ازداد الضغط على الشرطة الإسرائيلية في الأسبوعين الأخيرين في قضية الجرائم بالمجتمع العربي، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يجتمع بنواب قائمة الجبهة والعربية للتغيير، ويعد ببذل جهد مضاعف، بعد ذلك تقع الجريمة المروعة في يافة الناصرة والتي قتل خلالها 5 شبان، وأعلنت الشرطة بعد ذلك انها اعتقلت 11 مشتبهًا، ثم جرائم أخرى، والخلاصة، 104 قتلى في المجتمع العربي منذ بداية العام، طبعًا هذا الرقم حتى كتابة وتحرير هذا المقال، وهو رقم تقريبًا مضاعف 3 مرات، إذ لم يتجاوز العدد في العام الماضي في هذه الفترة من العام الـ40 قتيلًا.
المنظومة الأمنية التي تستطيع رصد عالم ذرة في طهران، ومطاردة شاحنة محملة بالسلاح في السودان، وتستطيع خلال أيام الوصول إلى منفذ عملية فلسطيني رغم أنه قام بعملية في غابة، تتصرف كأنها ضعيفة وقصيرة اليد أمام منظمات الإجرام، وأكثر مصطلح يتردد في كل حديث عن هذا الموضوع في الاعلام الإسرائيلي أو حتى في المحادثات بين متخذي القرارات، هو أن هذه هي "ثقافة العرب"، حتى أن المفتش العام للشرطة في محادثة مع وزير الأمن القومي بن غفير والتي كشف عنها بن غفير نفسه، قال هذا الأمر "في دولة أخرى يتم اقالة مفوض الشرطة اذا صدر عنه تصريح كهذا" قال النائب أحمد الطيبي في إحدى المقابلات التلفزيونية.
عدد سكان مضاعف بمرة ونصف .. وأقل من 20 جريمة قتل
عدد سكان الضفة الغربية نحو 3.2 مليون نسمة، يعني أكثر من العرب داخل الخط الأخضر بمرة ونصف الذي يقترب عددهم نحو 1.9 مليون نسمة، فكم جريمة قتل وقعت في الضفة الغربية منذ بداية العام؟ يجيب العقيد لؤي زريقات، المتحدث بلسان الشرطة الفلسطينية: "وقعت منذ بداية العام 17 جريمة قتل، في 13 منها تم حل لغز الجريمة والقاء القبض على القاتل، وفي الجرائم الأخرى، تم حل لغز الجريمة وما زالت قواتنا تبحث عن القاتل وغالبًا يكون مختبئًا في داخل الخط الأخضر أو في المناطق c حيث يمنع على قواتنا أن تدخل". (يذكر أن هذا الحديث كان قبل وقوع جريمة قتل مزدوجة قبل يومين في بيت أمر قرب الخليل).
"المناطق c ومناطق في القدس مثلًا، هي التي تشكل المشكلة الأكبر بالنسبة لنا، حيث يهرب المجرمون إليها، والاحتلال يعرف هذا الأمر ويعرف بوجودهم، كل السلاح يتم تهريبه من داخل الخط الأخضر عبر هذه المناطق ولدينا معلومات بأن الاحتلال يعرف ويغض الطرف، كونه يعرف أن هذا السلاح موجه إلى الإجرام وليس إلى المقاومة، انظروا إلى البلدة القديمة في الخليل، حيث تعتبر من مناطق c ، أوكار تجار السلاح وتجار المخدرات موجودة في مناطق قريبة من نقاط الاحتلال، ولا أحد يفعل شيئًا، عندما تحصل الشجارات هناك بين العائلات مثلًا، يتم استخدام أسلحة متطورة من بندقية 500 أو 250 قرب أماكن تواجد الاحتلال. كل قطعة سلاح تدخل من داخل الخط الأخضر إلى الضفة، يعرف الاحتلال مصدرها وسبب تهريبها، وما دامت الأسباب ليست أمنية، يتم غض النظر عنها".
تهريب الأسلحة
بعض الادعاءات تقول أن جزء من الأسلحة التي تصل الى الداخل (خصوصًا المصنعة منها) مصدرها الضفة الغربية، يقول زريقات: "لم يصادف في السنوات الأخيرة إن ضبطنا حالات كهذه، وما نعرفه أن مشاغل تصنيع الأسلحة استهدفتها إسرائيل في الانتفاضة الثانية وقبل ذلك حتى".
