عرض مسرح القطان، في رام الله يوم الخميس، ضمن برنامج مساحات، فيلم (مصور غزة الأول - كيغام جغليان) من إخراج مروة جبارة طيبي، وإنتاج الجزيرة الوثائقية. تناول الفيلم قصة المصوّر الأرمني الذي انتقل من القدس إلى غزة في العام 1945، وافتتح فيها أول استديو تصوير تحت اسم "كيغام استديو".
يعرفنا الفيلم على كيغام وغزة من أرشيفه المتنوّع وعائلته ومختصّين في مجال الصورة، لنكتشف المدينة بعدسته الحرة لأول مرة وبعين غير عين الاحتلال الإنجليزي، لنرى كيف نجح في تحويل الصورة إلى حالة شعبية متوافرة لجميع المواطنين.
نوهت المخرجة جبارة طيبي بأن هذا العرض يأتي تكريماً للشهيد مروان ترزي، جامع أرشيف كيغام، الذي استشهد مع زوجته وعدد من أفراد أسرته، جراء قصف الاحتلال كنيسةَ بروفيريوس للروم الأرثوذوكس التي لجأ إليها، بعد قصف بيته ومكتبته، ليندثر جراء القصف جزء كبير من الأرشيف.
تقول جبارة: "أرشيف كيغام وحارسه كانا من شهداء الحرب على غزة، ولحسن الحظ أننا قابلناه في حياته، ووثقنا هذا الكنز الذي كان غالياً عليه، مشيرةً إلى أن معظم طاقم العمل وغالبية من ظهروا فيه باتوا اليوم للأسف شهداء أو مفقودين أو خارج غزة، فمدير التصوير بلال سالم اختفى فترة طويلة بعد استشهاد أكثر من 126 شخصاً من أفراد عائلته، أما الباحثة والمنتجة الميدانية وجيهة الأبيض التي عملت في إعداد الفيلم فاضطرت إلى مغادرة القطاع خلال الحرب.
دار نقاش قيّم وثريّ وبنّاء بعد عرض الفيلم، أدارته الإعلامية مي أبو عصب، التي قالت: "تحول الفيلم من أرشيف أحد مصوري فلسطين إلى سيرة مدينة، ليشكل مصدرا لصور وأماكن وأشخاص لم يعودوا موجودين معنا بعد خسارتهم في الإبادة الجماعية المستمرة حتى مساء عرض الفيلم، ليصبح الفيلم شاهداً على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق البشر والحجر والشجر والأرشيف".
بدأ وزير الثقافة السابق، نائب رئيس جامعة دار الكلمة د. إيهاب بسيسو الحوار بقراءة نقدية للفيلم، أشار فيها إلى أهميته في سياق سلسلة "مصوري فلسطين"، مؤكداً أن توثيق أرشيف كيغام مهم جداً، إلا إنه أصبح أشد أهمية الآن جراء ما نشاهد من دمار في غزة، وأضاف: مؤسف لي أن أخبركم أن كل المشاهد التي ظهرت في الفيلم دمرت باستثناء مقبرة الإنجليز. هذه نقطة يجب أن نتوقف عندها ونسأل الكثير من الأسئلة.
وأشار بسيسو إلى أن تجربة كيغام تستحق الدراسة، فالرجل الذي نجا من المذبحة الأرمنية، قرّر التوجه إلى غزة، للبحث عن فرصة استثمارية، عبر افتتاح أول استديو تصوير في المدينة حمل اسمه، ليبدأ في إنشاء صناعة فوتوغرافية لم تكن سائدة وقتها. بدأ كيغام تحرير هذه المعرفة عبر الصورة، منتصراً ليوميات الفلسطينيين وحيواتهم.
بدوره، علق الصحافي وليد بطراوي على الفيلم منوهاً بانه شاهده مرتين، لافتاً إلى أن "المرة الأولى كانت قبل الحرب وسعد بها كثيرا، لكن مشاهدة الفيلم الآن باتت مؤلمة جدا، ذلك أن أغلب الأماكن التي صورت لم تعد موجودة بعد أن دمرتها الحرب. ناهيك عن تدمير الأرشيف.
من جهتها، عبرت د. دلال عريقات عن إعجابها بالفيلم، منوهة بأن الفيلم مهم جدا كونه يوثق أرشيفا مهما جداً. وتابعت: قد تكتفي المخرجة بأنها وثقت مرحلة تاريخيّة محددة من خلال فيلم يسرد قصة المصور كيغام إلا إنها لم تكن تدرك أن هذا الفيلم عنصر مهم جداً للتوثيق في إثبات جريمة الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فحسب المادة الثانية من اتفاقية مكافحة جريمة الإبادة الجماعية تعرف الإبادة بمجموعة أفعال ترتكب بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية…. من هنا فإن تدمير الاحتلال الإسرائيلي الأرشيف الفلسطيني سواء بشكل جزئي أو كامل هو محاولة للقضاء على الموروث الثقافي الفلسطيني الذي يعد جزءا من تكوين الهوية، وبالتالي نستطيع الجزم بأن توثيق تدمير الأرشيف من خلال هذا الفيلم بمثابة دليل يجب أن يحال إلى محكمة العدل الدولية لتعزيز ملف قضية اتهام إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة في غزة، مشددة على أنها تسعى لكي يضاف كدليل في محكمة الجنايات الدولية على ارتكاب إسرائيل حرب إبادة ثقافية في غزة، وأن استهدافها الأرشيف مخالفة للقانون الدولي.
ترك الفيلم أثرا كبيرا على المشاهدين، خاصة أن مشاهد مخيمات اللجوء في الـ 48 ووالـ 67 باتت تتكرر الآن، بما في ذلك مشاهد الأطفال الذين يتدافعوا على الدور للحصول على المياه والطعام لأسرهم، غابت كاميرا كيغام عن غزة مع غيابه، وغابت الكاميرات الدولية، ولم يبق لغزة سوى أبنائها ليوثقوا أهوال حرب الإبادة الهمجية.
كواليس تصوير فيلم مصور غزة الأول - كغيام جغليان
https://drive.google.com/drive/folders/15llVvJIBd4F27mEtzme25JbM9IcidAif
[email protected]
أضف تعليق