- مجد زريق:"جيل الكبار أي المؤسسين يفكر دائما انه هو على صواب وهناك صعوبات جمة في إقناعه ان الحياة تغيرت وعلينا التأقلم مع متطلباتها واحتياجات الناس"
- داود عيلبوني:" خلال عملي في الشركة اواجه نقاشات عديدة مع والدي، لكن أصعب هذه النقاشات هي مع جدي وأحاول الاقناع دائما بصحة افكاري وخطواتي"
- ليران اهارون:"أعضاء دائرة الجيل الشاب في اتحاد ارباب الصناعة يتعرفون على القضايا المهمة المتعلقة بالانتقال والتحول بين مراحل وفترات الأجيال في الشركة العائلية والجانب المهني للإدارة العاطفي لكل أسرة"
تعتبر المصالح التجارية والصناعية العائلية في البلاد والعالم من أكثر نماذج انتشارا في عالم الاقتصاد والعمل كما انها تعتبر من المقومات الرئيسية للنشاط الاقتصادي في مجتمعنا العربي. ويمتاز هذا النموذج الفريد أنه يمتد عبر أجيال متعددة وتجمع بين الأمور العملية المهنية المتوارثة وبين العلاقات الاسرية يحمل في طياته تحديات وفرصاً مميزة.
وتتميز هذه المصالح بمشاريع تجارية أو صناعية تمتلكها وتديرها عائلات بشكل رئيسي، حيث يتم نقل الملكية والمهام من جيل إلى جيل. ولعل أكثر من تتميز به هذه الشركات روح الانتماء والالتزام، في حين يتمثل التحدي الرئيسي لمثل هذه المصالح، في تحقيق توازن بين الحفاظ على القيم والتقاليد العائلية وديمومتها ومواكبة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة.
وفي هذا السياق، يعمل قسم جيل المستقبل في اتحاد ارباب الصناعة في البلاد في السنوات الأخيرة على تعزيز مكانة هذه المصالح من خلال نشاطات وفعاليات عدة من شأنها ان تعنى بسد احتياجات هذه المصالح في الدمج ما بين الجيل الشاب والجيل المؤسس في العائلة الواحدة لخلق ديناميكية واحدة تصب في صالح ديمومة عمل الشركة واستمرارية نجاحها وتقدمها.
ويتحدث الشاب مجد زريق صاحب شركة Future net، وهو الجيل الثاني في الشركة التي أسسها والده عام 1992 في قرية عيلبون والتي بدأت طريقها كشركة مزوّدة لمحطات التلفزيون بالكوابل الى ارجاء القرية وقال:"
منذ ولادتي دائما رأيت نفسي جزء لا يتجزأ من هذه الشركة، ولم أفكر ابدا في الابتعاد عنها والتوجه الى مجال آخر لأني آمنت بهذه الشركة التي أسسها والدي وأدركت مدى نجاحها، والفضل الأول هنا يعود لوالدي الذي جعلني أدخل هذا المجال بكل حب ومهنية. التحدي الكبير يكمن في اندماج الجيل الشاب في الشركة العائلية خاصة ان جيل الكبار (المؤسسين) يفكر دائما انه هو على صواب وهناك صعوبات جمة في إقناعه ان الحياة تغيرت وعلينا التأقلم مع متطلباتها واحتياجات الناس".
وأضاف زريق أيضا عن النقطة المفصلية التي واجهت الشركة وقال:" بعد التحاقي بالشركة ومواكبة عملها عن كثب، في ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي طرأ في السنوات الاخيرة، وابتعاد المستهلكين عن المضامين التلفزيونية، ايقنت اننا امام مفترق طرق. التحدي الأكبر بالنسبة لي كان الحاجة في تشغيل جهاز الكتروني للشركة يحتاج الى سرعة انترنت عالية. هذه السرعة التي كانت مستحيلة في ذلك الوقت في البلاد. في العام 2016 وبعد محاولات عديدة وبحث مستمر سافرت الى الصين وهناك تعرفت على تقنيات الالياف البصرية التي توقر سرعة إنترنت بسرعة الضوء، فقمت بإحضار هذه التقنية التي أُدخلتها للمرة الأولى الى المجتمع العربي لنكون من بين الشركات الرائدة التي تزود الانترنت بسرعة 1000 ميجا في حين ان الشركات المحلية بالكاد توفر ما يقارب 40 ميجا باستخدام كوابل النحاس".
واختتم حديثه عن الشركة:" اليوم شركتنا تزود الانترنت الى منطقة عيلبون و4 مناطق أخرى إضافية في البلاد، الشركة تمتلك أيضا دفيئة للخوادم المحوسبة في منطقة حيفا وتستورد الانترنت من خارج البلاد. بالإضافة الى ذلك تربطنا أيضا تعاونات تجارية مع شركات انترنت أخرى. هذه التغييرات التي اجريتها في الشركة ونجاحي في تطبيقها اقنعت والدي مؤسس الشركة بضرورة التجديد والتأقلم مع الثورة التكنولوجية التي تجتاح العالم".
