انطلقت جلسة محكمة العدل العليا اليوم بكامل هيئتها الموسعة وغير المسبوقة التي تضم خمسة عشر قاضيا، في الالتماسات التي رفعت اليها بطلب الغاء قانون أساس تقليص "حجة المعقولية". وبدأت الجلسة المرتقبة في تمام الساعة التاسعة من صباح اليوم لتستمر نحو ست ساعات ونصف.
ويستمع القضاة لموقف ممثل عن الكنيست يليه آخران يمثل أحدهما الحكومة والآخر المستشارة القانونية للحكومة. وتخصص لكل منهما ساعة لسرد مرافعاته ثم تستمع المحكمة لمواقف الملتمسين. وستنقل وقائع الجلسة في بثٍ حي عبر الموقع الالكتروني التابع للسلطة القضائية.
ويتوقع ان تصدِر المحكمة قرارها في الالتماسات في موعد أقصاه نهاية العام الجاري. ورفضت رئيسة المحكمة العليا، القاضية استير حايوت، مساء أمس طلباً رابعا لتتنحى عن النظر في هذه الالتماسات.
في حال كان قرار المحكمة العليا إلغاء قانون "إلغاء حجة المعقولية"، فإن الائتلاف الحكومي سيرد بتشريع القانون مجددًا، ولكن بعد تحويله إلى قانون أساس هذه المرة، لحرمان المحكمة العليا من حق إبطاله وفق القانون، وبالتالي "ستصل إسرائيل إلى أزمة دستورية".
و"حجة المعقولية" هي قانون يسمح للمحكمة العليا الإسرائيلية إلغاء قرارات للحكومة في حال وجدت أنها تتضمن عيوبًا إدارية، واستنادًا لها ألغت المحكمة العليا تعيين زعيم حزب "شاس" أرييه درعي كوزير في الحكومة الحالية. ومؤخرًا، صوت الائتلاف الحكومي لصالح "إلغاء حجة المعقولية"، وقد اعتبرت أطرافٌ هذا التعديل قانونًا جديدًا، بينما اعتبره آخرون تعديلاً في قانون "حجة المعقولية" ذاته.
ويقول مناهضو التعديل القانوني إن احتجاجهم عليه ينبع من أنه يُجرد القضاء من صلاحياته ويفرض هيمنة السلطة التنفيذية على بقية السلطات، ولذلك فقد تم تقديم التماس إلى المحكمة العليا للمطالبة بإلغائه.
وبالتوازي مع مداولات المحكمة ستعقد مقابل مقرها مسيرة احتجاجية ضخمة تنظمها الجهات الداعية إلى إبطال القانون، بينما ستغلق الشرطة الشوارع المحاذية لمبنى المحكمة. وأمس، أقيمت مسيرة احتجاجية أمام المحكمة العليا، وامام منزل وزير القضاء ياريف ليفين، أحد أبرز القائمين على خطة التعديلات القضائية، وفرقتها الشرطة بالقوة، واعتقلت أربعة من المشاركين.
أهم الحتلنات خلال الجلسة
وخلال النقاش قال ممثل الكنيست للقضاة إنه من الأفضل دائما تفسير القانون بشكل ضيق (أي بتقليل إلغاء حجة المعقولية)، بدلا من إلغائه.
من سيشرف على قرارات الحكومة
وقالت رئيسة محكمة العدل العليا ايستر حايوت في المناقشة بأنه يتم التعامل مع قانون حجة المعقولية في جميع أنحاء العالم على نطاق واسع. في حين أننا في هذه الدولة نحاول الغاء هذا القانون. وأضافت: "من سيشرف على أن تتخذ الحكومة قراراتها او ان تتصرف بشكل معقول؟يوجد قانون، ولكن ليس هناك عدالة فيه."
وصرّح الممثل للحكومة، المحامي ايلان بومباخ خلال المناقشة قائلًا: " لا يمكن ان يظن موقعو وثيقة الاستقلال ال37، الذين وقعوها على عجلة من أمرهم دون مراجعتها، أن تلزم تلك القوانين متخذو القرارات في يومنا هذا".
حكومة معادية للصهيونية
واعترض حزب "يش عتيد" على تصريحات إيلان بومباخ، المحامي الذي يمثل الحكومة في جلسة المحكمة العليا، قائلًا أن "المحامي الذي يمثل الحكومة، والذي يعمل بشكل خاص لديهم ويجعل أصواتهم مسموعة، يخرج في المحكمة العليا ضد إعلان الاستقلال". وجاء في بيان الحزب أنه "لا يوجد دليل أوضح في إسرائيل على وجود حكومة معادية للصهيونية وإسرائيل والديمقراطية في إسرائيل ستحرق صفحات التاريخ وتشوه مؤسسي الدولة لاعتبارات سياسية حقيرة".
