فترة نهاية عام 2022، خصصها معظم أصحاب المصالح التجاريّة في البلاد لتقييم وتلخيص العام التجاريّ المنصرم في المصلحة، لكن ما لن يفعله معظمهم هو عمليّة استخلاص عِبَر جذريّة وتخطيط مسبق وحكيم لعام الأعمال المقبل.

لذلك مهم جدًا التخطيط والتجهيز لمصلحتكم للعام المقبل، إليكم المقابلة الخاصة مع مديرة بنك هبوعليم، فرع كفركنا، المُختصة الاقتصادية نبال أبو ريا، والتي تقدم لكم هنا النصائح والخطوات العمليّة الّتي بإمكانكم اتخاذها لتحوّلوا عام 2023 لأفضل عام في مسيرة مصلحتكم التجاريّة.

وحول أهميّة الموضوع، تقول أبو ريا: بخلاف الأجيرين والأجيرات في سوق العمل، والّذين يستطيعون الاعتماد على البرامج والتوفيرات الماليّة المتاحة لهم من خلال الهيئات وأماكن العمل الّتي يعملون بها، فالمستقلّون والمستقلّات يفتقرون إلى تلك الإمكانيّات. علّمتنا الأحداث الأخيرة وغير المتوقعة الّتي شهدناها جميعًا، على الدمج بين خطط العمل الجيدة إلى جانب القدرة على المرونة عند الحاجة في سبيل التكيّف مع التغييرات من ناحية، لكن البقاء على أهبّة الاستعداد من الناحية الأخرى.

لا تُكرروا نفس الخطوات، فكروا بطريقة مبتكرة

وعن النصائح، فصّلت وقالت: الفحص الذاتيّ واستبطان التجربة. يكمن جوهر جميع القرارات والخطوات التجاريّة لعام 2023 في هذه المرحلة. ويتوجب عليكم جعلها الخطوة الأولى في العمليّة كي تتمكّنوا من استبصار وجهتكم في المصلحة للعام التجاريّ القريب، والطريقة لإتمام هذه العمليّة، هي الفحص الشامل والمفصّل لجميع المعطيات والبيانات الموجودة لديكم. سيستصعب أصحاب المصالح التنبّه وملاحظة الأمور الفعّالة والأقل فعّالية، إن لم يدرسوا هذه المعطيات بشكل دقيق ومفصّل، وسيصبح من الصعب تحديد الأهداف أو توجيه المصلحة إلى الأهداف المنشودة. لن تنجحوا في التعرّف على الخطوات الفعّالة والناجحة أو الأقل فعّالية إن لم تتمّموا فحص ودراسة تجربة الماضي بشكل معمّق، ولن تتعرّفوا على نقاط الضعف أو ومواطن القوة، تعتمد الخطّة التجاريّة الجيّدة على دراسة هذه المعطيات والبيانات.

واسهبت في السياق: في المرحلة الأولى قوموا بتلخيص العام المنصرم بشكل مفصّل وقابل للقياس بقدر الإمكان. راجعوا جميع الأرقام والبيانات. واطرحوا على أنفسكم الأسئلة التالية، " أيّ من المنتجات كانت مربحة؟ وأيّها كانت غير مربحة؟"، " أيّ من خدمات الزبائن الّتي قدّمتها المصلحة كانت فعّالة بالنسبة إليهم؟" "أيّ من الزبائن استغنوا عن خدمات المصلحة وما التبرير لذلك؟".

"اجمعوا بيانات الدخل والإنفاق، تحقّقوا من أدائكم في مجال المنصّات الاجتماعيّة، تفحّصوا عدد المتابعين للمصلحة، وتأثيرات حركة المرور في هذه القنوات. في حال كان لديكم موقع على الشبكة استخرجوا بيانات مشاهدة الموقع، وليشمل كميّة المتصفّحين، افحصوا سلوك زائرين الموقع، أيّ من المقالات أو المنشورات حظيت برواج كبير وأيّها زادت منسوب الدخل. عندما لا نتحكّم بالبيانات نحن نتصرّف بعدم وضوح وعدم فهم الموقف على حقيقته، وهذا سيمنعنا من رؤية الصورة الكاملة، وسيشكّل عائقًا أمام التقدّم وتحقيق أهداف استثنائيّة في مصلحتنا".

