بحلول اليوم الأول من كل عام يقرر كثير من الناس وضع قائمة جديدة بالأهداف التي يتمنون تحقيقها خلال الـ12 شهرا المقبلة، والتي قد تكون خسارة للوزن أو الالتزام بالرياضة أو تعلم لغة جديدة وغيرها من الطموحات المتعلقة بالتطور المهني والمعرفي حتى باتت الخطوة من أشهر وأكثر الصيحات رواجا عند نهاية وبداية كل عام.
وسواء التزم الشخص بتلك القرارات أم لا تعد قائمة المهام السنوية تقليدا تاريخيا يروج بشكل واسع اليوم على الرغم من أن كثيرين لا يعرفون أنه يعود لآلاف السنين، إذ حمل قديما رمزية عميقة وأهمية دينية ومعنوية في العديد من الحضارات.
مفهوم قائمة المهام السنوية يعود للعصر البابلي
يُعتقد أن فكرة قوائم قرارات العام الجديد بشكلها الحالي تعود إلى العصر البابلي القديم، وذلك منذ أكثر من 4 آلاف عام مضت، إذ كان البابليون أول من يسجل احتفالهم بقدوم العام الجديد ويحددون أهدافهم فيه، كما كانوا يوثقون ما تم تحقيقه خلال العام الماضي.
مع مطلع العام الجديد... 7 أخطاء ابتعد عنها
وكان العام البابلي الجديد يبدأ في منتصف آذار احتفالا بزراعة المحاصيل، فكانت السنة الجديدة عبارة عن احتفال ديني يمتد لمدة 12 يوما يعرف باسم "أكيتو"، وفي هذا الوقت كان الشعب إما يتوج ملكا جديدا أو يعيد الاحتفاء بولائه للملك الحاكم.
وآنذاك، كانت قائمة قرارات العام الجديد تتم في شكل وعود للآلهة، فكان البابليون يقدمون قسما لآلهتهم بإعادة الأدوات والثروات المقترضة أوسداد الديون المستحقة عليهم ويعدون بالإيفاء بالحقوق.
وإذ حافظ الناس على وعودهم فستمنحهم الآلهة حظا وبركة خلال العام المقبل، أما إذا لم يلتزموا بها فقد يخرجون عن حظوة الآلهة فتنهال عليهم الخسائر والمصائب.
أهداف العام الجديد عند المصريين القدماء
وفي مصر القديمة شارك الناس أيضا في احتفال تاريخي يعود إلى أكثر من 5 آلاف سنة للاحتفال بنهاية وبداية عام جديد، وكان يسمى "ويبيت رينبيت" (Wepet Renpet) ويعني في اللغة المصرية القديمة "افتتاح العام".
وعلى الرغم من عدم وجود تاريخ موثق لمفهوم وضع قوائم بقرارات السنة الجديدة في وقت مبكر في مصر القديمة فإن المؤرخين يعتقدون أن المصريين القدماء كانوا أول من احتفل ببدء العام، وحددوا أمنيات وتطلعات في صلواتهم الدينية خلال الاحتفالات، والتي كانت تشبه إلى حد ما قوائم أهداف العام التي تتم كتابتها حاليا، لكن بشكل ديني مختلف.
الأثر الروماني والمسيحي على مفهوم "أهداف العام الجديد"
بخلاف تأثير المصريين والبابليين على المفهوم الذي نعرفه اليوم كانت الحضارة الرومانية هي الحضارة الأولى التي مهدت لما تعرف بقوائم أهداف العام الجديد حاليا للتشجيع على تحقيق الإنجازات والأعمال.
ففي عام 46 قبل الميلاد حدد يوليوس قيصر الأول من كانون الثاني بداية للعام الجديد، وسمي الشهر تيمنا باسم الإله الروماني جانوس (Janus).
وكان من المعتقدات آنذاك أن روح جانوس تتخذ شكلا متغيرا يعيش في أقواس المعابد، فاعتقد الرومان أن جانوس بذلك كان يمكنه أن ينظر إلى الوراء في العام السابق وينظر كذلك إلى المستقبل ليرى الأحداث التي لم تقع بعد.
لذا، كان الرومان يقدمون التضحيات والوعود للإله رغبة في نيل البركة والخير والرحمات في السنة القادمة.
أهداف العام الجديد في العصور الوسطى
كذلك اتبعت بعض الأجيال الحديثة في أوروبا نفس التقليد المتمثل في استخدام العام الجديد فرصة للتأمل في الماضي والتطلع إلى الأمام، فكانت نهاية العام مناسبة للنظر في أخطاء الماضي والبحث عن طرق لتعديلها وتحسينها في العام المقبل.
واستمر مفهوم أهداف العام الجديد في العصور الوسطى، فكان الفرسان يقومون بما كان يعرف باسم "نذور الطاووس" السنوية بنهاية العام، إذ جددوا قراراتهم بالحفاظ على قيم الفروسية من خلال وضع أيديهم على طاووس حي.
وبحلول القرن الـ17 أصبحت قرارات العام الجديد أكثر شيوعا، ففي عام 1671 ذكرت الكاتبة الأسكتلندية آن هالكيت عدة قرارات في مذكراتها في الثاني من كانون الثاني، مثل "لن أسيء بعد الآن".
كذلك ارتبط التقليد المسيحي الأساسي بقرارات السنة الجديدة، حيث أنشأ جون ويسلي مؤسس "المنهجية المسيحية" أو ما تعرف بـ"الميثودية" لتصحيح الكنيسة الإنجليزية من الداخل خدمة اشتهرت باسم "تجديد العهد" في عام 1740.
وأصبحت الخدمة معروفة في الكنائس باسم "ليلة المشاهدة"، وصارت تعقد في ليلة رأس السنة الجديدة، وتضمنت قراءات من الكتاب المقدس مع نشاطات لاتخاذ قرارات جماعية وقرارات دينية للبدء بصفحة جديدة من السلوك المسيحي الملتزم.
أهداف العام الجديد بشكلها الحديث
يبدو أن قرارات السنة الجديدة بشكلها الحديث الذي نعرفه اليوم تعود إلى القرن الـ19، فبحسب مجلة "ميريام ويبستر" للمعلومات التاريخية تم العثور على أول استخدام مسجل لعبارة "قرار العام الجديد" في صحيفة بوسطن عام 1813، حيث جاء في إحدى المقالات "هناك جموع من الناس اعتادوا على تلقي الأوامر الصادرة عن قوائم قرارات العام الجديد، ويصممون على أن يكون كانون الثاني هو موعد البدء بالانضباط والالتزام تزامنا مع العام الجديد، حيث يأتي بقرارات جديدة وسلوكيات جديدة، سيكفّرون عن ذنوبهم ويمحون كل عيوبهم السابقة".(الجزيرة)
[email protected]
أضف تعليق