أثارت تهنئة قدمتها السفارة الأميركية في تونس لناشطة تونسية، بمناسبة فوزها بجائزة وزارة الخارجية الأميركية لأبطال مكافحة العنصرية الدولية لعام 2023، ردود فعل غاضبة في صفوف عدد من التونسيين؛ خصوصاً أنصار الرئيس قيس سعيد ومؤيدي مشروعه السياسي، وذلك بعد أن اعتبرت الإدارة الأميركية في البيان الذي أصدرته، أن الجائزة التي حصلت عليها التونسية سعدية مصباح، تعدُّ «تقديراً لشجاعتها الاستثنائية وقيادتها، والتزامها بالنهوض بحقوق الإنسان الخاصة بأفراد مجتمعات مهمشة عرقية وإثنية، وخصوصاً بالسكان الأصليين».

وما أثار حفيظة التونسيين أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي، هي عبارة «السكان الأصليين»، بما أوحى بأن أصحاب البشرة السمراء في القارة الأفريقية هم السكان الأصليون لتونس. وكشف -حسبهم- عن إمكانية انخراط الإدارة الأميركية، أو موافقتها ضمناً، على مخططات توطين الأفارقة جنوب الصحراء في تونس.

وربطت الأطراف الغاضبة ما جاء في هذا البيان مع أزمة تدفق الأفارقة من دول جنوب الصحراء على تونس، ووجودهم بالمدن التونسية بالآلاف، وأزمة حل المشكلات المتعلقة بهم، إضافة إلى إشارة الرئيس سعيد منذ فبراير (شباط) الماضي إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكداً أن هذه الظاهرة تؤدي إلى العنف والجرائم، وعدَّها «مؤامرة لتغيير التركيبة الديمغرافية» في تونس.

وفي سياق هذا الجدل والغضب الذي أحدثه البيان، كتبت وفاء الشاذلي، المحامية المقربة من السلطة، قائلة: «احذروا... المخطط انكشف!»؛ في إشارة لمخطط توطين الأفارقة في تونس، وموافقة عدة دول غربية، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية على هذا المشروع. ووصفت بيان السفارة الأميركية بـ«الخطير جداً»؛ لأنه يكشف -حسبها- «المخطط ضد تونس بشكل واضح»، في إشارة إلى تحذير الرئيس سعيد من توطين الأفارقة ببلاده، وتغيير تركيبتها الديمغرافية.

تغيير المفردات

وبعد تعرضها لعدة انتقادات، غيرت السفارة الأميركية بعض مفردات بيانها قائلة: «مبارك لسعدية مصباح فوزها بجائزة وزير الخارجية الأميركية لأبطال مكافحة العنصرية الدولية لعام 2023؛ لأنها كرست حياتها لمحاربة التمييز العنصري والتعصب، وللدفاع عن حقوق التونسيين السود». واعتبرت أن هذه الجائزة تأتي «تقديراً لشجاعتها الاستثنائية، وقيادتها والتزامها بالنهوض بحقوق الإنسان للمجتمعات المهمشة في جميع أنحاء العالم»، مضيفة: «دعونا نواصل الكفاح ضد العنصرية المنهجية، ونعزز التغيير الإيجابي في كل من الولايات المتحدة والعالم».

في غضون ذلك، كشف حاتم الشريف، المدير الجهوي للصحة بمدينة صفاقس (وسط شرق) عن دفن نحو 700 جثة لمهاجرين غير نظاميين من غير التونسيين في مقابر بلدية تابعة لبلديات صفاقس، منذ بداية السنة الحالية، وذلك بتضافر جهود كل من: إدارة المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس، وأعوان قسم الطب الشرعي بالمستشفى، والبلديات والشرطة الفنية، والحرس البحري، و«الهلال الأحمر التونسي» بصفاقس.

وقال الشريف إن خلية الأزمة لمتابعة عملية دفن جثث المهاجرين غير النظاميين، من غير التونسيين الموجودين بقسم الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس، قررت إثر اجتماع عقدته ظهر أمس (الاثنين) الإسراع بإرسال تحاليل الـ104 جثث بقسم الأموات بمستشفى الحبيب بورقيبة إلى المخبر المركزي بالعاصمة، للحصول على النتائج وتحضير المقابر لدفنهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]