"نظّموا جميع المعلومات بشكل يتيح لكم سرد قصّة مصلحتكم لكي تتمكّنوا من فهم مقدار الدخل من كلّ منتج أو من كلّ خدمة تقدّموها واحسبوا كم كلّفكم ذلك (سواء عن طريق حساب ساعات العمل أو خصم النفقات)، من هم الزبائن الّذين تتمتّعون من العمل معهم، مجمل المصاريف الّتي أنفقتموها خلال العام ولأيّ أغراض".

التوقيت هو العنصر الأساس للنجاح: Timing is everything

واكملت أبو ريا معددة النصائح: حاولوا تعيين حدود نشاطاتكم وفقًا لفصول ومواسم معيّنة، أو حسب الفترات الأكثر ربحًا في المصلحة، ثمّ استخلصوا استنتاجاتكم وفقًا لهذه البيانات. هذه الخطوة هامّة ليس فقط من أجل معرفة أيّ منتجات ستبيعون أو متى ستبيعونها، بل من أجل إعداد ميزانيّتكم على أفضل وجه، وبالتالي تمنعوا تضرّر تدفق الأموال السنويّ خاصةً إن كانت الخدمات الّتي تقدّموها متعلّقة بالمواسم، أو إن كنتم تبيعون منتجات حسب أشهر معيّنة على سبيل المثال منتجات متعلّقة بالأعياد أو بالفرص والإجازات. سيتيح لكم هذا الفحص السنويّ إمكانيّة إدارة الإعلان والتسويق من خلال رؤية سنويّة شاملة، أو سداد مخصّصات السلطات بموجب القانون، والأهمّ سيساعدكم على تهيئة مصلحتكم وتوفير الحلول "للأيّام السوداء والماطرة".

لا تكتفوا بنجاحات الماضي، انطلقوا لتحديات جديدة

وأشارت ايضًا: دراسة الماضي واستخلاص الاستنتاجات خطوة ممتازة، لكنّها ليست بالكافية. من أجل ضمان نجاح هذا العام وتحويله لعام اختراق الحدود التجاريّة والشخصيّة يتوجب عليكم أيضًا اختراق حدودكم الخاصّة ولو بقدر قليل. حتّى لو عدّدتم العام المنصرم كالأكثر نجاحًا لمصلحتكم التجاريّة، فليس بالضرورة تكرير وإعادة الخطّة ذاتها لذلك العام الناجح هي الخطوة الأفضل. على العكس- تأمّلوا سيرورة العام للحظة بنظرة ثاقبة قليلًا، وحاولوا اكتشاف الخطوات الّتي اتخذتموها لتجعل هذا العام ناجح بهذا الشكل. وبعد الاستنتاج من التأمّلات في العام المنصرم والتعرّف على الخطوات الّتي كانت أقلّ فعّاليّة، أو الخطوات الفعّالة الّتي ساهمت في إنجاح هذا العام، لا تطمحوا في تكريرها كما هي مع تعديلات بسيطة تجعلها أكثر دقة، بل افحصوها بشكل أعمق يمكّنكم من تحسينها فعليًّا.

مبدأ باريتو | ما هي الأمور ومن هم الأشخاص الّذين يستنزفون طاقاتكم

وتطرقت خلال الحديث إلى مبدأ باريتو، مشيرةً: هو من نوع المبادئ الأساسية في الحياة، ومبدأ باريتو يعتمد على "حكم التجربة" الّتي تساعدنا على التمييز بين الأمور الهامّة والأمور الهامشيّة. بحسب هذا المبدأ يكوّن 20% من الزبائن ما يقارب الـ 80% من الدخل، 80% من الأرباح تصل من 20% من المنتجات أو الخدمات، 20% من الموظّفين مسؤولون عن 80% من النتائج وهكذا. حاولوا الفصل بين الزبائن الّذين تستثمرون بهم أكبر قدر من الطاقة لكنّهم يشكّلون نسبة ربح أقلّ في نهاية المطاف. بالمقابل، افحصوا إمكانيّة الاستثمار بالزبائن "الجيّدين" في المصلحة، كيف يمكنكم الحفاظ عليهم وكسب رضاهم بشكل أكبر حتّى تزيدوا دخلكم وفقًا لذلك. افعلوا ذلك من خلال محادثة صريحة ومباشرة، فيها تستمعوا فعليًّا لآراء الزبائن عمّا يحتاج التحسين في مصلحتكم.

"طبّقوا هذا المبدأ في مجالات أخرى داخل مصلحتكم، وافحصوا كيف تقسّمون وقتكم بين المهام السطحيّة والمهام ذات التأثير الأكبر، ما مصدر الأرباح الكبرى في المصلحة، أي من الموظّفين يثمر لصالحكم النتائج الأفضل، ومن منهم يوفّر لكم الوقت والمال، ومن منهم يستنزف منكم طاقات غير ضروريّة".

