظ على أي نوع من الاستجابة عندما يتم استهداف العاملين في المجال الطبي ومهاجمتهم وتشويه سمعتهم بسبب مساعدتهم للجرحى؟ لا يوجد نظام صحي يمكن الحديث عنه في غزة. قام جيش الاحتلال بتفكيك المستشفيات، الواحد تلو الآخر”.
وأشار تقرير “واشنطن بوست” إلى “أن إسرائيل تقول إن الأطباء والمستشفيات يوفرون الغطاء لمقاتلي حركة (حماس)، ولكن أطباء فلسطينيين ومتطوعين طبيين دوليين أكدوا أنهم لم يروا أي علامة على وجود نشاط مسلح.
ونوه إلى أن جماعات حقوق الإنسان تؤكد أن الغارات الإسرائيلية على المنشآت الطبية والمهنيين الطبيين تنتهك القانون الدولي، ولا تتناسب مع أي تهديد يشكله المسلحون الذين ربما كانوا في المستشفيات.
ولفت التقرير إلى أن إسرائيل تحتفظ بسلطة احتجاز سكان غزة دون تهمة بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين لعام 2002، وهو شكل من أشكال الاعتقال الإداري الذي تقول جماعات حقوق الإنسان إنه ينتهك القانون الدولي.
وقالت بدور حسن، الباحثة في منظمة العفو الدولية إنه “يمكن النظر إلى احتجاز هؤلاء الأطباء باعتباره امتدادا للهجمات على المستشفيات والمرافق الطبية، التي من المفترض أن تكون محمية بموجب القانون الدولي”.
وذكر التقرير أن بعض الأطباء النازحين أنشأوا عيادات مجانية في المخيمات والملاجئ للنازحين، ويعمل طبيب التخدير عدة أيام في الأسبوع في مستشفى النجار في رفح، وهو لا يشعر بالأمان، خاصة عندما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يتجه نحو رفح، “إذا حدث شيء لرفح أين يمكننا أن نذهب؟”.
[email protected]
أضف تعليق