وفق تقرير بنك إسرائيل حول المنظومة المصرفيّة في عام 2021، يشكّل المواطنون العرب نحو %2 فقط من مجمل مُتلقي القروض العقاريّة. مع أن المجتمع العربي يشكّل أكثر من %18 من مجمل السكان في البلاد! ووفقًا لتقرير بنك إسرائيل لعام 2018، وُجد أنّ المصروفات تزيد عن المدخولات في %40 من الأسر في المجتمع العربي، وأنّ %12 من الأسر العربيّة لا تدير حسابًا بنكيًا، و%6 من الأسر العربيّة تملك حسابًا بنكيًا مجمّدًا و%68 من المجتمع العربيّ حساباتهم البنكيّة موجودة في وضع سحب زائد (مينوس) منذ مدة تزيد عن سنة! وتدل هذه المعطيات جميعها على هوة عميقة بين الأسر المعيشيّة العربيّة واليهوديّة. تؤثّر هذه العوامل على التدريج الائتمانيّ للمواطن العربيّ، وتحد من إمكانيات حصوله على قرض عقاريّ أو في أحسن حال الحصول عليه بشروط أكثر صعوبة.
على ضوء ذلك، ما هي الخيارات المتاحة أمام المواطن العربي المعني بشراء أو بناء بيت؟ الإجابة في كثير من الحالات هي اللجوء للقروض الاستهلاكيّة التي تتميّز بدفعة شهرية كبيرة، التي تشكِل عبئًا على التدفق النقدي في الأسر المعيشيّة التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة. بسبب عدم الحصول على ائتمان مصرفيّ، كما ويضطر بعض المواطنين العرب للجوء إلى السوق السوداء لنيل هذه القروض. هذا الوضع لا يساهم في تقوية وتعزيز مكانة المنظمات الإجراميّة فحسب، بل يزيد من صعوبة الضائقة المادية للمواطنين العرب ويعرّض حياتهم للخطر.
إن هذه المعطيات ليست مفاجئة، فالسياسات التخطيطية والاقتصادية للحكومات الإسرائيلية على مرّ السنوات شكلت عوائق وعقبات أمام المواطن العربي المعنيّ بالحصول على ائتمان مصرفيّ لتأمين مَسكَن، وهذه العوائق هي نِتاج تمييز متعدد السنوات ولم تلقَ حلولًا مناسبة حتّى اليوم، ولا حتى في مسودة التقرير الجديد، التي حضرها الطاقم بين-الوزاريّ الذي تم تشكيله لتدارس العوائق في مجال قضية القروض السكنية في المجتمع العربي، التي من المزمع أن تعرض على طاولة نقاشات الحكومة قريبَا. وعلى الرغم من كونها خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح، لكنها لا تطرح حلولًا شاملة للمعيقات الكثيرة أمام طالبي قروض الإسكان في المجتمع العربي.
حل جزئي
ففي مسودة التقرير التي قدّمها الطاقم، يتم طرح حل جزئي فقط للمشكلة، مثلا: تشمل مسودة التقرير توصية بمنح ائتمان بكفالة الدولة لعديمي القروض العقاريّة من المجتمع العربيّ، مما يخفض من مستوى المخاطرة في البنوك عند منح ائتمان لمواطن عربيّ. مع أنّ هذه التوصية تعد خطوة إيجابيّة، إلّا أنّها لا تشمل إعطاء كفالة للمقترِضين المحتملين ذوي التدريج الائتمانيّ المنخفض. بالتالي، وبدون تسهيل الشروط ومنح تسهيلات في الحصول على ائتمان بكفالة الدولة، ستوفّر هذه التوصية حلًا جزئيًا فقط لأنّه من المتوقع أن تكون نسبة مستحقي الكفالة متدنية.
كما يتغاضى التقرير عن جانب مهمّ آخر، وهو الجانب التخطيطيّ لقضية الائتمان. على مدار السنوات الماضية، ونتيجة للسياسات الحكوميّة التمييزيّة، لم يتم توسيع مناطق نفوذ البلدات العربيّة، ولم تُخصص لها موارد كافية للتخطيط والتطوير. وبذلك، فإنّ سيرورات التطوير لم تراع الاحتياجات التخطيطيّة واحتياجات السكان. على ضوء ذلك، اضطر السكان العرب للجوء إلى سُبل بناء تصّعب عليهم تسجيل ملكيتهم للمباني بشكل منظّم (مثل البناء العائليّ). الممتلكات غير المسجّلة غير قابلة للتداول وذات مستوى عال من المخاطرة من وجهة نظر البنوك، لذلك ترفض البنوك منح أي ائتمان في مثل هذه الحالات. تتطرّق مسودة التقرير إلى هذه القضية، وتطرح حلولًا بخصوص التسجيل، ولكنها لا تطرح حلولًا شاملة ومعمقة للعوائق في مجاليّ التخطيط والتطوير في البلدات العربية، والتي تعتبر سببًا رئيسيًا وراء الصعوبة في تسجيل العقارات.
إضافة إلى ذلك، لا يوفر التقرير المذكور حلًا لبعض العوائق الماليّة للمقترضين أبناء المجتمع العربي (التي ذكرناها في بداية المقال وغيرها) عند توجّههم بطلب قرض عقاريّ.
خطوة أولية وايجابية
تعتبر مسودة تقرير الطاقم بين الوزاريّ خطوة أوليّة وإيجابيّة، ولكن إذا استمرت الحكومة في تجاهل قضايا جوهريّة وعدم طرح أي حلول لها- فإنّ الإقصاء سيستمر، وعمق فجوة اللامساواة بين العرب واليهود سيزداد أكثر فأكثر وعلى الحكومة أن تذوّت أهمية إيجاد حلول فورية بالذات اليوم، مع استفحال ظاهرة الجريمة المنظمة في البلدات العربية، وأهمية تطبيق القرارات الحكومية بالكامل والاستمرار بالاستثمار في البلدات العربية بسبب العلاقة المباشرة بين انعدام الأفق الاقتصادي-الاجتماعي وقضايا الجريمة.
*علاء عالم هو مركّز التطوير الاقتصاديّ في جمعية سيكوي-أفق
[email protected]
أضف تعليق