عقد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان محادثات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بمدينة جدة السعودية، وقد نُظر إليها كجزء من خطة طموحة لاختراق دبلوماسي في المنطقة.
وقال البيت الأبيض إن الهدف من المحادثات يوم الخميس، هو العثور على رؤية مشتركة، لبناء مزيد من السلام والأمن والازدهار والاستقرار في الشرق الأوسط مرتبطا بالعالم.
وقال المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان في مقال له بعنوان “بايدن ينظر في صفقة كبيرة في الشرق الأوسط” إن تمرير التعديلات القضائية في الكنيست الإسرائيلي رغم مطالب مئات الآلاف من الإسرائيليين بوقفها والتظاهرات المستمرة ضدها تبدو وكأنها هزيمة، “لكن لا تيأس بالكامل، فالمساعدة قادمة من المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة والسعودية“.
وقال إنه عندما التقى مع الرئيس جو بايدن في المكتب البيضاوي في الأسبوع الماضي، ركز في مقالته التي نشرها على حث الرئيس الأمريكي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم الدفع باتجاه الإصلاحات القضائية بدون أي مظهر من مظاهر الإجماع الوطني، “ولم يكن هذا كل ما تحدثنا عنه”، فالرئيس “يتصارع مع فكرة القبول بمعاهدة أمنية أمريكية-سعودية، تطبع بموجبها السعودية العلاقات مع إسرائيل، بشرط تقديمها تنازلات للفلسطينيين تحفظ إمكان قيام دولة فلسطينية”.
بايدن أعطى الضوء الأخضر لفريقه للتباحث مع ولي العهد السعودي ومعرفة الصفقة التي يريدها وبأي ثمن. ويقول فريدمان إن التوصل إلى صفقة كهذه ستأخذ وقتا وهي صعبة ومعقدة.
وبعد مناقشات عميقة لعدة أيام بين بايدن ومستشاره للأمن القومي سوليفان ووزير الخارجية أنطوني بلينكن ومسؤول البيت الأبيض البارز المسؤول عن الشرق الأوسط بريت ماكغيرك، بعث بايدن سوليفان وماكغريك إلى السعودية، حيث وصلا إلى السعودية يوم الخميس لاستكشاف إمكان نوع من التفاهم الأمريكي-السعودي-الإسرائيلي-الفلسطيني.
ويعلق الكاتب أن الرئيس لم يحسم أمره بعد، المضي أم لا. لكنه أعطى الضوء الأخضر لفريقه للتباحث مع ولي العهد السعودي ومعرفة الصفقة التي يريدها وبأي ثمن. ويقول فريدمان إن التوصل إلى صفقة كهذه ستأخذ وقتا وهي صعبة ومعقدة، حتى لو قرر بايدن المضي في الطريق الصحيح.
المعاهدة الأمنية الأمريكية-السعودية تقود إلى التطبيع مع إسرائيل، وتحد من العلاقات السعودية-الصينية، وستكون بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في الشرق الأوسط.. والسلام بين إسرائيل والسعودية، سيقود إلى سلام بين إسرائيل وكل العالم الإسلامي، وستكون إرثا دبلوماسيا مهما لبايدن.
إلا أن المباحثات الاستكشافية تجري حاليا و”أسرع مما توقعت، وهي مهمة لأمرين: الأول، المعاهدة الأمنية الأمريكية-السعودية تقود إلى التطبيع مع إسرائيل، وتحد من العلاقات السعودية-الصينية، وستكون بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في الشرق الأوسط. وستكون أكبر من معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. ذلك أن السلام بين إسرائيل والسعودية، خادمة الحرمين في مكة والمدينة سيقود إلى سلام بين إسرائيل وكل العالم الإسلامي، بما فيها دول عملاقة مثل أندونيسيا وباكستان، وستكون إرثا دبلوماسيا مهما لبايدن”. أما الأمر الثاني، فيتعلق بالتحالف الأمني الأمريكي مع السعودية لو تم بشرط التطبيع مع إسرائيل وتقديم الأخيرة تنازلات حقيقية للفلسطينيين، حيث سيجد ائتلاف نتنياهو من الداعين إلى التفوق اليهودي والمتشددين أنفسهم مجبرين للجواب “عن هذا السؤال: يمكنكم ضم الضفة الغربية ويمكنكم عقد سلام مع السعودية والعالم الإسلامي، ولكن ليس الأمرين معا، فأي منهما ستختارون؟”.
وعلق الكاتب أنه يحب مشاهدة وزير المالية المتشدد بتسلئيل سمورتيش على التلفاز وهو يشرح للإسرائيليين السبب الذي يجعل ضم الضفة الغربية بثلاثة ملايين فلسطيني وللأبد أهم من تطبيع العلاقات مع السعودية والعالم الإسلامي. لكنه (الكاتب) يعتقد أن السلام السعودي-الإسرائيلي سيخفف من الكراهية بين المسلمين واليهود التي ولدت قبل قرن، مع بداية النزاع اليهودي-الفلسطيني.
وقبل أن يختار اليمين المتطرف بين الضم أو التطبيع، هناك الكثير من الأمور والجهود لشراء الكثير من الناس. إلا أن سوليفان ليس في الرياض اليوم للسياحة، فالسعوديون يريدون من أمريكا ثلاثة أشياء: أولا، معاهدة دفاع مشترك على شاكلة الناتو، والتي تتطلب من الولايات المتحدة المسارعة والدفاع عن السعودية حالة تعرضها لهجوم إيران مثلا. أما الأمر الثاني، فهو الحصول على برنامج نووي مدني الطابع وتحت رقابة أمريكية، أما الثالث فيتمثل في القدرة على شراء أسلحة متقدمة مثل منظومة الدفاع في المناطق ذات الارتفاعات الطرفية أو المعروفة اختصار بثاد والمضادة للصواريخ الباليستية، وهي مفيدة للسعودية وسط نمو الترسانة العسكرية الإيرانية من الصواريخ الباليستية المتوسطة والطويلة المدى.