"فكروا بكبير"

وأضافت، من النصائح: إطلقوا عنان تفكيركم، إسألوا أنفسكم ما الأمر الّذي سيتيح النجاح الباهر لكم ولمصلحتكم، وابدؤوا في السعي لتحقيق ذلك. خلال هذه المرحلة سيكون توجّه الـ "ماذا" قبل الـ "كيف" فعّالًا بشكل أكبر. لا تشغلوا أنفسكم بأسئلة مثل "هذا الأمر واقعيًّا أصلًا؟"، "هل الأمر ممكن؟"، لا تحبطوا طموحكم وابتعدوا عن التفكير السلبيّ وفكروا "بكبير" ستشكّل الأهداف الّتي تحدّدوها هنا في هذه المرحلة حجر الأساس في خطّتكم التجاريّة. لس براون هو الشخص الّذي صاغ هذا الأمر بشكل مثاليّ عندما قال " الإشكاليّة مع الناس ليس إنّهم يصوّبون نحو أهداف بعيدة فيخطئون، بل أنّهم يصوبون نحو أهداف قريبة فينجحون".

كونوا شجعانًا وبادروا للتغيير

وشجعت أصحاب المصالح وقالت: ميزة الطبع الإنسانيّ، الامتناع دومًا عن التغيير. لكن هذا ليس بالأمر الأكثر صوابًا للمصلحة. لا تخجلوا من البحث عن طرق تقلّصوا من خلالها التكلفة لتستثمروا المال الّذي وفّرتموه من مجال معيّن لتحسين مجال أخر. انظروا إلى الأرقام؟ ماذا تخبركم؟ ما هي المجالات الأكثر إنفاقًا في المصلحة، أين يمكنكم التقليص وهل يمكنكم توجيه تدفّقكم التجاريّ بشكل أكثر فعّالية. أجروا محادثات مع المورّدين الحاليّين وافحصوا معهم إمكانيّة قائمة أسعار جديدة ومعدّلة لصالحكم. افحصوا إمكانيّات إضافيّة لمورّدين أخرين يقترحوا عليكم أسعارًا أكثر ربحيّة لمصلحتكم.

هناك تفصيل آخر جدير بالفحص قد يكون يكلفكم في الوضع الحاليّ تكلفة باهظة في المنظور السنويّ، وهو موقع المصلحة. ربّما من الممكن تقليص تكلفة عقد إيجار مكتبكم في حال انتقلتم إلى موقع جديد، أو ربّما ستجدون موقعًا استراتيجيًّا يلائم متجركم "البوتيك" أصبح الآن متاحًا لكم، أو حتّى قد تكون إمكانيّة العمل من البيت بمستطاعها تقليص تكلفة الإيجار وبالتالي الحصول على استرداد لقيمة نفقة الكهرباء، المياه، وضريبة الأرنونا وما إلى ذلك.

بالإضافة إلى ذلك، إنّه الوقت الملائم أيضًا لتفحصوا من جديد أسعار المنتجات في مصلحتكم. سعر المنتجات هو جزء من الجودة والأشخاص المسؤولون عن العلامة التجاريّة الّتي أسّستموها لمصلحتكم، وبداية السنة الماليّة عبارة عن فرصة ذهبيّة لمراجعة قائمة الأسعار وإدخال التعديلات إذا لزم الأمر.

بدون ديون

وأكملت مُتطرفة إلى الأعباء الضريبية، وقالت: من مهم التعامل بأهميّة مع الموضوع، وإجراء الفحص والتدقيق أمام السلطات الضريبيّة والتأكّد من بداية عام ماليّ خالٍ من الديون. سيتيح لكم الفحص الحكيم لنفقات الضرائب وموازنة التدفّق الماليّ تخصيص مبلغ شهريّ "تضعونه جانبًا" لتسديد دفعات ضريبة القيمة المضافة، رسوم التأمين الوطنيّ، ضريبة الدخل، وهكذا تكونوا مستعدّين لتسديد ديونكم بكلّ لحظة.

