نشر مراسل الشؤون الدولية الإسرائيلي، أمير تيبون، مقالاً في صحيفة "هآرتس"، تحت عنوان "في إسرائيل يخشون: لم تعد لدينا قدرة التأثير على الولايات المتحدة في موضوع إيران"، تحدّث خلاله عن الخشية الإسرائيلية من التفاهمات التي أحرزتها واشنطن وطهران مؤخراً في الاتفاق النووي الإيراني.
وأوضح المقال أنّه في حكومة الاحتلال، "يخشون من أنّ رافعات الضغط التي استُخدمت في الماضي في محاولة التأثير على التفاهمات المتبلورة بين واشنطن وطهران في موضوع البرنامج النووي لإيران لم تعد ذات صلة في الاتصالات المتقدّمة بينهما في هذه الأيام".
وأضاف أنّ "ما أثار الخشية في المداولات الداخلية هو أنّه سيكون من الصعب جداً على إسرائيل حشد معارضة حقيقية في الكونغرس الأميركي لتفاهماتٍ مع إيران، وأنه ستجد صعوبة في التأثير أيضاً في مواقف دول أوروبا فيما يخص الاتصالات".
وأشار المقال إلى ما نقلته "هآرتس" عن تقدّم في اتصالات لتحقيق تفاهمات في موضوع النووي بين إيران والولايات المتحدة، مضيفاً أنّ "الرسالة التي يبثها البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية هي أنّ تفاهماتٍ جديدة ليست مطروحة في المدى الزمني المباشر، وأنّ تحقيقها يتطلب وقتاً طويلاً، لكن في إسرائيل هناك من يقدّرون أنّ تفاهماتٍ كهذه يمكن أن تصدر في الأسابيع القريبة، وربما قبل ذلك".
وذكّر المقال بما حدث في سنة 2015، حين تحققت تفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الاتفاق النووي، في وقتٍ حاولت "إسرائيل" بعدة طرق عرقلة تحقيق اتفاق أو تغيير مضمونه. كما حاولت "دق إسفين بين الدول المشاركة في المفاوضات وتجنيد دول أساسية في أوروبا – فرنسا وبريطانيا وألمانيا – ضد جزء من التنازلات التي وافقت عليها الولايات المتحدة في المحادثات".
وأردف المقال قائلاً إنّ "تلك المحاولات لم تنجح حينها"، وكذلك، هذه المرة، فإنّ "احتمال تحقيق إنجازات بوسائل مشابهة منخفض أكثر"، بحسب التقديرات الإسرائيلية، إذ إنّ "التقدير السائد وسط صنّاع القرار، بمن فيهم الذين يعارضون بشدة التفاهمات المتبلورة، هو أنّ وضع إسرائيل في الكونغرس ساء في السنوات الأخيرة".
في هذا السياق، بيّن المقال أنّ "الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، الذي زادت قوته في السنوات الأخيرة، يتبنى مقاربة أكثر انتقادية لإسرائيل، وهو وضع قد يتفاقم إذا وقعت مواجهة وجهاً لوجه بين نتنياهو وبايدن في الموضوع الإيراني".
وتابع أنّ "أحد المخاوف التي أُثيرت في مداولات داخلية في إسرائيل هو أنّ مواجهة مباشرة مع بايدن ستدفع الإدارة إلى تبني مقاربة أقل دعماً لإسرائيل، رداً على هذه الضغوط الداخلية".
في الساحة الأوروبية، "يقدّر المسؤولون الإسرائيليون أنّ هذا الواقع لن يؤدي إلى تشدد مهم في مواقف ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في إطار الاتصالات بشأن البرنامج النووي"، فبحسب المصادر، "هناك فارق بين تضامن مع مخاوف إسرائيل من إيران وبين كسر الموقف الغربي المشترك مع الولايات المتحدة".
ووفقاً للمقال، فإنّ الخشية من انهيار المحادثات والتدهور إلى مواجهة عسكرية مع إيران تؤثّر في أوروبا، إذ قال دبلوماسي غربي كبير قال لـ "هآرتس" إنّ ذلك "هو الكابوس الذي نحن غير مستعدين بتاتاً للتفكير به حالياً".