تبعد جنين عن أم الفحم أقل من 10 كيلومترات هوائية، وتبعد طولكرم عن الطيبة أقل من ذلك، العادات والتقاليد نفسها، العائلات نفسها في بعض المناطق، حتى أن هنالك عادات عشائرية مثل الثأر مثلًا، ما زالت موجودة في مناطق الضفة أكثر من مناطق داخل الخط الأخضر، لكن مستوى الأمن والأمان في مدن الضفة الغربية أكبر بكثير، بمراحل، رغم أن الشرطة الفلسطينية لا تملتك الوسائل التي تمتلكها الشرطة الإسرائيلية. ورغم ذلك، واحد من ابرز الادعاءات الإسرائيلية حول العنف بالمجتمع العربي هو أن المشكلة بالعادات والتقاليد العربية، يقول زريقات: "العادات والتقاليد في الضفة معقدة جدًا وصعبة وربما أكثر من الداخل، ولكن الفرق هو الثقة، هنالك ثقة حقيقية بين المواطن الفلسطيني والشرطة الفلسطينية، قبل أيام اتصل شاب أبلغ عن والده أنه يحمل سلاحًا غير مرخص وخاف أن يستخدمه، حتى العشائر وبعضها عشائر كبيرة ولديها نفوذ واحترام في المجتمع، عندما تقع جريمة، تترك الشرطة لتقوم بعملها. حتى عندما يكون هنالك صلح عشائري مثلا بين عائلتين بعد وقوع جريمة معينة، أحد أهم بنود الصلح يكون أن المجرم نفسه يسلّم للشرطة ويحاسب وفق القانون، أما إجراءات الصلح فتشمل باقي أفراد العائلة بمصرف عن المجرم، وهي تضمن عدم وقوع عمليات ثار وتسلسل للجريمة وهذا جيد ويفيدنا طبعًا".
الاجرام المنظم
اذا سألت أي شخص في المجتمع العربي، عن أسباب جرائم القتل، سيقول لك أن معظمها بسبب الاجرام المنظم، حتى تقارير الشرطة تقول أن عصابات اجرام منظم تبرز في المجتمع العربي، وأن حربًا اندلعت بين بعض العصابات في الفترة الأخيرة مما أدى إلى ارتفاع أعداد القتلى بشكل غير مسبوق، يجيب زريقات على سؤال حول وجود الاجرام المنظم في الضفة الغربية: "لا يوجد جريمة منظمة في الضفة الغربية، لا يوجد عصابات معينة تنشط وتقوم بجرائم، تحصل بين حين وآخر عمليات سطو مثلًا، تكون بتنسيق بين عدد من الأشخاص، لكن يتم القبض عليهم، حتى عندما كون هنالك مطلوبين على مستوى عالي من الخطورة، نستطيع أن نصلهم، كما حصل في نابلس عام 2016، وقواتنا تستطيع التمييز بين المقاومين وبين مخالفي القانون والزعران".
وعن أسباب نجاح الشرطة الفلسطينية في مكافحة الجريمة، يقول: "إن السبب الرئيسي لهذا النجاح هو التصميم والإرادة، رغم أن أدواتنا متواضعة مقارنة مثلًا بالشرطة الإسرائيلية، إلا أن قواتنا، كافة الأجهزة، يشمل المخابرات والتحقيق الجنائي وغيرها، لكن في الأساس قوات الشرطة العادية، تعمل مباشرة فور وقوع أي جريمة، تستخدم كاميرات المراقبة المتوفرة، الشهود، الحواجز والملاحقة وكل الأدلة التقليدية، وغالبًا في كل جريمة قتل هنالك ادلة معينة، ونادرة جدًا الجرائم التي لا يوجد عليها أي أدلة، ليس هنا فقط، بل في كل مكان في العالم. ببساطة، في معظم المرات يتم الوصول للقتلة، وهذا رفع من مستوى الردع وبالتالي يمنع وقوع الجرائم، والأمر تطور بشكل كبير في السنوات الأخيرة، قبل 10 سنوات الثقة بين الشرطة المواطن كانت أقل، لكن نجاح الشرطة في حل معظم القضايا وفي رفع نسبة الردع، زاد من هذه الثقة، اليوم اذا حصل شجار صغير بين شخصين في الشارع، تصلنا 10 اتصالات من المواطنين، المواطن يرفض الجريمة".
جريمة قتل الشقيقين أبو حسين
في عام 2021، قتل الشابين شافع وصلاح أبو حسين من باقة الغربية، في جريمة قتل وقعت في طولكرم، وبعدها بفترة، تم الإعلان عن اعتقال مشتبهين، وتبين أن الشرطة الفلسطينية هي التي ساعدت في ذلك، يقول زريقات: "التحقيقات في هذه الجريمة بدأت فور وقوعها كما يحصل عند وقوع كل جريمة، ونجحت في التوصل لأحد المشتبهين مما ساهم بتطور التحقيقات وقد تم تزويد الشرطة الإسرائيلية بالمعلومات التي تابعت التحقيق حتى اعتقال باقي المشتبهين".
ولم يخف زريقات ما تعانيه الشرطة الفلسطينية من تضييقات بسبب الاحتلال "بالإضافة لاستغلال بعض المجرمين مسألة عدم قدرتنا على الوصول إلى المناطق c مما يدفعهم إلى الهروب إلى هناك أو تنفيذ أعمالهم هناك، هنالك عمليات عديدة يضيّق علينا الاحتلال في تنفيذها، أحيانًا أثناء خروجنا لاعتقال تاجر مخدرات مثلًا، يمنع الاحتلال ذلك بحجة وجود نشاط أمني في المنطقة، وتتكرر هذه المضايقات بحجة النشاطات الأمنية بشكل كبير، وفي معظم المناطق، مما يعيق تعاملنا في العديد من القضايا الجنائية، لكن رغم ذلك، تحقق الشرطة الفلسطينية نجاحًا كبيرًا وتكسب ثقة الناس أكثر فأكثر دائمًا".
[email protected]
أضف تعليق