حاور موقع بكرا المحامي د.أحمد أمارة، الباحث في مركز مدار، وتساءل معه، حول تقييمه للنقاش في محكمة الجنايات الدولية، وهل الطعون من قبل جنوب افريقيا قد تصل إلى مرحلة ادانة إسرائيل بإبادة جماعية؟

كما تطرق الحوار معها الى مسألة اختيار القاضي براك، وأي مدلولات يحمل؟ علمًا انه سبق وأن شرعن قرارات تنتهك القانون الدولي (منها سياسة الاغتيالات). 

وقال د.أمارة خلال الحديث معه: "بما يخص مرافعة فريق المحامين من قبل جنوب افريقيا، من الواضح انه تم توزيع أدوار، والتشديد على نقاط وعناصر مهمة، بالنسبة لأمرين: اولًا إثبات القضية عامةً، أن هناك ارتكاب جريمة إبادة شعب، وثانيًا عرض الأدلة الكافية في هذه المرحلة ليس لإثبات الجريمة، وانما لاستصدار الأمر الاحترازي، وهو أمر مؤقت لاتخاذ تدابير معينة، لمنع استمرار الجريمة ولحماية حقوق الفلسطينيين، وهذا يشمل وقف إطلاق النار ومنع بيع أسلحة لإسرائيل، فتح الحدود والمعابر، وفك الحصار من أجل مساعدات انسانية، ودعم بأدوية لمستشفيات وغيره".

وأضاف: "التركيز الذي كان مهمًا من قبل الفريق، هو عنصر القصد أو النية، بما بخص الجريمة، بمعنى انه يمكنك ارتكاب جرائم ضد مدنيين، وضد مجموعة قومية اثنية عنصرية او دينية، لكن هذه الجرائم وإلحاق الأذى الجسدي، لم تُنفذ بقصد، حسب الجريمة وهو القصد بهدف التدمير الكلي او الجزئي لتلك الجماعة، بمعنة ان هدفك هو التدمير لهذه الجماعة أي القضاء عليها".

التآمر على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية

وتابع: "من الواضح ان الفريق كان واعٍ للتحدي الموجود هناك، ولذلك ركّز كثيرًا، في السردية او المرافعة يوم امس، لإثبات القصد من وراء الممارسات الإسرائيلية، أنها ليست ممارسات حربية عسكرية للضرورة العسكرية، وإنما تهدف الى التدمير الكليّ أو الجزئي، للفلسطينيين في غزة، والشق الثاني المهم بتقديري، والذي من المكن أن يُثبت أكثر في القضية هو بما يخص فرض او إخضاع غزة عمدًا لظروف معيشية صعبة جدًا، وللتجويع والذي سيؤدي في نهاية الحال للضرر الجسدي والروحي ولتدمير وقتل جزء من السكان هناك".

وأوضح ان: "جزء آخر من المهم التنويه له وهو أسهل للإثبات، وهو عمليًا من المادة ثلاثة، لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي هي على أساسها كل الإجراءات تحصل في المحكمة، وهي قضية التآمر على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وا التحريض المباشر او محاولة ارتكابها او الاشتراك فيها".

ولفت كذلك: "هنا من الواضح على مستوى التحريض بشكل خاص، انه كان هناك تحريض واضح، وكان هناك  تآمر، ولكن اسرائيل لم تُعاقب احدًا على هذا، والبند 3 يتحدث عن التآمر والتحريض ايضًا كجريمة، التي يجب العقاب عليها".

ونوه أن: "تقديري انه سيصدر أمر مؤقت، ربما ليس في اتخاذ الخطوات والمركبات التي طلبتها جنوب افريقيا، لكن من الصعب على المحكمة اليوم، أن تكون شاهدًا، على ما يجري في غزة، ولا تتخذ اي خطوة، وانا متأكد انه خلافًا لحالات أخرى، الذي كانت المحكمة أو المجتمع او التلفزة او التوثيق لهذه الجرائم، يحصل بعد ان تحدث الجريمة، وتُنكر ومن ثم تُثبت، مثل رواندا أي ليس بشكلٍ مباشر  او متلفز، هنا المحكمة ستكون في موقف صعب".

دور باراك هو تبييض جرائم وانتهاكات للقانون الدولي

واستطرد خلال حديثه: "طبعا بالنسبة لاسرائيل اختيار القاضي براك، اولا هو اختيار مهني، والقاضي براك بشكلٍ عام هو حقوقي من الصف الأول، ومن الواضح ان دور باراك في تبييض جرائم وانتهاكات للقانون الدولي الإسرائيلي، واضح في المحكمة العليا، فهو على مستوى الخطاب، يفرض خطاب حقوق إنسان ومساواة وتنوير، لكن في السطر الأخير فهو يشرعن انتهاكات كبيرة جدًا، ولكن باراك يُعتبر سفيرًا وكأنه سفيرًا سياسيًا لاسرائيل، وباراك له اسم كبير دوليًا ومعروف دوليًا يتم اقتباس قراراته، بشكلٍ كبير وله مكانته، ولذا فاختياره هو مناورة سياسية اكثر من ان يكون مع القضاة، هو لن يرافع، هناك فريق آخر لاسرائيل الذي به مرافعين، ومنهم ايضًا اكاديميين، مثل بروفيسور "ايال بن بنستي" الذي كتب عن قانون الاحتلال، ولكن باراك سيكون احد القضاة وربما عن طريق اسئلته والمداولات مع القضاة داخليًا، هنا يأتي دوره أن يقنع عدد من القضاة، انه لم تُرتكب جريمة إبادة جماعية، وإنما اسرائيل تُجري كل ممارساتها ضمن القانون الدولي ما يخص النزاع المسلح بحسب مواثيق جنيف ولاهاي".            

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]