لا زال مخيّم جنين يلملم جراحة بعد عدوان شرس قامت به قوات الاحتلال يوم الإثنين المنصرم فجرًا، فالداخل إلى المخيّم اليوم، السبت، يرى اثار الدمار المهول الذي خلفته الآليات العسكرية، كما والدماء التي لا زالت تُسّجل أحداث مرة وقاسية على الجدران وفي الطرقات المختلفة.
سكان المخيم، والذين عاشوا ايامًا عصيبة واضطروا إلى ترك منازلهم للاحتماء، عادوا إلى المنازل، لكن وبخلاف ما تركوها فقد تحوّلت إلى أكوامٍ من الحجارة وثكنات عسكرية للجنود، فتقريبًا في كل بيت نرى ثقبًا في الحائط خلفه الجنود لتحويله إلى نقطة مراقبة للقناصة التي استهدفت المارة بغض النظر عن هويتهم بادعاء أنهم "مطلوبين".
وفي الوقت الذي نجح فيه بعض السكان بالهرب والاحتماء، سواءً إلى نابلس أو إلى مستشفى أو أي مكان آخر، اضطرت جمالات أبو سرية وعائلتها إلى البقاء بالبيت المتاخم للمدرسة، حيث فاجئها الجنود فجر الإثنين، موعد انطلاق العملية، واستولوا على بيتها وحولوا البيت إلى ثكنة عسكرية فيما تحوّلت عائلة أبو سرية إلى "درعٍ بشريّ".
في العملية التي أطلق عليها الجيش باسم "بيت وحديقة"، تعمّد ترك سكان البيت بلا بيت أو حديقة، وللبعض منهم ايضًا بلا حياة أصلاً.
جرف الحديقة وتدمير المنزل
جمالات أبو سرية، حدثت موقع "بكرا" عن اقتحام منزلها وقالت: كان ذلك فجر الإثنين، حيث وصلت قوة من الجيش إلى المنزل، بداية قاموا بحرق "الشادر" الذي يغطي "الحديقة" ولاحقًا قاموا بإحضار جرافات وجرفوا مدخل البيت والسيارات مدمرون كل شيء.
وتضيف: قام الجيش بجمعنا في غرفة واحدة، وفي البداية اعتقدنا أنّ ما قام به الجيش خارج المنزل سينهي العملية ويتم تحريرنا، لكن مع الوقت بدأت الصورة تتضح أكثر، فقد اقتحموا البيت وقاموا برسم علامات على الجدران تشير إلى كل اتجاه، شمال المخيم، شرق المخيم، غرب المخيم، وجنوب المخيم. وفي كل غرفة قاموا بإحضار معدات وفتح ثقوب من الحائط التي تراقب المخيم من الاتجاهات التي ذكرت.
وتوضح: سيطروا على كل غرف المنزل وعاثوا فيه الفساد، قلبوا الأثاث وقاموا بتكسيره، وأخرجوا عدد من الفرشات ووضعوها في الصالة للنوم والتناوب في بطشهم!.
استعملونا كدروع بشرية والصالة كانت المعتقل
وعن أهل بيتها، قالت: طوال الوقت تم احتجازنا في غرفة في الطابق العلوي، كان يسمح لنا بالخروج فقط عندما احتاجوا اعتقال أي شخص من المخيم، حيث استعملونا كدروع بشرية، الصالة الرئيسية في البيت تحولت إلى معتقل، لم نعرف عدد المعتقلين، لكن طوال الوقت كنا نرى شبانًا يتم تقييدهم لتأتي دورية وتقوم بنقلهم إلى مكان آخر.
وعن أصعب اللحظات، تقول جمالات أنّ الأصعب "كانت عندما قاموا بإطلاق النار على شاب خارج المنزل، في ساحته الخارجية، في البداية تم اصابته، وبعد التأكد من ذلك خرجوا إلى الساحة وقاموا بالتأكد من وفاته، وبقي ملقى في الساحة لمدة يوم ونصف وهو ميت، سمعنا صرخات الشاب وكنا على قناعة أنّنا لن نخرج أحياءً من هذه العملية.
سرقة الذهب واضرار عامة تقدّر بالملايين
وتحدثنا جمالات عن أضرار إضافية، عدا النفسيّة وتقول: بعد أنّ ترك الجنود المنزل غادرنا الغرفة التي تم احتجازنا بها، لنجد أنّ الجيش قام بسرقة الذهب التابع لزوجة ابنتي، يدعون الأخلاقيّة إلا انهم تخطوا كل الحدود البشرية!
بيت جمالات أبو سرية وعائلتها ليس الوحيد الذي تضرر، فحول الموضوع قال وزير الأشغال العامة في السلطة الفلسطينية محمد زيارة إن حجم الدمار الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي على جنين كان ضخمًا؛ حيث تم تجريف طرق كاملة، وباتت الأنقاض تملأ الشوارع وتعيق الحركة.
وتحدث الوزير عن تقديرات أولية حول حجم الدمار في مدينة جنين ومخيمها، مبينا أن 4 مباني أزيلت بالكامل وتحتاج إلى 1.5 مليون دولار لإعادة إعمارها.
أما عدد المباني المتضررة بشكل متوسط لكنها غير آيلة للسقوط، فقد بلغ 25 مبنى، وتكلفة إعادة إعمارها تبلغ مليوني دولار.
وفيما يتعلق بالوحدات السكنية التي تعرضت لأضرار جزئية، فقد بلغ عددها 250 وحدة وتحتاج إلى 2.5 مليون دولار لإعمارها. بينما بلغ عدد المباني التجارية والخدمية المتضررة 150 منشأة، بتكلفة 5 ملايين دولار. وقال إن تكلفة إعادة إعمار جامع الأنصار الذي دمرّه الاحتلال قُدّرت بقرابة مليون دولار.
[email protected]
أضف تعليق