قالت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان)، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة[1] الذي يصادف اليوم الأربعاء الموافق الثالث من أيار/ مايو من كل عام، إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ، تواصل اعتقال (16) صحفيًا في سجونها، من بينهم أربعة رهن الاعتقال الإداريّ.

وأضافت المؤسسات، في تقرير لها اليوم، إنّ سلطات الاحتلال تنتهج جملة من السّياسات لتقييد حرّيّة الرأي والتعبير[2] وفرض مزيد من الرّقابة والسّيطرة على الفلسطينيين، كجزء من أدوات نظام الفصل العنصري، وأبرزها سياسة الاعتقال، والتّهديد، والحبس المنزليّ، والاعتداءات المتكررة في ميدان العمل؛ وذلك في محاولة مستمرة لتقويض دورهم المجتمعيّ، والثقافيّ، والسياسيّ، ومنعهم من الكشف عن الجرائم المستمرة بحقّ الفلسطينيين.

وشكّل العام المنصرم المحطة الأبرز في الجرائم، والانتهاكات بحق الصحفيين، فكان اغتيال الصحفية الشّهيدة شيرين ابو عاقلة، الجريمة الأبرز التي شهدها العالم، والتي رافقها محاولة الاحتلال التضليل عبر اختلاق عدة روايات لجريمة قتلها، ويتزامن هذا اليوم مع اقتراب الذكرى الثانية على استشهادها في 11 أيار العام المنصرم، إضافة إلى قتل الصحفية غفران وراسنة.

وقالت المؤسسات: إلى أنّه وفي ظل تصاعد العدوان على أبناء شعبنا منذ مطلع العام الماضي، والذي يعد أكثر الأعوام دموية منذ أكثر من 20 عامًا، فإن الاحتلال صعّد كذلك من حجم الاعتداءات، والانتهاكات بحقّ الصحفيين.

سياسة الاعتقال الإداريّ:
تُشكل سياسة الاعتقال الإداريّ أبرز السّياسات الممنهجة التي تستهدف الصحفيين، حيث تواصل سلطات الاحتلال اعتقال أربعة صحفيين إداريًا وهم : (الصحفي نضال ابو عكر، وعمر ابو الرب، ورجائي حمد، وياسين ابو لفح )، وتبرز هنا حالة المعتقل الصحفي نضال ابو عكر وهو من أقدم الصحفيين الذين بدأوا مواجهة الاعتقال الإداريّ،
(ولد الصحفي نضال أبو عكر في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1968، في مخيم الدهيشة-بيت لحم، وهو متزوج ولديه 3 أولاد، ويحمل درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة بيت لحم، وكان يعمل صحفيًا ومعدّا ومقدم برامج إذاعية.
ويواجه المُعتقل أبو عكر الاعتقال الإداريّ منذ طفولته، وتجاوزت سنوات اعتقاله المتكررة قرابة الـ 18 عاما، جُلّها رهنّ الاعتقال الإداريّ، خاض خلالها إضرابات مفتوحة عن الطعام للمطالبة بالإفراج عنه وإنهاء ملف اعتقاله الإداري، وخلال هذه السنوات واجه الملاحقة والتهديد المستمر.
وأعادت سلطات الاحتلال اعتقاله مجدداً في الـ1 من آب/أغسطس 2022، بعد قرابة الشهرين ونصف من الإفراج عنه، وتم تحويله إلى الاعتقال الإداريّ.)

وإلى جانب سياسة الاعتقال الإداريّ، فقد استهدفت سلطات الاحتلال الصحفيين عبر سياسة الحبس المنزليّ، وبرزت قضية الصحفية لمى ابو غوشة التي تعرضت للاعتقال في شهر أيلول العام الماضي، وأفرج عنها لاحقًا بشروط منها الحبس المنزلي المستمر بحقّها حتّى اليوم، والذي يعتبر من أقسى السياسات التي تنتهجها سلطات الاحتلال بشكل مركزي في القدس.

وبيّنت المؤسسات، إلى أنّ واقع الاحتلال فرض على مدار العقود الماضية على الصحفيّ الفلسطينيّ واقعًا خاصًا فإلى جانب نضاله الصحفيّ، المستمر ضد الاحتلال، انخرط كذلك في العمل النضالي بكل أشكاله، وأدواته كحق مشروع في تقرير المصير، والذي يُشكل عملهم أبرز أدوات النضال الفلسطينيّة، ومن أبرز الصحفيين المحكومين بأحكام عالية في سجون الاحتلال، الأسير محمود عيسى المحكوم بالسّجن ثلاث مؤبدات و(46) عامًا؛ الأسير باسم خندقجي المحكوم بالسّجن لثلاث مؤبدات، والأسير أحمد الصيفي المحكوم بالسّجن لمدة (17) عاماً، والأسير منذر مفلح المحكوم بالسّجن لمدة (30) عامًا، والأسير هيثم جابر المحكوم بالسّجن لمدة (28) عامًا، والأسير يزن جعفر ابو صلاح المحكوم بالسّجن لمدة (4) سنوات.

علمًا أنّ كل من الأسرى: محمود عيسى، وباسم خندقجي، ومنذر مفلح، وهيثم جابر، تمكّنوا خلال سنوات أسرهم من إنتاج مجموعة من الكتب والروايات الهامة، حيث يُشكل الإنتاج المعرفيّ والأدبيّ، أبرز أدوات الأسرى في مواجهة سياسات الاحتلال في سجونه، وجزء هام من التأكيد على حقّهم في حرية الرأي والتعبير.

ومن الجدير بالذكر، إلى أنّ الاحتلال صعّد من عمليات اعتقال الصحفيين منذ أواخر عام 2015، والذي تزامن مع اندلاع الهبة الشعبية، إضافة إلى اعتقال المئات من المواطنين تحت بند ما يُسمى "بالتحريض"، على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وطالت هذه الاعتقالات صحفيين، وطلبة، وأكاديميين، ونشطاء، كما وتعرضت شركات بث وإذاعات، ومقرات لفضائيات خلال الأعوام القليلة الماضية، إلى الإغلاق من قبل الاحتلال بأوامر عسكرية، رافق ذلك عمليات تخريب، ومصادرة ممتلكاتهم، وبعض وسائل الإعلام أُغلقت جرّاء ذلك، وفقد عدداً من الصحفيين عملهم.

ويُشار إلى أنّه وفي تاريخ 27/12/2021 أقرت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للشؤون التشريعية بالإجماع مشروع قانون منع (التّحريض) على شبكات التواصل الاجتماعيّ لعام 2021، جاء هذا القانون في ظل التّوسع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ، وتنوع المنصات الرقمية العالمية، حيث أصبح الفلسطينيون يستخدمون مثل هذه المنصات لدعم قضيتهم وفضح انتهاكات الاحتلال الجسيمة.

وجددت المؤسسات مطالبتها للمؤسسات الحقوقية الدولية، بالتدخل جديّا لوضع حد لانتهاكات الاحتلال المتواصلة بحقّ الصحفيين، ومنها عمليات الاعتقال الممنهجة، خاصّة سياسة الاعتقال الإداريّ، وضمان حقّهم في ممارسة حرّية الرأي والتعبير، حيث يعد استهداف الصحفيين مخالف للقانون الدوليّ الانسانيّ، الذي وفر حماية خاصة لهم.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]