كما في كلّ عام، يتزامن اليوم الأخير لحملة 16 يوم لمناهضة العنف ضدّ المرأة مع اليوم العالميّ لحقوق الإنسان، وقد كان يوما آخر من أيّام الحرب الطويلة التي تنتهك فيها حقوق الإنسان الفلسطينيّ دون حساب أو رحمة، وعلى رأسها حقّه في الحياة الآمنة. بهذه المناسبة نتساءل عن مدى جديّة وجدوى هذا المصطلح ومواثيق حقوق الإنسان إذا كانت لا تنطبق على جميع بنات وبني الإنسان. لا شكّ أن هذه الكلمات باتت جوفاء، لا سيّما حين تسقط على الآذان التي أصمّتها أصوات القنابل.
اختتمنا يوم الأحد، في جمعيّة كيان – تنظيم نسوي، فعاليّات حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضدّ المرأة، التي أطلقناها قبل أسبوعين بالتعاون مع منتدى جسور النسائيّ القطريّ. رغم الظروف العصيبة التي يمرّ بها شعبنا، أصرّت كيان على إطلاق الحملة العالميّة، التي تقودها في البلاد منذ سنوات طويلة، إيمانا بأنّ استمرار جهودنا وعملنا ضمن حدود المتاح لتغيير مجتمعنا وتحسين ظروفه وفعل القليل الممكن، أجدى من الغرق في الشعور بالذنب والعجز الذي لم يسلم منه أحد منذ بدء الحرب.
بالنظر للواقع الذي فُرض من يوم 7 تشرين كان علينا تكريس الحملة لوقف الحرب والظلم والعنف السياسي، إلا أنّ سياسة التضييق والحدّ من حريّة التعبير اضطرّتنا للعمل ضمن جزئيّة "حدود المتاح" وإن كانت لا تقلّ أهميّة، فتناولت الحملة إسقاطات الحرب وتداعياتها على مجتمعنا الفلسطينيّ في الداخل عامّة والنساء خاصّة.
خلال الحملة وعلى مدار أسبوعين من النشاطات الميدانيّة التوعويّة في المدارس والمنتديات والمجموعات الناشطة، نساء وشبيبة، في العديد من البلدات العربيّة، بالإضافة إلى الندوات الإلكترونيّة، وحملة منشورات إعلاميّة مكثّفة على فيسبوك وانستغرام، سعينا إلى مساندة مجتمعنا في مواجهة التحدّيات الجديدة المفروضة عليه. تطرّقنا إلى القيود على حريّة التعبير، وقوانين العمل والإقالة وحملة الملاحقات السياسيّة والعنف الاقتصاديّ والضغط النفسيّ الذي نواجهه في أماكن العمل والتعليم الإسرائيليّة.
كما في كل عام استمدت الحملة أولويّاتها من المعلومات الواردة من مئات التوجّهات التي وصلت إلى خطّ الدعم في كيان، ومن شهادات النساء في البلدات العربيّة حيث تنشط مجموعاتنا النسائيّة ومنتدى جسور القطريّ؛ ومن استطلاعات أجريناها على شبكات التواصل للوقوف على اهمّ الاحتياجات لترفع أصوات النساء عاليا من خلال الحملة.
صوت الحرب كان أعلى من كلّ الأصوات هذه المرّة. وعلت معه أصوات التحريض على إبادة شعبنا. ولم نعد نسمع غيرها بعد خرس كلّ صوت معارض لها. من هنا جاء القسم الأوّل من الحملة للتأكيد على الحق في حريّة الانتماء الوطنيّ والتعبير عن الرأي وتعزيز الأصوات الرافضة للظلم، تحت شعار"حقّي أدافع عن شعبي".
وسعى القسم الثاني من الحملة، لدرء خطر حملة الملاحقات وشرطة الأفكار وقوّات فرض الولاء المنتشرة في أماكن العمل والتعليم الإسرائيليّة منذ السابع من تشرين، والتي انعكست في غالبيّة التوجّهات إلى خطّ الدعم في كيان، وتطابقت مع ما نسمعه من حولنا ونقرؤه في التقارير الإعلاميّة عن الإقالات التعسّفية وجلسات الاستماع والتأديب على خلفيّة مواقف سياسيّة أو منشورات على شبكات التواصل. وفّرنا لجمهورنا المعلومات الأساسيّة حول حقوق العمل والتعليم، استجابة لعشرات التوجّهات اليوميّة التي تصلنا يوميّا عن الملاحقة السياسيّة في أماكن العمل، وناشدنا المتضرّرات والمتضرّرين بالتوجّه إلى خطّ الدعم في الجمعيّة والاستشارة القانونيّة قبل اتّخاذ خطوات مصيريّة.
صبغ الشعور بالخوف والقلق والضغط النفسي كافّة التوجهات المتعلّقة بحقوق العمل والتعليم والتحريض والابتزاز التي وصلتنا من شرائح المجتمع المختلفة، كذلك صبغ شهادات العديد من النساء اللواتي ارتأين أن يؤجّلن حاجاتهنّ الخاصّة في
حضرة القلق العام. فأتت الإشارة من الحملة، بقسمها الأخير، لتذكير نسائنا بأهميّة الحفاظ على الصحّة الجسديّة والنفسيّة، خاصّة في الأزمات، والتأكيد على اعتبارهما من الأولويّات التي لا تحتمل التأجيل. ولدعوتهنّ للتوجّه إلى خطّ الدعم في كيان أو أيّ مساحة آمنة أخرى للحديث والمشاركة والاستشارة.
[email protected]
أضف تعليق