ما هي الآثار والتبعيات التي ستخلّفها بنود قانون الإصلاح القضائي في حال تم الموافقة عليه بعد القراءة الثانية والثالثة؟ هذا ما يشغل بال مواطني الدولة بشكل عام والمجتمع العربي بكافة مجالاته، وحول هذا الموضوع تحدّث موقع "بكرا" مع المحامي علي حيدر، المختص في حقوق الانسان.
وصرّح حيدر في حديثه حول تأثير القانون على المجتمع العربي قائلًا: "بلا شك فإن التغييرات القانونية وما أصبح يسمى بالإنقلاب القضائي، سوف يكون له تداعيات واسقاطات على الشعب الفلسطيني بشكل عام وعلى المجتمع الفلسطيني بالداخل بشكل خاص. فبالرغم من أن الجهاز القضائي والقانوني كان عمومًا وبشكل بنيوي في خدمة السياسة الإسرائيلية ومحكوم بأهدافها الكبرى، إلا أنه كانت هنالك بعض الاستثناءات الهامشية، حيث شكلت المحكمة العليا محطة أخيرة التي كان من الممكن التوجه إليها إما من أجل التقاضي وإما من أجل رفع الوعي بأهمية الموضوع وإدراجه على سلم أولويات الرأي العام المحلي والدولي".
الهيمنة المسيطرة
وأضاف: "بالتالي ورغم انحيازنا إلى الاجتهادات التي تعتبر إسرائيل ذات نظام حكم إتنوقراطي وليس ديموقراطي حيث تمنح امتيازات جوهرية للمجموعة الأثنية اليهودية على حساب الأقليات الأخرى في الدولة، ويتجلى ذلك في المشاريع والقوانين المرافقة لبنود الإنقلاب القانوني، والتي تسعى لإضعاف المحكمة العليا من خلال منعها من إبطال قوانين الأساس وإلغاء حجة اللامعقولية وايداع تعيين القضاء بأيدي السياسيين من الإئتلاف وتحرير المستشارين القانونيين من الإنصياع لتوجيهات المستشارة القانونية. لا يمكن قراءة هذه التغييرات بمعزل عن الثقافة السياسية المهيمنة والأهداف المعلنة للإئتلاف بالسيطرة والتحكم بالإعلام العام والمؤسسات الأكاديمية والموظفين في الوزارات والمؤسسات الاقتصادية".
وحول دور المحكمة العليا بقضايا المجتمع العربي وسحب صلاحياتها قال: "لقد قلنا أكثر من مرة بأن المحكمة العليا هي جزء من النظام السياسي الإسرائيلي وتمنح شرعية بشكل متواصل ومنهجي لقوانين وقرارات عنصرية وتمييزية". وأضاف قائًلا: "لقد منحت المحكمة العليا الشرعية لسياسات التفوق الاثني والعنصري ولسياسات الفصل العنصري وتمنح الممارسات العنصرية والتمييزية الإحلالية مظلة دستورية فوق قانونية. كما حدث سابقًا بالمصادقة على قانون أساس القومية وقوانين وقرارات أخرى. عدا عن بعض القضايا مثل اللغة العربية على لافتات الطرق وقضية كتسير وقضايا السماح للأحزاب العربية بالمشاركة بانتخابات الكنيست وتمثيل ملائم للعرب ببعض الوظائف والمناصب وقضايا أخرى، أما بما يتعلق بالقضايا الجوهرية مثل قرار عودة أهالي قريتي إقرث وبرعم إلى بلدتيهما ورغم مرور السنين إلا أنه حتى الآن لم ينفذ القرار".
وأكمل: "ليس هذا هو السياق المناسب لاستعراض مجمل الالتماسات التي ردتها المحكمة العليا فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني والمجتمع العربي في البلاد الذي يعيش تحت طائلة التمييز والعنصرية، فقد ردت المحكمة أغلب الالتماسات وتقبلت القليل جدا من الإلتماسات".
التأثير على الأحزاب العربية
وقال حيدر حول تأثير القرار على مكانة الأحزاب العربية والتمثيل العربي في الكنيست: "ستواصل أحزاب اليمين والمركز أحيانا بشطب الأحزاب والمرشحين العرب من المشاركة بانتخابات الكنيست وسوف يكون من الصعب الآن إلغاء قرارات الشطب نتيجة لإضعاف المحكمة العليا وتقليص صلاحيتها في حال تم أنجاز الانقلاب القانوني والمصادقة بالقراءة الثانية والثالثة على مشروع القانون الذي تقدم به عضو الكنيست اليميني الليكودي اوفير كاتس والذي بموجبه سوف يعدل البند ٧.أ من قانون أساس الكنيست، وسيكون من السهل شطب أعضاء وأحزاب عربية. كما شهدنا في الأسبوعين الماضيين المصادقة على قانون سحب الجنسية والإقامة من الأسرى السياسيين".
وأضاف: "في حال أراد العرب المشاركة في الاحتجاجات الجارية في إسرائيل يجب أن يكون المنطلق وتكون الغاية جعل إسرائيل دولة ديموقراطية، بخلاف المجتمع اليهودي الذي يناضل من أجل عدم المساس بالديموقراطية الإسرائيلية القائمة، بمعنى من يناضل الآن في إسرائيل يريد أن ُيُثَّبِت الوضع القائم، بينما من يريد أن يحتج من المجتمع العربي يرى الوضع القائم واقع سيء ويجب تغييره بشكل جذري. حيث أنه لا يمكن تحقيق ديمقراطية في إسرائيل إلا إذا ضمنت الدولة المساواة الحقيقية الفردية والجماعية القومية والمدنية لجميع مواطنيها وعدم منح امتيازات لمجموعة الأكثرية الإثنية على حساب الأقليات المقموعة".
وأنهى حديثه قائلًا: "من يريد المشاركة من العرب بالاحتجاجات الحالية ليس كمساند ومتضامن مع المجتمع اليهودي يجب أن يفهم وأن يدرك بأن نضاله ينبغي أن يكون مختلفا من حيث المنطلق ومن حيث الغاية. فإذا أراد أن يكون مبدعًا يجب أن يدعو إلى التفكير خارج النموذج القائم وأن يرى الجغرافيا أوسع وأن يطمح إلى صياغة مرجعيات مشتركة جديدة وهذا الأمر يتطلب تناد.ٍ من قبل جميع القوى الفاعلة بالمجتمع العربي من أجل تحليل وفهم الوضع الحالي واستشراف المستقبل ووضع إستراتيجية عمل مدروسة من أجل مواجهة التحديات الراهنة والمتوقعة وعدم الانتظار".
[email protected]
أضف تعليق