بعد سنوات من العمل المتواصل لإقامته على أرض وقف إسلامي في "حارة الشرف" بالبلدة القديمة في القدس ، انتهت السلطات الاسرائيلية  من أعمال بناء ما يسمى "كنيس جوهرة إسرائيل" التهويدي، والذي يبعد 200 متر فقط عن المسجد الأقصى المبارك.

وتستعد السلطات لافتتاح الكنيس اليهودي، الذي يُحاكي قباب المسجد الأقصى، ويعمل على تشويه فضائه، وإغلاقه أمام كل من يشاهد قبته الذهبية، بالإضافة إلى تطويقه بمعالم يهودية مستحدثة لا تمت للواقع بأي صلة.

وعلى مدار سنوات سابقة، شهدت المنطقة حفريات أثرية نفذتها ما تسمى "سلطة الآثار" الإسرائيلية، التي ادعت أنها وجدت آثارًا من فترة عهد "الهيكل" الأول والثاني، والفترة البيزنطية، لكنها أشارت في بعض تقاريرها إلى أنها وجدت مبنى فخمًا من الفترة المملوكية، وآخر من الفترة العثمانية.

وعملت بلدية الاحتلال على إضافة طوابق جديدة للكنيس، الذي تبلغ مساحة بنائه الإجمالية نحو 1400 متر مربع، وعلى ارتفاع 23 مترًا عن سطح الأرض، ويتكون من ست طبقات، منها طابقين تحت الأرض، يفصل بين ساحة البراق و"حارة الشرف"، وتعلوه قبة ضخمة.

حجب الرؤية

نائب مدير الأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات يوضح أن السلطات الاسرائيلية أجرت حفريات كثيرة امتدت لسنوات طويلة في عمق المنطقة المستهدفة لإقامة كنيس "جوهرة إسرائيل" في حارة الشرف بالبلدة القديمة.

ويضيف بكيرات،  أن "الاحتلال تعمد إقامة مبنى عالٍ وضخم ليطغى على رؤية المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وهو قائم على أرض تابعة للوقف الإسلامي".

ويبين أن "استعداد الاحتلال لافتتاحه يأتي ضمن 100 كنيس يهودي أقيمت منذ احتلال القدس عام 1967، كبؤر استيطانية في محيط الأقصى، لجعل المدينة المقدسة ذات طابع توراتي، ولطمس معالمها الإسلامية العربية".

وتسعى الحكومة الاسرائيلية والبلدية - وفقًا لبكيرات- لخلق واقع توراتي في القدس، كي تُقلص الوجود الإسلامي فيها، وتُغير روايتها العربية الحقيقية، إذ أنفقت ملايين الشواكل لأجل إقامة هذا الكنيس.

والهدف من بناء الكنيس، "استحداث مواقع يهودية في قلب البلدة القديمة، وزرع مبان مُقببة لإثبات ‏وجود حضارة وتاريخ قديم لليهود بالقدس وإخفاء المعالم والآثار الإسلامية، ليكون هذا ‏الكنيس الثاني من حيث الضخامة والعلو في البلدة القديمة، بعد كنيس الخراب"، وفق بكيرات.

ويؤكد أن ما تقوم به "إسرائيل" من محاولة لبناء كنس إضافية، يهدف لخلق قداسة يهودية، وحجب الرؤية عن المسجد الأقصى، وإغلاق الأفق أمامه، والفضاء العام بالمدينة المقدسة، وكذلك إيجاد إحلال سكاني يهودي فيها.

إحكام السيطرة

ويشير إلى أن اسرائيل أقامت  عشرات الكنس والحدائق التوراتية في محيط الأقصى والبلدة القديمة، لإحكام السيطرة عليهما، وخلق واقع حضاري وهوية وثقافة جديدة، بهدف تجسيد "القدس كعاصمة لمشروع الدولة اليهودية".

وتستخدم اسرائيل الطابق الأول للكنيس كمتحف لعرض موجودات أثرية وآثار من "بقايا الهيكل" المزعوم، فيما يخصص الطابق الثاني كمركز للزوار والترويج لروايات مضللة وللتراث الديني اليهودي، وأما الثالث، فهو مخصص للصلاة ويستخدم لتعليم "التوارة" والتعاليم الدينية اليهودية، ولتدريب ما يسمى "كهنة المعبد".

أما الطابق العلوي فسيكون عبارة عن مطلة تُشرف ‏على مباني القدس القديمة، وتستهدف مراقبة المنطقة، بالإضافة إلى حمامات وصالة وخدمات، وتعلو الكنيس قبة يهدف إقامتها للتشويه والتضليل، ولمحاكاة قبة الصخرة وقباب الأقصى.

بدورها، حذرت محافظة القدس من خطورة ما تقوم به "إسرائيل" من عملية تزييف وتزوير لهوية المدينة المحتلة العربية الإسلامية المسيحية، ومن محاولات فرض أمر واقع جديد على الصورة الذهنية المطبوعة منذ آلاف السنين في أذهان الرأي العام العربي والدولي.

وقالت في بيان، إن: "انتهاء الاحتلال من أعمال البناء لقبة ما يُعرف بـ"كنيس جوهرة إسرائيل"، استعدادًا لافتتاحه، يهدف إلى فرض واقع ديني جديد على العاصمة المحتلة، بحيث يتغير وجه المدينة الديني الإسلامي المسيحي".

وحذرت من أن "هذا التهويد المنظم للصورة الذهنية للقدس يُراد من خلاله، تغيير الصورة النمطية التي عرفت بها من خلال قدسيتها الدينية لدى المسلمين والمسيحيين، بحيث يصبح هناك معلمًا دينيًا يهوديًا مزورًا، وسيتم فرضه في أذهان الرأي العام الدولي".

ولفتت إلى أن "إسرائيل تقوم بعملية غسيل أدمغة للسياح الأجانب واليهود لفرض الرواية الإسرائيلية على أدمغتهم وعقولهم وتغيير الصورة الذهنية عن القدس لديهم، بما يخص تاريخها وهويتها، من خلال الأدلة السياحيين التابعين لوزارة السياحة الإسرائيلية وما يتم توزيعه عليهم من خرائط مزورة ومطبوعات تروي روايتهم المزيفة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]