بعد أقل من ثلاث سنوات على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، عرفت العلاقات التجارية بين المملكة المغربية وإسرائيل تطورا ملحوظا، عززته الزيارات الأخيرة لعدد من مسؤولي الدولة العبرية إلى الرباط وتوقيع مجموعة من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين.
وفي الوقت الذي كشفت فيه معطيات حديثة صادرة عن “معهد السلام لاتفاقيات أبراهام” عن تطور كبير في حجم المبادلات التجارية بين الرباط وتل أبيب، تسعى الدولة العبرية إلى تتويج هذه الطفرة الاقتصادية باتفاق للتبادل الحر مع المملكة المغربية.
شاي كوهين، رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب، صرح، خلال ندوة صحافية نظمت الثلاثاء الماضي على هامش الاحتفال بذكرى “تأسيس إسرائيل”، بأن بلاده “ترغب في توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع المغرب”، مضيفا أن “هذا الموضوع تمت مناقشته خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها نير بركات، وزير الاقتصاد الإسرائيلي، إلى المملكة”، في الشهر الماضي على هامش المعرض الدولي للفلاحة بمدينة مكناس.
المسؤول الإسرائيلي ذاته ذكر أن “صادرات إسرائيل إلى المغرب تبلغ، حاليا، 40 مليون دولار أمريكي؛ في حين أن واردتها منه ناهزت 140 مليون دولار”، متوقعا أن “تحقق اتفاقية التجارة الحرة مع ميناء طنجة المتوسط، أكبر الموانئ في إفريقيا، أكثر من مليار دولار في غضون الثلاث سنوات المقبلة على أقل تقدير”.
تتويج للدينامية
خالد العيساوي، محلل اقتصادي، قال إن “إعلان إسرائيل عن رغبتها في توقيع اتفاقية للتبادل مع المغرب هو إعلان جد مهم في هذه اللحظة، خصوصا أن تل أبيب تحاول الرفع من مستوى مبادلاتها التجارية مع الرباط”.
وأشار المحلل الاقتصادي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “اختيار إسرائيل لصرح اقتصادي كبير كمجال لتنفيذ هذه الاتفاقية، ممثلا في ميناء طنجة المتوسط، سيرفع بالتأكيد من مستويات التبادل التجاري بين المغرب وإسرائيل والمبادلات التجارية الحرة في منطقة المتوسط بشكل عام”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “توقيع هذه الاتفاقية سيكون موعدا مع التاريخ وتتويجا للدينامية الكبيرة التي شهدتها العلاقات المغربية الإسرائيلية منذ استئنافهما لعلاقتها أواخر العام 2020، على اعتبار أن البلدين يتوفران على روافد كثيرة تسمح لهما بتشييد علاقة استراتيجية على كافة المستويات”.
على مستوى آخر، شدد العيساوي على أن “أي اتفاق للتبادل الحر مع إسرائيل لن تسفيد منه الرباط وتل أبيب فقط بل القارة الإفريقية بأكملها”، لافتا إلى “الحضور القوي لكل من إسرائيل والمغرب في إفريقيا؛ وهو ما يجعل من فكرة التبادل الحر بين البلدين دعامة أساسية لتقوية علاقاتهما الثنائية من جهة، وتعزيز حضورهما على المستوى الإفريقي من جهة ثانية”.
سياسة رابح-رابح
من جهته أفاد خالد بنعلي، الخبير الاقتصادي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “المملكة المغربية لا يمكن أن تبرم أية اتفاقية من هذا النوع إلا في إطار سياسة رابح-رابح”.
وأضاف بنعلي أن “أية اتفاقية مع أية دولة كانت تراعي أولويات السياسية الخارجية والتصورات الاقتصادية التي وضعها المغرب على المستوى القطاعي، فهي مرحب بها باعتبار أنها تضفي مصداقية على العمل الذي قامت به المملكة على هذا المستوى”.
وتابع الخبير الاقتصادي عينه أن “المملكة وضعت نموذجا اقتصاديا ووفرت له أرضية قانونية وتقنية تؤطره؛ وبالتالي فإن أية اتفاقية من هذا النوع يجب أن تنخرط في هذا السياق، مع تحديد طبيعة القطاعات التي ستشملها والحرص على خلق علاقات متوازنة بين الأطراف الموقعة عليها”.
[email protected]
أضف تعليق