في الوقت الذي يعاني منه المجتمع من الغلاء وارتفاع الأسعار، تحوّلت بعض الإلتزامات الماليّة المستقبلية إلى تحدٍ كبير للمواطن، مثلا التعليم الجامعي لأبنائنا، الأمر الذي يدفعنا في التفكير مليًا بإستثمار اموالنا بالشكل السليم، فكيف يمكن أنّ نستثمر أموالنا بحكمة، وهل نحن قادرون على ذلك فعلا، ما هي الإمكانيات المُتاحة، وكيف نقوم بذلك بالطريقة الأمثل؟!

في السياق، نلتقي بالمختص المالي والإقتصاديّ، رفعت عواد، وهو مدير قسم الإستثمار في بنك هبوعليم في الناصرة، وحول تعريفه للإستثمار الماليّ، قال عواد: الاستثمار الماليّ ، مختلف تمامًا عن التوفير، وهو الطريقة الأمثل لزيادة إمكانيات الاستفادة من الأموال. إذا رغبتم بزيادة احتمال تحقيق الأمان المالي لأنفسكم وتحسين قدرتكم على تمويل مناسبات وتحقيق أهداف دون الحاجة لأخذ قروض، فمن الأفضل أن تبدأوا بالاستثمار.

وفصّل متطرقًا إلى الأسباب التي تدفع الدخول إلى عالم الإستثمار قائلا: في عالم الإستثمار، نختصر الأسباب بـ 3. الأولى، "تحقيق أهداف على المدى البعيد" مما يعني إذا ما كنتم تخططون لرحلة حول العالم أو إذا رغبتم في المستقبل تمويل دراسة أولادكم في الجامعة - فيجب أن تتحركوا منذ الآن، فالاستثمار يستغرق وقتاً طويلاً! الثانية، "قيمة المال تنخفض مع مرور الوقت"، وهو أمر معروف للجميع، مبلغ 100 شيكل اليوم سيساوي أقل من ذلك بكثير بعد 20 سنة إذا ظل المبلغ في حساب البنك الجاري، ولهذا من المفضل أن نفكر كيف نستثمر المبلغ ونزيد من احتمالات رفع قيمته. الثالثة، "الأموال الفائضة غالبًا ما يتم تبذيرها"، وفي مجتمعنا العربيّ نعي هذا السبب جيدًا، فثقافة الوفرة تشجعنا على زيادة الاستهلاك (التبذير)، ولهذا فمن المحبذ التفكير في حماية الأموال، بالأساس منّا، وتحويله إلى مسار استثمار.
علينا أنّ نعرف التالي..

هنالك فرق ما بين الإستثمار والتوفير

وعن إمكانيّة الإستثمار، قال المختص عواد أنّ الموضوع وارد جدًا، إلا أنّ هنالك عدد من الأمور يجب معرفتها قبل أي استثمار، وقال مشيرًا: مثلا هنالك فرق ما بين الإستثمار والتوفير، وهو أمر مركب جدًا للمستهلك عامةً. التوفير هو عادة دفعة ثابتة لمبلغ معين صغير نسبيًا ويتراكم مع مرور الوقت. الاستثمار هو غالبًا تخصيص مبلغ من المال (متوسط الحجم أو كبير الحجم) على أمل أن يحقق ارباحًا كبيرة (على المدى القصير أو الطويل).

وأكمل موضحًا الأمور التي يجب معرفتها، مضيفًا انّ الإستثمار متاح عندما يكون في الحساب البنكي فائض من المال واسهب: إذا كنتم تعيشون على قدر دخلكم ودخلكم لا يوفي مصاريفكم كلها وحسابكم مدين في البنك، فهذا يعني أن الاستثمار المالي غير وارد وليس خطوة صحيحة بالنسبة لكم. حاولوا موازنة ميزانية الأسرة، وحين تنجحون باقتطاع مبلغ مالي مناسب للاستثمار الذي اخترتموه- فابدأوا بالاستثمار.

وعن مجالات الإستثمار قال: حتى وإن كان مجال الهايتك يزدهر (على سبيل المثال)، فمن المحبذ دائمًا أن تكون حقيبة استثماراتكم متنوعة وتوزع أموال الاستثمار على عدة مسارات. يمكن الاستثمار مباشرة في عدد من المسارات أو الاستثمار في برنامج استثماري (مثل صندوق ائتمان أو شهادة سلة استثمار) يقوم بالعمل لصالحكم ويوزع المخاطر على عدة مسارات. تباحثوا في الأمر مع مستشاركم الاستثماري.

ضرورة متابعة الإستثمار بشكل دائم

وشدد على ضرورة متابعة الإستثمار بشكل دائم، وليس فقط التأكد من خصم مبلغ مالي معين من حسابكم، وأضاف: عند اختياركم برنامج الاستثمار افحصوا دائمًا (بأنفسكم أو بمساعدة المستشار) الأرباح التي حققها البرنامج خلال السنوات السابقة وليس فقط الرسوم الإدارية التي يجبيها البرنامج. ومع ذلك تذكروا أن الأرباح التي يحققها أي برنامج في الماضي لا تعكس بالضرورة الأرباح التي سيحققها في المستقبل.
وحذّر من أنّ الإستثمار عالم محاط احيانًا بمخاطر، وأشار في السياق مقدمًا نصيحة: أحد الأفكار الأساسية في الاستثمارات هو العلاقة بين الاحتمال وبين الخطورة. وبكلمات بسيطة - كلما كان الاستثمار أقل خطورة، فستقل احتمالات تحقيق أرباح عالية. وكلما كان الاستثمار أكثر خطورة - فستزيد احتمالات تحقيق أرباح عالية.

وعن إمكانيّة الربح السريع، أوصى وقال عواد: يستدل من المعطيات الإحصائية أن معظم المستثمرين الذين احتفظوا باستثماراتهم ولم تتأثر تصرفاتهم بذبذبات السوق قد حققوا أرباحًا أكثر من المستثمرين الذين باعوا واشتروا بمناسبة كل هبوط او ارتفاع صغير. قد ترتفع قيمة الاستثمار ومن ثم تهبط ومن ثم تعود للارتفاع وهكذا على هذا المنوال. تذكروا دائمًا أنكم طالما لم تحققوا استثماركم (مثلاً: تبيعون السهم) فإن الربح (أو الخسارة) يظل على الورق فقط.

العثور على مسار الاستثمار المناسب لكم

وفي الختام، تطرّق عواد إلى مسارات الإستثمار وكيفية اختيار المسار الأمثل، وقال: مسارات الاستثمار متنوعة مثل تنوع الأشخاص. ولكي تختارون مسار الاستثمار المناسب لكم، فمن المحبذ دائمًا الاستعانة بمستشار استثماري. أو استفسروا بأنفسكم بعض الأمور قبل ان تختاروا.

واختتم بالقول: لكل استثمار غاية يتحدد بحسبها مسار الاستثمار الذي تختارونه. "كسب الكثير من المال" ليس جوابًا كافيًا في هذا السياق. قد تكون الأجوبة، تمويل دراسة الأولاد، تمويل مناسبة محددة، امتلاك عقار، تمويل الحياة بعد اعتزال العمل، رفع مستوى/جودة الحياة.

• للتنويه: المذكور أعلاه مادة توضيحيّة عامة، إلا أنها لا تُشكل بديلا للحصول على استشارة خاصةً تأخذ بعين الإعتبار إحتياجات الفرد المُتوجه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]