السعوديون يريدون من أمريكا ثلاثة أشياء: معاهدة دفاع مشترك على شاكلة الناتو، والحصول على برنامج نووي مدني الطابع، والقدرة على شراء أسلحة متقدمة.
ومن بين الأشياء التي تريدها الولايات المتحدة هي وقف الحرب في اليمن، وحزمة مساعدات سعودية كبيرة للفلسطينيين في الضفة الغربية وحدّ واضح للعلاقات السعودية-الصينية. مثلا لم تكن أمريكا سعيدة بالتقارير التي نشرت العام الماضي بشأن التفكير السعودي في قبول العملة الصينية رنمبيني بدلا من الدولار الأمريكي في صفقات النفط. وسيترك هذا أثره على الدولار الأمريكي مع مرور الوقت وبسبب النفوذ الاقتصادي الصيني. يجب إلغاء هذا، إلى جانب حدّ السعودية من تعاملاتها مع شركة التكنولوجيا الصينية هواوي التي منع آخر جهاز أنتجته في الولايات المتحدة.
ولو حدث فستكون المرة الأولى التي توقع فيها الولايات المتحدة معاهدة دفاع مشترك مع دولة غير ديمقراطية منذ توقيع دوايت أينزنهاور معاهدة مع كوريا الجنوبية في عام 1953، ويجب على مجلس الشيوخ المصادقة عليها. والأهم هو ما ستطلبه السعودية من إسرائيل للحفاظ على إمكان حل الدولتين، كما طلبت الإمارات وقف الضم.
ويعلق الكاتب، إن القيادة السعودية ليست مهتمة تحديدا بالفلسطينيين أو على معرفة واسعة بدقائق العملية السلمية. لكن لو قامت إدارة بايدن بتوقيع اتفاقية لا تحتوي على مكون فلسطيني، فستكون ضربة قوية للحركة الديمقراطية الإسرائيلية، وستكافئ نتنياهو بهدية جيوسياسية مجانية بعدما قام بعمل غير ديمقراطي، ولحل الدولتين الذي يعتبر حجر الزاوية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
ولا يعتقد الكاتب أن بايدن سيفعل هذا، لأنه سيحدث ثورة داخل قاعدة الحزب التقدمية وسيعقد من تمرير الصفقة في الكونغرس. وقال السناتور الديمقراطي عن ميرلاند، كريس فان هولين: “سيكون من الصعب على بايدن تسويق اتفاق كهذا في الكونغرس” و”ما أنا متأكد منه هو أن القاعدة الرئيسية في المعارضة الديمقراطية أن المقترح لا بد أن يحتوي على بنود ذات معنى وواضحة وقابلة للتطبيق وتحفظ حل الدولتين لكي تتوافق مع مطالب الرئيس التي تدعو إلى أن يحصل الفلسطينيون والإسرائيليون على قدر متساوٍ من الحرية والكرامة، وهذه العناصر مهمة لسلام دائم في الشرق الأوسط”.
الحد الأدنى الذي سيطالب به السعوديون والأمريكيون من نتنياهو: وعد رسمي بعدم ضم الضفة الغربية، ولا توسع استيطاني في الضفة الغربية خارج المستوطنات الموجودة، ولا شرعنة للبؤرة الاستيطانية، ونقل مناطق فلسطينية في مناطق “ج” الخاضعة الآن للسيطرة الإسرائيلية الكاملة إلى مناطق “أ” و”ب”.
ويعتقد فريدمان أن الحد الأدنى الذي سيطالب به السعوديون والأمريكيون، وعليهم فعل هذا، من نتنياهو هي أربعة أمور كمقابل لهدية كبيرة للتطبيع مع دولة عربية مسلمة: وعد رسمي بعدم ضم الضفة الغربية، ولا توسع استيطاني في الضفة الغربية خارج المستوطنات الموجودة، ولا شرعنة للبؤرة الاستيطانية، ونقل مناطق فلسطينية في مناطق “ج” الخاضعة الآن للسيطرة الإسرائيلية الكاملة إلى مناطق “أ” و”ب” ووضعها تحت سيطرة السلطة الوطنية بحسب شروط اتفاقيات أوسلو. وعلى السلطة الوطنية المصادقة على اتفاقية التطبيع السعودية-الإسرائيلية.
ويقول فريدمان إن السلطة الوطنية ليست في وضع للدخول في مفاوضات سلام الآن، فهي في حالة من الفوضى، لكن حكومة المتطرفين في إسرائيل تحاول استيعاب أكبر قدر من مناطق الضفة، وهناك حاجة ماسة لوقف هذا فورا. ولكن ليس من خلال التلويح بالأصبع الذي تقدمه وزارة الخارجية حول “قلقها العميق” بشأن المستوطنات الإسرائيلية. ولكن عبر مبادرة إستراتيجية تعتبر مهمة للجميع باستثناء المتطرفين من كلا الجانبين.
ويعلق أن المفاوضات ستكون طويلة وقد تستغرق شهورا من المفاوضات بين الأمريكيين والسعوديين والإسرائيليين والفلسطينيين والنجاح ليس مضمونا. ولو قرر بايدن المحاولة ووضع صفقة على الطاولة، فستكون في مصلحة أمريكا ومصالح إسرائيل الكبرى والمصالح الكبرى للسعودية، وإدخالها في نادي الدول تحت مظلة الأمن الأمريكية، وستمحي آمال الفلسطينيين بحل الدولتين، وسيكون هذا أمرا عظيما.
[email protected]
أضف تعليق