عالم الـ ONLINE هو المستقبل

وأشارت: إن لم تلتحقوا بعالم الديجيتال ولم تنشئوا موقعًا على الشبكة بعد، أو لم تعدّوا قوائم بريديّة ولم تحاولوا الاندماج على الأقلّ في إحدى المنصّات الاجتماعيّة الملائمة لمصلحتكم ولجمهوركم المستهدف، حان الوقت لدخول العالم الافتراضيّ. في يومنا هذا انتهى عصر دليل الصفحات الذهبيّة، والتوصيات الشفهيّة، أو الإعلانات في الصفحة الأخيرة من الصحف- إذا لم تظهر مصلحتكم في صفحات البحث على الإنترنت ستخسرون آلاف الزبائن المُحتملين. لا يهمّ إذا كانت العلامة التجاريّة الّتي تروّجونها سلعًا ماديّة، أو خدمات تقدّمها مصلحتكم، يوجد مكان للجميع في عصر الديجيتال. إذا كنتم تروّجون السلع الماديّة بإمكانكم أيضًا إنشاء متجر "أونلاين"، بإمكان المصالح الّتي تقدّم الخدمات الانتقال إلى منصّة "الزووم"، إنشاء مدوّنة أو حتّى إنشاء دورة تدريبيّة رقميّة. كونوا مبدعين وخلّاقين، ولا تبخلوا بالإنفاق على الأشخاص المختصين بالمجال الّذين سيساعدونكم في الانتقال إلى عالم "الأونلين" بطريقة سلسة وفعّالة خصّصت لتلائمكم، وتلائم مصلحتكم وجمهور زبائنكم.

هذا هو الوقت المناسب أيضًا لدمج الأتمتة (التشغيل التلقائيّ) في المصلحة في سبيل تحسين عمليّة التسويق والتوزيع، وترقية عمليّة الجباية في المصلحة من أجل تسهيل الأمور على الزبائن في عمليّة الشراء. استثمار من هذا القبيل سيعود على المدى البعيد بال فائدة على مصلحتكم، وبإمكانه تقليص ساعات عمل عديدة، وتوفير الاستعانة بالموارد البشريّة الخارجيّة.

تحديد الأهداف والغايات


ولخصت بالقول: بإمكان عام 2023 أن يتحوّل لعام الإنجازات وتحقيق الطموح الّذي تضعونه لمصلحتكم بشرط أن تخصّصوا الوقت الكافي واللازم لاستخلاص الاستنتاجات من العام المنصرم بشكل دقيق، ومعرفة الدافع الّذي يحفّزكم بعمق. كلّما استثمرتم وقتًا وطاقة أكثر في التحقّق من نشاطكم التجاريّ إلى هذه اللحظة، سيسهل عليكم تحديد أهداف وغايات العام المقبل. لتتمكّنوا من فهم وجهتكم التجاريّة عليكم تحديد أهداف مفعمة بالطموح لكن قابلة للتحقيق طبعًا. خصّصوا وقتًا للعصف الذهنيّ النوعيّ، وسجّلوا جميع اقتراحاتكم للتحسين الممكن في المصلحة على ورقة. تساعدوا بالبيانات الّتي جمعتموها حتّى الآن، ودراسة ميزانيّة المصلحة، وأيضًا ملاحظاتكم الّتي دوّنتوها خلال المحادثات مع الزبائن الحاليّة.

اعملوا على تطوير أنفسكم أيضًا ولا تستكفوا بتطوير المصلحة فقط، فقدرتكم الماليّة تتلائم دائمًا مع قدرتكم على التطوّر العقليّ وتوسع وعيكم الخاصّ، لذا عليكم دمج فعّاليّات تساعدكم على التطوّر الشخصيّ في برنامج أنشطتكم لهذا العام، لا تنسوا إدخال إجازة استجمام مدلّلة، دورات استكمال وتدريبات مهنيّة، دورات إثراء، ندوات ومؤتمرات للتأهيل المهنيّ والتنمية الشخصيّة. استثمروا بأنفسكم بنفس القدر الّذي تنوون الاستثمار بمصلحتكم. ميّزوا بين التكلفة والوقت وأدرجوا ذلك أيضًا في البرنامج السنويّ والميزانيّة السنويّة.

وختمت، أبو ريا مُوضحة: قال جيم روهان الّذي يعدّ أفضل خطباء التحفيز والتنميّة في عصرنا هذا: أعملوا جاهدين على تطوير أنفسكم بدلًا من الاجتهاد في عملكم. لا تطمحوا أن تكون الحياة أسهل، بل اطمحوا باتجاه التطوّر الشخصيّ. لا تطلبوا عيشًا خالٍ من المشاكل، بل تمنّوا اكتساب المزيد من المهارات. وبكل ما يخص التثقيف المالي يمكنكن الاستعانة بموقع مركز النمو المالي وخدماته. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]