اما مدير التطوير التجاري في شركة "حديد البناء عيلبون" الشاب داود عيلبوني فتحدث عن الشركة التي اسهها جده عام 1982 والتي تُعنى بقص وطي الحديد المخصص للأبنية واساسات الأبنية وانضمام والده اليها فيما بعد لتبدأ بالاتساع والتطور وقال:" ترعرت داخل هذه الشركة والجميع نصحني الاستمرار في العمل والانخراط بها. تعلمت إدارة الحسابات وإدارة الشركات والمصالح بهدف الانخراط في الشركة مع انني أحببت تعلم الهندسة. في العام 2018 بدأت العمل في الشركة بشكل رسمي بعد ان قطعت الشركة شوطا كبيرا من حيث التطور والانتقال الى مكان أوسع. راودتني في البداية العديد من الأفكار في التوجه الى طريق آخر بعيدا عن الشركة وراودتني العديد من الترددات هل أبقى في الشركة ام أتوجه الى مجالات أخرى. اليوم أستطيع القول انني لست نادما على استمراري في الشركة".
وعن الإضافة التي اضافها عيلبوني كشاب في مقتبل العمر ينضم الى شركة جده ووالده قال بهذا السياق:" الإضافات التي اضفتها للشركة عديدة لكن أهمها خلق سلسلة (تدريج) وظائفي في الشركة، التي كانت تحتوي سابقا على والدي كمدير عام وسكرتيرة وبعض العمال. أذكر انه جيدا انه إذا تعطلت احدى الماكينات، فيترك والدي عمله ويبدأ بإصلاحها. مع دخولي الشركة بدأت بإنشاء سلسلة انتاج وملفات انتاج منظمة ومعلومات عن كل ماكينة. خلال عملي في الشركة اواجه نقاشات عديدة مع والدي، لكن أصعب هذه النقاشات هي مع جدي. أحاول الاقناع دائما بصحة افكاري وخطواتي، في النهاية نصل الى تفاهمات لما فيه صالح الشركة".
وقال رئيس دائرة الجيل الشاب في اتحاد ارباب الصناعة ليران اهارون:" تعتبر المصالح التجارية العائلية في القطاع الصناعي أيضا تقليدا في كافة الثقافات والشعوب. فمع تعزيز الانتماء ما بين الشركة او المصلحة التجارية العائلية من جهة، وما بين أفراد العائلة من جهة أخرى يسعى القائم على رأس الشركة الى تمرير الملكية إلى الأجيال القادمة، مع العلم ان الادارة العائلية للمصلحة، إلى جانب مزاياها العديدة مثل ضمان الاستقرار، والمحافظة، والالتزام، والاستثمارات طويلة الأمد وغيرها، تتضمن ايضا تحديات كبيرة تتغير من عائلة الى اخرى ويكون لها تأثير كبير على مستقبل الشركة العائلية، وأيضًا على مستقبل العلاقات بين أفراد الأسرة".
وأضاف أيضا:" عندما تترعرع في شركة عائلية، فأنك تبقى أسير هذا التصور، والتفكير أن المشاكل التي تواجهها خاصة بك وحدك، وأنها موجودة فقط في عائلتك وليس بإمكان أي شخص من خارج الشركة يدرك هذه التحديات وان يقدم لك المشورة في مسائل تعتبر حساسة وشخصية في داخل الأسرة. وهنا يكمن الخطأ الشائع، على الرغم من أن كل شركة عائلية لها حمض نووي مختلف، وأشخاص مختلفون، وأهداف مختلفة. ومع ذلك، على الرغم من أن المشكلات يتم تغطيتها أحيانًا بألوان مختلفة ومتنوعة، إلا أن جذر المشكلات هو نفسه تمامًا، ومن الممكن اليوم اكتساب المعرفة وتطوير العديد من الآليات التي من شأنها ان تعمل على حماية المصالح الأسرية والحفاظ عليها. يمكن أن توفر هذه الخطوط التوجيهية أدوات للتعامل مع العديد من المشاكل والحالات التي قد تنشأ وتحديد العلاقة داخل الأسرة وخارجها مع التخطيط السليم والقائم على أسس سليمة".
واختتم أهارون حديثه:" يتعرف أعضاء دائرة الجيل الشاب في اتحاد ارباب الصناعة ايضا، على القضايا المهمة المتعلقة بالانتقال والتحول بين مراحل وفترات الأجيال في الشركة العائلية والجانب المهني للإدارة والجانب العاطفي لكل أسرة. بناءً على تجربتي، أدركت أن معظم المشاكل التي تعاني منها هذه المصالح تعتبر "متشابهة" بالفعل وأنه من الممكن الاستفادة من تجربة أسرة معينة إلى أسرة أخرى واستخدام نفس الأدوات والآليات لحلها. كما أن النشاطات والفعاليات الواسعة التي يقدمها اتحاد ارباب الصناعة لتشجيع الصناعة المحلية والعمل جنبًا إلى جنب مع الأجيال صاحبة الاقدمية تخلق حوارا يمكن الاستفادة منه ويوفر حلولا عديدة حول الشركة العائلية وحول وجهات النظر المختلفة والمتنوعة للأجيال المؤسسة والأجيال الشابة".
صور الشابين مجد زريق وداود عيلبوني- تصوير خاص
[email protected]
أضف تعليق