في ظل الاحتجاجات على الإصلاحات القضائية التي تنوي الحكومة سنها، وفي اعقاب اقالة وزير الدفاع يواف جالنت، أعلنت الهستدروت ولأول مرة الاضراب على خلفية سياسية، عن هذا الموضوع، وعن التطورات الأخيرة في الدولة، وتأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي تحدث مراسلنا مع الخبير الاقتصادي د. وائل كريم، الذي سرد لنا سبب تدخل الهستدروت في الأمور السياسية، وتحدث لموقع بكرا عن تداعيات وتأثيرات الإصلاحات القضائية على الاقتصاد الإسرائيلي وعن نظرة العالم الى إسرائيل".
الموضوع هو ليس سياسي وانما اقتصادي
وقال د. وائل كريم في مستهل حديثه :" التعليل لتدخل الهستدروت ، هو لان القرارات الحكومية او ما يسمى بالانقلاب القضائي اثر تأثيرا كبيرا على الاقتصاد، وبالتالي ارباب العمل وأصحاب الشركات تواجدوا في الاجتماع مع رئيس الهستدروت، لذلك الموضوع هو ليس سياسي وانما اقتصادي، بل هي محاولة للتدخل في المسار السياسي من اجل ان تتراجع الحكومة عن ما يسمى بالإصلاحات القضائية، لان لهذا الموضوع تداعيات اقتصادية كبيرة، حيث شهدنا في الأسابيع الأخيرة تراجع في الاستثمارات الاقتصادية، وذلك بعزوف بعض الشركات الأجنبية عن استثمارها في إسرائيل، وشهدنا أيضا استثمارات إسرائيلية تخرج من إسرائيل لصالح استثمارات أخرى، وبالتالي فهم رجال الاقتصاد حجم المشكلة، وبما ان الهستدروت مسؤولة عن العمال وهم الذين سيُلحق بهم الضرر الكبير، أعلنت عن تدخلها، لانها لها اجندة واضحة لمنع القرارات السياسية التي تؤثر على الاقتصاد وتؤدي الى البطالة، حيث لا يوجد أي رجل اقتصاد في العالم يوافق على مثل هذه القرارات، واكبر مثال على ذلك تصريح محافظ إسرائيل الذي قال بشكل واضح بان هذه الاصلاحات القضائية سوف تؤثر تأثير سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي".
إسرائيل ذاهبة الى الديكتاتورية واقل ديمقراطية من الامارات
وأضاف الخبير الاقتصادي :" كان هناك ردة فعل سريعة للأسواق على كل قرار ، وفي كل مرة تم الإعلان على إمكانية انفراج في الازمة كنا نرى صعود وهبوط للشيكل، حيث عندما تم الإعلان عن اقالة وزير الدفاع جالنت كانت هناك ردة فعل سريعة من الأسواق بان إسرائيل ذاهبة الى الديكتاتورية، وهذا يؤثر بشكل سلبي جدا على منسوب الامن والأمان في اقتصاد الدولة، وهذا يؤدي الى هبوط في سعر الشيكل وارتفاع الدولار، وهذا ما لاحظنا في الأسابيع الأخيرة، تهديد واضح على الاقتصاد الإسرائيلي، فلا يعقل بان يذهب نتنياهو الى العواصم الأوروبية ويتلقى الصفعة تلو الصفعة، ويقولوا له بشكل واضح بان الخطوة هي سلبية وتؤثر بشكل واضح على الديمقراطية، وهذا يمكن ان يُخرج إسرائيل من مختلف المجموعات الاوربية، مع ان إسرائيل تغنت دائما بانها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، حيث لو تم الموافقة على هذه الخطة، فستكون إسرائيل اقل ديمقراطية من الامارات ومن الدول المجاورة لإسرائيل".
منسوب عالي من التشكيك
واردف:" بعد إيقاف سن قوانين الإصلاحات القضائية السوق تلقى دفعة، ولكن حتى الان هنالك شكوك بان لا يتم الغاء هذه القوانين، لان الشعب فقد الثقة بحديث نتنياهو، وحتى هنالك منسوب عالي من التشكيك من قبل الاحتجاجات باللقاء المرتقب في بيت رئيس الدولة المنعقد الليلة، حيث بات لدى الجمهور قناعة تامة بان نتنياهو واعواته انتظروا الوصول الى الحكم من اجل احداث انقلاب على الجهاز القضائي، لان الجهاز القضائي هو معادي للجرائم التي ارتكبها نتنياهو وشركاؤه، واصبحنا امام وضع بان المجرم هو من يريد السيطرة على الجهاز القضائي، هذا الموضوع يراه العالم بمنظار جدا سلبي، حيث في حالة سيطرة المجرمون على الدولة فهذا مؤشر واضح على نهاية هذه الدولة، لذلك العالم يرى الموضوع أسوأ بكثير مما نراه نحن في إسرائيل".
انقلاب قيّمي
واسهب نتنياهو خلال 10 سنوات نجح بتغيير مفاهيم قيمية في إسرائيل، حيث رئيس حكومة متواجد في أروقة المحاكم، في أي دولة سليمة يتوجب عليه الاستقالة الفورية، وهذا ما فعله في الماضي اواهاد اولمرط واسحاق رابين، ولكن نتنياهو نجح بان يُفهم الجمهور بانه لا بأس، يمكن ان ارتكب مخالفات واستمر بمنصبي كرئيس حكومي، وهذا يدعى انقلاب قيمي، حيث نرى بان القيم انتهت في إسرائيل، حيث هذا يمكن ان يؤثر أيضا على فطاعات أخرى، على سبيل المثال، اليوم، يمكن لرئيس سلطة محلية ان يرتكب مخالفات ويقول، لا بأس لان رئيس الحكومة أيضا هو ارتكب مخالفات، لذلك الانقلاب القيّمي الذي حدث هو أخطر شيء".
صراع ثقافات قوي في إسرائيل
واختتم الخبير الاقتصادي وائل كريم:" نرى اليوم يقظة كبيرة للمواطنين الاشكناز الذين تغيبوا عن الساحة منذ سنوات التسعين، من فترة رابين، وكان لهم دور كبير في إقامة الدولة، ونسبة التصويت لديهم كانت منخفضة، كان تدخلهم في السياسة الإسرائيلية بشكل متواضع، واتاحوا الفرصة امام اليمين بالسيطرة، ليس اليمين الليبرالي ، انما اليمين "الجعجعي" ،الشرقيين الذي جاءوا من الدول العربية وتعودوا على النظام الملكي، لذلك كانوا يصرحون "بيبي ملك إسرائيل" ، لذلك اليوم نحن امام صراع ثقافات قوي في إسرائيل، بين الثقافة الليبرالية، والثقافة الدينية المتزمتة، والثقافة الشرقية التي لا تؤمن بالديمقراطية".
[email protected]
أضف تعليق