موت الديمقراطية
وقال القاضي يتسحاق عميت لممثل الحكومة بومباخ إنه لا يخشى "سيناريوهات الرعب"، لكنه أشار إلى أن "الديمقراطية لا تموت ببضع ضربات قوية، ولكن بسلسلة من الخطوات الصغيرة".
وقال ممثل الحكومة إيلان بومباخ أن قضاة المحكمة العليا "يتحدثون عن سيناريو متطرف". ومع ذلك، أشار إلى أن "الحكومة والكنيست يتوقعان من المحكمة العليا أن تثق بهما".
وادعى القاضي يتسحاق عميت أن المحكمة العليا هي "الأكثر تحفظا في العالم". وقال مخاطبا ممثل الحكومة بومباخ: "نحن المحكمة الأكثر تقييدا في العالم، نتخذ 1.6 قرار في السنة اعتمادًا على المعقولية، لذا تعال واشرح لي لماذا؟ لماذا نحتاج إلى هذا التعديل؟"
المحكمة لا تتدخل
وشرحت رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت لممثل الحكومة أهمية حجة المعقولية، مشيرة إلى أن "هناك الآلاف من القرارات الفردية التي يتخذها الوزراء ويفوضون السلطة والتي تؤثر على المواطنين على أساس يومي ويشكون من القرارات غير المعقولة". ومع ذلك، أشارت إلى أنه "في معظم الحالات لا نتدخل، لكن هذا القانون يمنع هذا الاحتمال من جميع المحاكم في البلاد".
وأوضح القاضي يتسحاق عميت أن الغاء حجة المعقولية يعني حرفيا "عرقلة المحكمة". وأشارت القاضية حيوت إلى أنه "من الممكن تضييق حدود المحكمة، ولكن حتى لهذا الأمر يوجد حدود". وقالت "أنتم تمنعون المحاكم من سماع آلاف القرارات التي تمس المواطنين".
وأشار ممثل الحكومة، المحامي إيلان بومباخ، إلى الاجتماعات في مقر الرئيس بين الليكود وغانتس، قائلا إنه "هناك محادثات في مقر الرئيس. ما الذي يتم الحديث عنه؟ حجة المعقولية. لو تم التوصل إلى اتفاق، هل كانت المحكمة ستتدخل؟"
المهلة الزمنية "غير المعقولة"
وتوجهت رئيسة المحكمة العليا حيوت الى ممثل الحكومة، المحامي إيلان بومباخ، وطلبت منه المضي قدما لأنه كان يتحدث منذ قرابة الساعتين. وقال إن "المهلة الزمنية الممنوحة له غير معقولة"، وردّت عليه حايوت ساخرة: " المعقولية غير مسموح بها".
الحكومة من تقرر
كما وعرض المحامي أنير هيلمان، رئيس قسم المحكمة العليا في مكتب المدعي العام للدولة، موقف المدعية العامة غالي بهاراف ميارا. وقال للقضاة: "نحن قلقون بشأن طلب الحكومة تمثيلا منفصلا، لأنها تدعي أن المحكمة الموقرة ليس لها اختصاص قضائي. الكنيست تقول: "هل هناك سلطة للمحكمة؟ الحكومة هي التي ستقرر".
وأضاف: "حجتنا هي أن السلطة التنفيذية، من خلال سيطرتها على السلطة التأسيسية، تعزز سياساتها، وهذا له عدة آثار: على سبيل المثال، على مسألة تضارب المصالح المؤسسية. إذا كان هناك أي شيء يجب أن يخيفنا جميعا، فهو أن تأتي الحكومة وتقول لنا "ثق بنا، لن نؤذي قوانين الأساس". هذا يعني أننا جميعا يجب أن نكون حذرين للغاية".
ضربة لجوهر الديمقراطية
وأوضح المحامي هيلمان: "انه تم توجيه ضربة خطيرة للغاية للجوهر الديمقراطي للدولة".
سأل القاضي سولبرغ المحامي هيلمان: "هل تعني اننا لا نعيش في ديمقراطية في هذا اليوم بالذات؟" أجاب هيلمان: "الأسس الجوهرية للديمقراطية قد تضررت، القسم 3 من قانون أساس القضاء يخلق ثقبا أسود معياريا في النظام القانوني الإسرائيلي".
[email protected]
أضف تعليق