يتسبب تلوث الهواء الناجم عن استخدام الوقود الأحفوري في الصناعة وتوليد الطاقة والنقل في 5.13 مليون حالة وفاة إضافية سنويا، في جميع أنحاء العالم، وفقا لدراسة جديدة.
وتبين أن معدلات الوفيات هي الأعلى في البلدان التي تخلفت عن الركب في إنهاء حرق الفحم لإنتاج الطاقة، وهي الصين والهند.
ومن شأن هذه الأرقام الصادمة، التي نشرتها مجلة The BMJ عشية قمة المناخ Cop28 في دبي، أن تزيد من الضغوط على زعماء العالم لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وتأكد نتائج الدراسة على ضرورة التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة ما قد ينقذ العديد من الأرواح من تلوث الهواء ويساعد في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.
وتضاف هذه النتائج إلى ما نعرفه بالفعل عن الآثار القاتلة للهواء الملوث، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والربو وسرطان الرئة.
وأجرى الدراسة الجديدة فريق دولي من الخبراء، بما في ذلك عالم الأوبئة البريطاني آندي هينز في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.
ويقول الفريق: "تظهر النتائج أن عبء الوفيات الذي يعزى إلى تلوث الهواء الناجم عن استخدام الوقود الأحفوري أعلى من معظم التقديرات السابقة. ويعد التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بمثابة تدخل فعال لتحسين الصحة وإنقاذ الأرواح. إن الوفيات بسبب تلوث الهواء مرتفعة بشكل خاص في جنوب وشرق آسيا، بسبب ارتفاع مستويات التلوث والكثافة السكانية".
ويقول الباحثون إن الملوثات القاتلة في الهواء الخارجي تشمل الأوزون (O3)، الذي ينشأ عن التفاعلات بين أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة، وكلاهما ينبعث من المركبات والعمليات الصناعية وغيرها.
وعلى مستوى الأرض، يسبب الأوزون ضبابا دخانيا يُرى عادة في المدن ويمكن أن يسبب مشاكل في التنفس، خاصة للأشخاص الضعفاء الذين يعانون من أمراض الرئة مثل الربو.
وهناك ملوث سيئ آخر يُعرف باسم PM2.5، وهو عبارة عن جزيئات أو قطرات صغيرة يبلغ قطرها أقل من 2.5 ميكرومتر، وهي غير مرئية للعين المجردة ويمكن استنشاقها بسهولة.
ويُعتقد بالفعل أن استنشاق PM2.5 يسبب الربو وأمراض الرئة والقلب وحتى أعراض الاكتئاب، ولكن ما يزال يتعين اكتشاف الكثير من آثارها الصحية.
وفي الدراسة الجديدة، استخدم الباحثون النمذجة الحاسوبية لتقييم العلاقة بين التعرض لتلوث الهواء والنتائج الصحية في جميع أنحاء العالم.
وتضمنت مصادر البيانات الخاصة بالنموذج الأرقام السكانية، وصور الأقمار الصناعية لوكالة ناسا، ورؤى من دراسة العبء العالمي للمرض لعام 2019، والتي تحدد معدلات الوفيات الوطنية والإقليمية.
وأظهرت النتائج أنه في عام 2019، كانت 8.34 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم تعزى إلى الجسيمات الدقيقة PM2.5، والأوزون (O3) في الهواء المحيط، منها 61% (5.13 مليون) مرتبطة بالوقود الأحفوري.
أما نسبة 39% المتبقية من تلوث الهواء غير الناجم عن الوقود الأحفوري، فهي تأتي من مصادر طبيعية لا يمكن تجنبها، مثل غبار الصحراء وحرائق الغابات، فضلا عن استخدام الطاقة السكنية، مثل حرق الوقود الحيوي الصلب لأغراض الطهي والتدفئة.
ووجد الباحثون أن الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء بالوقود الأحفوري كانت الأعلى في جنوب وشرق آسيا، خاصة في الصين حيث بلغت 2.44 مليون سنويا، تليها الهند بـ 2.18 مليون سنويا.
وكان ما يزيد قليلا عن نصف إجمالي الوفيات (52%) مرتبطا بأمراض القلب والأوعية الدموية، وخاصة أمراض القلب التاجية (30%).
وفي الوقت نفسه، فإن السكتة الدماغية ومرض الانسداد الرئوي المزمن، مجموعة حالات الرئة التي تسبب مشاكل في التنفس، تمثل 16%.
ونحو 20% منها كانت "غير محددة" ولكن من المحتمل أن تكون مرتبطة جزئيا بارتفاع ضغط الدم والاضطرابات العصبية مثل مرض ألزهايمر ومرض باركنسون.
وكجزء من الدراسة، نظر الباحثون أيضا في أربعة سيناريوهات مختلفة لتقييم الفوائد الصحية المحتملة من السياسات التي تحل محل الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة.
ووجد الفريق أن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري سيؤدي إلى أكبر انخفاض في الوفيات في جنوب وجنوب شرق وشرق آسيا، يصل إلى نحو 3.85 مليون سنويا، وهو ما يعادل ما بين 80% و85% من الوفيات التي يمكن الوقاية منها والناجمة عن جميع المصادر البشرية لتلوث الهواء المحيط في هذه المناطق.
ومع بدء قمة المناخ COP28 يوم الخميس، يحث الباحثون القادة على الالتزام بالتخلص التدريجي المتسارع من الوقود الأحفوري في جميع الأنشطة، ويقولون إن البلدان ذات الدخل المرتفع يجب أن تقود الطريق.
[email protected]
أضف تعليق