يواجه خط أنابيب شرق المتوسط، الذي يهدف إلى ربط حقول الغاز الإسرائيلي بأوروبا مرورا بقبرص واليونان عبر إسالته في مصر، تحديات كبيرة قد تكتب فشل المشروع.
وفي هذا الإطار، عدلت قبرص من خطتها لتكون ممرا لصادرات تل أبيب إلى أوروبا، مكتفية بمشروع يستهدف تأمين احتياجاتها من الغاز الإسرائيلي، حيث قال كبير مسؤولي الطاقة في قبرص، إن بلاده تأمل -خلال المحادثات التي ستبدأ الشهر المقبل- في وضع خطط لخط أنابيب يربطها بحقول الغاز الإسرائيلية في شرق البحر المتوسط.
وتمثل المقترحات التي قدمتها الحكومة القبرصية الجديدة، التي وصلت إلى السلطة في مارس 2023، نهجا مختلفا بشكل ملحوظ عن سابقاتها في إيصال الغاز إلى أوروبا والأسواق الأخرى.
وبدلا من خط أنابيب شرق المتوسط بطول 2000 كيلومتر (1243 ميل) إلى أوروبا، تقترح الحكومة الجديدة خط أنابيب أقصر بكثير يربط قبرص بالحقول قبالة إسرائيل، وبمجرد وصوله إلى نيقوسيا، يمكن تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسال، ثم شحنه إلى أوروبا.
وشهدت منطقة شرق البحر المتوسط اكتشافات كبيرة للغاز في السنوات الـ10 الماضية، معظمها قبالة إسرائيل ومصر.
وكانت المشاورات حول إنشاء خط أنابيب غاز شرق المتوسط -الممتد بطول ألفي كيلومتر- ونقله للإمدادات إلى أوروبا، قد بدأت منذ ما يقرب من 10 سنوات، مع طرح دعم الاتحاد الأوروبي ماليًا له بصورة جزئية.
وقال وزير الطاقة القبرصي جورج باباناستاسيو، وهو خبير في صناعة الطاقة لما يقرب من 4 عقود: إن "الاكتشافات القبرصية صغيرة ولم تدخل حيز الإنتاج بعد، وبالنسبة لنا، فإن الخطة الجديدة تقدّم عدّة إجابات، وتمثّل فوزًا للطرفين".
وأوضح أن مشروع خط أنابيب شرق المتوسط، الذي ظل قيد المناقشة بين إسرائيل وقبرص واليونان منذ نحو عقد من الزمان، لم تُتَّخَذ أيّ تحركات لتنفيذه، وواجه تحديات كبيرة.
وأضاف: "إنه مشروع كبير للغاية ومرتفع التكلفة، لكن هناك مشكلات فنّية، مثل عمق البحر، حيث يجب مدّ خط الأنابيب"، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
ويرى المسؤول القبرصي أن المشروع الجديد، بخلاف كونه أقصر وأسرع في البناء، فإن ربط 300 كيلومتر بالحقول قبالة إسرائيل يوفر لبلاده الوصول إلى الغاز الرخيص، ويمنح تل أبيب منفذًا آخر للتصدير بالإضافة إلى مصر.
وأشار باباناستاسيو إلى أنه مع احتياجات الغاز المقدَّرة في قبرص بـ0.7 مليار متر مكعب فقط، تريد الحكومة أيضًا منشآت تسييل، إذ ستشجع المستثمرين من أجل تمكين الغاز من الوصول إلى "السوق الأكثر عطشًا" في أوروبا الآن.
ويواجه المشروع بين الحين والآخر العثرات والتحديات، إذ سحبت واشنطن دعمها له، نظرًا لحسابات التكلفة العالية ومدة البناء الطويلة، في حين ترى بعض الدول المشاركة فيه -ومن بينها قبرص- صعوبة تنفيذه لعدّة اعتبارات.
ويصبّ الحديث عن تعديلات خط أنابيب شرق المتوسط في صالح مصر، إذ طالما شكّل المشروع خطرًا على صادراتها من الغاز المسال، بافتقارها لحصّة الغاز الإسرائيلي، مع تراجع إنتاج البلاد وزيادة الطلب المحلي.
وكان وزير الطاقة القبرصي قد أكد في تصريحات سابقة أن بلاده تبحث عن مسارات لاستيراد الغاز دون استغراق المزيد من الوقت انتظارًا لإنشاء مشروعات محلية، موضحًا أن إنشاء محطة للإسالة في قبرص قد يمتد إلى عامين ونصف، في حين إن بناء خط أنابيب يربط بلاده بإسرائيل يستغرق 18 شهرًا فقط.
وشكّل مشروع خط أنابيب شرق المتوسط تهديدًا لخطّة مصر بزيادة صادراتها من الغاز المسال، بصفتها الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تمتلك محطات إسالة، وتستورد الغاز من إسرائيل، وتعيد تصديره إلى أوروبا بعد إسالته.
ودخلت القاهرة في مباحثات ووقّعت اتفاقيات خلال المدة الأخيرة من عدد من الشركات التي تمتلك حقوق امتياز في حقول شرق المتوسط، ومن بينها شيفرون، من أجل إسالة الغاز المستخرج في المحطات المصرية وتصديره إلى أوروبا.
وتعوّل مصر أيضًا على زيادة وارداتها من الغاز الإسرائيلي في تعويض نقص الإنتاج المحلي لمواصلة تحقيق طفرة في صادرات الغاز، وتشغيل محطات الإسالة التي تبلغ طاقتها ما يزيد على 12 مليون طن سنويًا بكامل طاقتها.
وشدّد باباناستاسيو على أن المشروعات المشتركة حظيت بدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس، وستكون هناك لجنتان تقنيتان مع خبراء من الجانبين لبدء المحادثة في يوليو المقبل.
وقال، إن اللجنة الأولى ستكون للغاز والهيدروجين، وستكون اللجنة الثانية للكهرباء، موضحًا أن قدرة خط الأنابيب الجديد على حمل الهيدروجين، الذي يعدّ وقودًا نظيفًا، جعلت منه مشروعًا سيكون مؤهلًا للحصول على دعم مالي في المستقبل من مؤسسات مثل مصرف الاستثمار الأوروبي أو المصرف الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وكلاهما توقَّف عن تمويل مشروعات الوقود الأحفوري.
وأضاف: "بمجرد أن نطوّر التقنيات ولدينا ما يكفي من توليد الكهرباء الخضراء، يمكن استعمال خطوط الأنابيب لنقل الهيدروجين"، مضيفًا أن قبرص وإسرائيل تدرسان أيضًا تسريع وصلة لشبكات الكهرباء الخاصة بهما عبر خط تحت البحر.
[email protected]
أضف تعليق