احيى العالم أمس، الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، وهي مناسبة يُسلط فيها الضوء على إنجازات النساء ومكانتهن، وسط كم من التحديات التي تحول دون تقدمهّن في مجالات متنوعة.
تختلف التحديات التي تعاني منها النساء من مجتمع إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى، فالتحديات وليدة ونتاج عدد من العوامل التي تُشكل وتبلور هذه البيئة، فعلى سبيل المثال تعيش المرأة في بريطانيا تحديات تختلف تمامًا عن السورية وعن الأردنية وعن الفلسطينية وما إلى ذلك. لكن ما يجمع النساء عامةً هو الذكورية، فكافة العوامل قام الرجال بالدفع إليها وفرضها واقعًا على المجتمع عامةً وعلى النساء خاصةً.
وإذا أردنا أنّ نجمل التحديات التي تعيشها نسائنا العربيات فيمكن القول أنّ النساء يعشن في سجن، وعلى الرغم من أنّ حدود السجون معروفة إلا أنّ الحديث هنا عن حدود واسعة جدًا جدرانها قد تكون قومية وأخرى مجتمعيّة.
تحسن، ليس كافٍ
وفي السياق، تقول مديرة "شتيل" في الشمال، فداء طبعوني: صراحةً حصر التحديات التي تعاني منها النساء الفلسطينيات في إسرائيل أمر يحتاج إلى ساعات من الدراسات والتعمق بالوضع. لا شك أنّ مكانة المرأة العربية تحسنت، وهذا بفضلها، إلا أنّ التحسن ليس بكافٍ، وقد نلمس تراجعًا في ظل الحكومة الحالية التي تعادي ليس فقط المجتمع العربيّ، إنما القيم العالمية والإنسانية التي تحترم المساواة والتعددية وايضًا حقوق المرأة.
وأوضحت: النساء العربيات يعانين من عدة تحديات، وإذا ما فصلناها نضع في السلم التحدي القومي، والذي يؤثر بدوره ايضًا مكانة المرأة اقتصاديا واجتماعيًا، فالمرأة العربية تعيش في ظروف تمييز واقصاء ممنهج، هذا يعني أنّ تقدّم المرأة منوط في تغيير سياسات معينة، وتغيير السياسات هي عملية بدأت وتستمر منذ سنين إلا أنه فعليًا الإحساس العام اننا نراوح مكاننا.
وأشارت: أضف إلى هذا التحدي، التحدي المجتمعي، فرغم التحولات المجتمعية إلا أنّ عددًا كبير من نسائنا لا زال يعيش ظروف قمع وتسلط من دوائر عدة في المجتمع الذي بطبيعته محافظ وتقليديّ.
يتحدثون عن الديمقراطية
وعن ضرورة التحرّك محاولة المرأة تغيير مكانتها، لا سيما في الظروف السياسية الحالية، حدثنا د. منال شلبي، وهي مديرة جمعية "آذار" قائلة: كما في كل عام نحيي في الثّامن من آذار يوم النّساء العالميّ ونحن متّفقات بأن هذه المناسبة ليست عيدًا إنّما هي فرصة للتّذكير بنضالات النّساء اللّاتي حققن إنجازات تسهم ببناء واقع أفضل للنساء والمجتمع عامة في مسار تحقيق العدالة والأمان والعيش الكريم. يأتينا الثامن من آذار من هذا العام في ظل ما يسمى الاحتجاجات من أجل الديمقراطية، ويطالبون المرأة بالتحرك، عن أي ديمقراطية يتحدثون الديمقراطية المعدة على مقاس وشكل قومية دون الأخرى؟ لا يمكن حماية ديمقراطية منقوصة أصلا ومبتورة المعالم.
وأوضحت: الديمقراطية هي بقيمها وليس فقط باسمها وهذه القيم لا يمكن أن تكون نافذة في ظل الاحتلال وسياسات التمييز العنصري. وبالتّوقف عند الكرامة والأمان والعيش الكريم نؤّكد أن الاحتلال والسّياسات العنصريّة هي الحاجز المركزيّ في سبيل إحقاق حقوقنا وانتزاع حرياتنا كنساء.
انعدام الأمن وقرار 1325
"النضال ضد الاحتلال كشرط لتحرر المرأة"، مقولة تتفق معها ايضًا نائلة عواد، مديرة نساء ضد العنف، والتي اطلقت أمس حملة خاصة في السياق، وقالت لنا موضحة: هذا كان شعار حملتنا المشتركة لجمعيات نسوية وحقوقية ومؤسسات إعلامية وكذلك أحزاب سياسية وطنية.
وأشارت: نحن النّساء الفلسطينيّات المواطنات في 48 جزءًا من الأقليّة الفلسطينيّة، والتي تصل نسبتها إلى ما يقارب الـ 20% من مجموع سكّان الدولة. تعاني هذه الأقليّة من التّمييز الذي يمارس على عدّة أصعدة من خلال القوانين والسّياسات الحكوميّة الكولنيالية الاستيطانية. فقانون القومية، يقر بأن دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، مرسخا ومشرعا مبدأ تطوير الاستيطان اليهودي بوصفه قيمة وطنية عليا على حساب سكان البلاد الاصلين، مشرعا بذلك الاستيلاء على الاراضي الهدم والملاحقات. يعد هذا القانون، مثالا لتعزيز الاستعلاء اليهودي، وخلق مسارات منفصلة مخصصة لكل من الفلسطينيين واليهود في الدولة.
وأضافت: تواجه النساء الفلسطينيات العواقب الأشد لهذا التمييز المستمر متعدد الجوانب والتقاطعات وينعكس ذلك في جميع مجالات الحياة نذكر هنا بعضها على سبيل المثال لا الحصر، سياسة هدم البيوت لم يحظ ما يقارب الـ 50،000 بيتًا في البلدات العربيّة بتراخيص بناء من لجان التّخطيط والبناء، وقد تقرّر هدم جميعها.
واسهبت: واذا نظرنا الى تطبيق قرار مجلس الأمن في الأمم المتّحدة 1325 حول سلام وأمن النّساء. نرى أن النساء الفلسطينيات تعاني من انعدام الأمن بحيث يرتبط هذا بشكل تلقائيّ باستمرار الاحتلال والتمييز البنيويّ الممارس بحقّ الفلسطينيين مواطني الدولة المبنيّ على المفهوم القوميّ للأمن في الدولة، وغياب دستور يحمي حقوق الإنسان الأساسيّة بما في ذلك الحقّوق الجماعيّة للأقليّة الفلسطينيّة
واختتمت: ومن الاحتلال تنعكس ممارسات أخرى، منذ اكثر من عشرين عامًا، سلطنا الضوء حول تقصير الشرطة والنيابة العامة في الكشف عن مرتكبي جرائم قتل النساء، وحول تهاون الجهاز القضائي في الحالات التي تم فيها تقديم لوائح اتهام ضد المجرمين، وإنزال أقصى العقوبات عليهم . قلنا في حينه، وما زلنا نقول بأن هذه السياسة ممنهجة وعنصرية موجهة ضدنا كوننا جزء لا يتجزأ من الأقلية الفلسطينية في البلاد، ولكوننا نساء!
[email protected]
أضف تعليق