كان إغلاق القواعد العسكرية البريطانية والامريكية بعد ذلك، أول عمل للعقيد معمر القذافي بعد وصوله إلى السلطة في ليبيا في الأول من سبتمبر 1969.
بعد أقل من سبعة أشهر من بدء قيادة النظام الجديد للبلاد، تم إجلال القواعد العسكرية البريطانية من ليبيا يوم 28 مارس 1970.
كانت المملكة المتحدة في ذلك الحين تسيطر على قاعدتين جويتين في ليبيا تتمركزان في شرق البلاد وهما، قاعدة بنينا الجوية في بنغازي وقاعدة العدم في مدينة طبرق، الواقعة إلى الشرق من مدينة بنغازي قرب الحدود مع مصر.
قبل تحقيق هذا الإنجاز، خاطب القذافي لندن عند افتتاحه المفاوضات اللييية البريطانية لإنهاء الوجود العسكري في بلاده قائلا:
إن الجمهورية العربية الليبية غير المملكة الليبية المتحدة، وإن المملكة الليبية المتحدة غير الإمبراطورية البريطانية التي لا تغرب عنها الشمس، وإن عام 1969 يختلف عن عام 1953 الذي عقدت فيه المعاهدة.
إن المعاهدات والصدقات والتعاون أمور لا يمكن أن تبنى في ظل السيف وتحت أزيز الطائرات وهو أمرا يقوله القانون الدولي قبل أن نقوله نحن هنا.
إن حرية ليبيا لازالت ناقصة مادام هناك جندي أجنبي فوق أرضنا.
أنصح المفاوضين بأن لا يضيعوا الوقت لمناقشة القضية من الناحية القانونية، والرجوع إلى نصوص المعاهدة إن المسألة المطروحة اليوم مسألة وجود قوات أجنبية في ليبيا، وليست معاهدة على الإطلاق ويكفي أن الرجل الذي صدق عليها الآن في المنفى، والرجل الذي أعدها في المعتقل، والدستور الذي أجاز له بالتصرف هو الآن في سلة المهملات.
تقول رسالة رسمية للحكومة البريطانية أن الحكومة الليبية طلبت في 29 أكتوبر 1969 أن "ندخل في مفاوضات معهم من أجل الإجلاء المبكر لقواتنا من ليبيا. لقد أبلغنا الحكومة الليبية في 13 نوفمبر أننا نأمل في إقامة علاقة تعاون جديدة على أساس مختلف عن المعاهدة الأنجلو-ليبية لعام 1953، وبالتالي فإننا على استعداد لفتح مفاوضات لتحقيق هذه الغاية على الفور".
بجلاء القواعد العسكرية البريطانية من ليبيا في مارس 1970، أجبر البريطانيون لأول مرة منذ دخولهم هذا البلد بنهاية الحرب العالمية الثانية، على الرحيل، وإنهاء وجودهم العسكري هناك بمغادرة حوالي 400 عسكري من القوات الجوية الملكية من طبرق إلى قبرص بحرا.
وكالة أنباء رويترز كانت تحدثت حينها عن الحدث، مشيرة إلى أن القوات البريطانية بانسحابها من ليبيا، تركت شمال إفريقيا من دون جنود بريطانيين لأول مرة منذ احتلال مصر عام 1882.
تقرير لمجلس الأمن القومي الأمريكي صادر في 15 مارس عام 1960 تطرق إلى نفوذ بريطانيا في ليبيا قائلا إن "المملكة المتحدة تمارس نفوذا كبيرا على الملك والحكومة الليبية بسبب الارتباطات التاريخية وبسبب الالتزامات البريطانية بالمساعدة في الدفاع عن البلاد وتقديم المساعدة العسكرية والاقتصادية. يتمركز الآن ما يقرب من 4500 جندي بريطاني في نقاط استراتيجية مختلفة في ليبيا، والمملكة المتحدة ملتزمة بتقديم دعم اقتصادي سنوي قدره 9.1 مليون دولار حتى عام 1963 مقابل الحق في نشر قواتها واستخدام القواعد الجوية هناك، والمعدات الخفيفة ومعظم التدريب لجيش ليبي اتحادي قوامه 5000 رجل".
التقرير ذاته وصف الوضع في ليبيا في ذلك الوقت بأنه "مصطنع بشكل أساسي تجمعه مؤسسة النظام الملكي بشكل رئيس، وهو غير مستقر. وبسبب الميول الانفصالية القوية بين المقاطعات الثلاث، وعدم اليقين بشأن خلافة العرش، وتزايد المشاعر الجمهورية في المدن، فإن وفاة الملك إدريس قد تعجل بفوضى مجانية للجميع يمكن أن تصل إلى حد يؤدي إلى تفكك البلاد. المنافسة على النفوذ في ليبيا بين الجمهورية العربية المتحدة وبريطانيا، واحتمال عائدات النفط الكبيرة، هي عوامل مقلقة أخرى".
مجلس الأمن القومي الأمريكي حذر في تلك المناسبة من أنه " بسبب المنشآت العسكرية الأمريكية والبريطانية الواسعة في هذه المنطقة المتوسطية ذات الموقع الاستراتيجي، ولأن ليبيا أصبحت مصدرا رئيسيا جديدا للنفط، ما قلل من اعتماد أوروبا على الشرق الأوسط، فإن نتيجة عدم الاستقرار هذه لها أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة".
بعد طرد الوجود العسكري البريطاني، تم إجلاء القواعد العسكرية الأمريكية من ليبيا. وكانت متمركزة في غرب البلاد. تحقق ذلك في 11 يونيو 1970.
الخطوتان كانتا إيذانا بدخول ليبيا بقيادة القذافي في سجالات ومعارك طويلة مع الغرب استمرت حتى إسقاط نظام القذافي ومقتله في 20 أكتوبر 2011.
المصدر: RT
[email protected]
أضف تعليق