وأكّد الدبلوماسي أنّ "حرباً مع إيران، ستلحق الضرر بالوحدة الغربية ضد روسيا، التي هي الأمر الأهم حالياً لأوروبا. لذلك، حتى من يعارض جزءاً من التنازلات الأميركية، سيكون عليه قول نعم لبايدن".
أمّا في الساحة العربية، حاولت "إسرائيل" تشكيل رافعة ضغط إضافية سنة 2015 تمثّلت بدول عربية، وخصوصاً دول الخليج"، إذ اعتاد نتنياهو القول في مقابلات إعلامية وإطلاعات صحافية إنّ "الحكّام العرب في الخليج يتفقون مع مقاربته الشديدة ضد الاتفاق مع إيران، ولو أنهم يمتنعون عن قول ذلك علناً".
لكن اليوم، في المقابل، "الاتصالات مع إيران تجري بموازاة منحى تقارب العالم العربي إلى طهران، بما في ذلك تدشين سفارة سعودية جديدة في طهران في هذا الأسبوع".
وفي واقعٍ كهذا، "يقدّرون في إسرائيل أنّه سيكون من الصعب حشد دعمٍ عربي مهم ضد تفاهمات جديدة، إذا تحققت فعلاً في الأسابيع القريبة"، وفقاً للمقال.
يشار إلى أنّ علاقات إيران والدول العربية مثل السعودية ومصر والأردن، حققت تقدّماً ملموساً في الآونة الأخيرة، ما أثار الخشية الإسرائيلية من هذه التفاهمات. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، في هذا الخصوص، أنّ النظام الذي قد يتغير في المنطقة هو "إسرائيل"، وليس إيران.
اتفاق نووي محتمل
يُشار إلى أنّ التقديرات في "إسرائيل" أنّ "اتفاقاً يمكن أن يتبلور في غضون بضعة أسابيع"، بحسب "هآرتس" التي أوضحت أنّ "الاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول البرنامج النووي الإيراني، تقدّمت في الأيام الأخيرة بصورة مهمة".
وقال محلل الشؤون العسكرية، عاموس هرئل، إنّ "المؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل لديهما انطباع بأنّ الأمور تتجه بوتيرة أسرع، ومن المتوقع أنّ من الممكن أن يتوصل الطرفان إلى توافقات في غضون أسابيع معدودة".
وفي أواخر شهر أيار/مايو الماضي، تحدث الإعلام الإسرائيلي عن وجود مخاوف لدى الاحتلال من اتفاق نووي مرحلي بين إيران والغرب.
وبحسب مراسل الشؤون السياسية في قناة "كان"، ميخائيل شتاين، فإنّ "الخشية الكبرى هي أنّه نوع من اتفاق مرحلي، أي بمعنى اتفاق يبقي بحوزة إيران قدراتها النووية ويثبت الإنتاج الحالي"، لافتاً إلى أنه "في مقابل ذلك، الولايات المتحدة ترفع جزءاً من العقوبات. وعملياً تمكن إيران من الازدهار الاقتصادي مرةً أخرى أيضاً من الجانب الأميركي والأوروبي".
كذلك، قال مصدر سياسي لصحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية إنّ "الاتفاق المتبلور بين الولايات المتحدة وطهران للرقابة على تخصيب اليورانيوم، إلى جانب التقارير عن استمرار تخصيب اليورانيوم في إيران، وإغلاق الوكالة الدولية للطاقة النووية لملف مريفان، يزيد الاستنفار في إسرائيل"، مضيفاً أنّ إغلاق هذا الملف قد تكون له تداعيات خطرة على "إسرائيل".
يُذكر أنّ المحادثات بشأن إعادة إحياء الاتفاق الخاص ببرنامج إيران النووي استؤنفت في 4 آب/أغسطس الماضي في فيينا، وشهدت مشاركة غير مباشرة من جانب واشنطن.
وتعثّرت المحادثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي بسبب عدم اتفاق الولايات المتحدة وإيران على النص النهائي للاتفاق الذي قدمه الوسيط الأوروبي.
ومنذ بداية إحياء الاتفاق النووي، تشدّد طهران على 4 قضايا أساسية، هي: الضمانات بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن إيران، والتحقق من حدوث هذه الأمور، وإغلاق ملف الادعاءات السياسية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
[email protected]
أضف تعليق