رفضت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس استئناف عائلة غيث-صب لبن ضد قرار إخلائهم من منزلهم في البلدة القديمة في القدس لصالح جمعية استيطانية، بحيث أعطت المحكمة الضوء الأخضر لإخلاء نورة غيث- صب لبن (67 عاما) وزوجها مصطفى (72 عاما) بعد تاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2023 ،علما أن العائلة سوف تستأنف القرار أمام المحكمة العليا الإسرائيلية.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية جمدت عام 2016 قرار إخلاء سابق ضد العائلة، حيث أعطت نورة وزوجها 10 سنوات إضافية قبل إخلائهم من المنزل، في حين قامت المحكمة وفي سابقة خطيرة بإخلاء أبناء نورة وأحفادها من المنزل بهدف منعهم من المطالبة بحقهم كجيل ثالث يستفيد من حق المستأجر المحمي. منعت المحكمة العائلة بشكل فعلي من العيش معا في منزلها بل وجعلت ذلك سببا لإخلاء نورة وزوجها في حال استمر أحد أبناء العائلة في السكن معهم.
اخلاء جديد
وكانت المحكمة العليا قد أعطت الجمعية الاستيطانية الحق بالتقدم بقضية إخلاء جديدة ضد نورة وزوجها بعد مرور عامين من قرارها، وتقدمت الجمعية الاستيطانية بطلب إخلاء جديد للعائلة أمام محكمة البداية عام 2019 وصدر منها قرار الإخلاء الحالي في آذار/مارس2022 والذي أقرته المحكمة المركزية مؤخرا.
قرار الإخلاء يأتي بادعاء عدم سكن نورة وزوجها في المنزل، حيث تجاهلت المحكمة الوضع الصحي للزوجين وتقدمهم بالعمر الذي أجبرهما على المكوث لفترات لدى أبنائهما خارج البلدة القديمة ليعتنيا بهما، بالإضافة إلى منع العائلة من القيام بأعمال ترميم ضرورية جعلت السكن فيه غير آمن. محاكم الاحتلال شككت بتقارير طبية رسمية تقدمت بها العائلة، وتقوم بمعاقبة العائلة على الوضع غير الإنساني الذي فرضته على العائلة حيث منعتهم من السكن معا في منزلهم وتستند على ذلك كذريعة للاستيلاء على المنزل من قبل الجمعيات الاستيطانية. وصفت قاضية محكمة البداية في قرار الإخلاء شهادة العائلة أمامها حول قسوة ولإانسانية منعهم من العيش معا في منزلهم بالدرامي و"المنفصل من الواقع".
وقالت العائلة في بيان لها ان قرار الإخلاء الأخير هو واحد من عشرات الإجراءات ومحاولات الاستيلاء على منزل العائلة، حيث تستمر دولة الاستعمار والابارتهايد الإسرائيلي عبر أذرعها التنفيذية ومحاكمها الشكلية والجمعيات الاستيطانية منذ ما يزيد عن 50 عاما في محاولات الاستيلاء على المنزل الذي سكنته عائلة نورة منذ عام 1953 بموجب عقد إيجار محمي من المملكة الأردنية الهاشمية. المنزل الواقع في عقبة الخالدية بالقرب من المسجد الأقصى هو آخر منزل فلسطيني في مجمع سكني ضخم استولى عليه المستوطنين وسلطات الاحتلال بيتا تلو الآخر بعد عام1967 وبضوء أخضر من محاكم الاحتلال.
معاناة العائلة
عانت نورة وعائلتها من على مدى خمس عقود من محاولات التهجير من القدس والاستيلاء على منزلهم والمضايقات المستمرة ودعاوى قانونية متتالية وانتهاك خصوصيتهما وحياتهما الأسرية. تأتي هذه المضايقات كجزء من سياسة أوسع تهدف لتهجير الفلسطينيين من القدس المحتلة وتقليص الوجود الفلسطيني في المدينة واستبدالهم بالمستوطنين اليهود الإسرائيليين، كما هو الحال في الشيخ جراح وسلوان وما يسمى بمناطق ج في الضفة الغربية المحتلة. تهجير الفلسطينيين ومحي وجودهم والاستيلاء على أرضهم وممتلكاتهم كان دوما المكون الأساسي والمركزي لقيام واستمرار وتوسع دولة الاستعمار الإسرائيلي على أنقاض الوطن الذي سلبوه من الفلسطينيين، أنها النكبة التي حصلت وبدأت عام 1948 ولا تزال مستمرة حتى اليوم.
حسب معطيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، تواجه ما يزيد عن 218 عائلة فلسطينية في القدس المحتلة خطر الإخلاء من منازلهم من قبل سلطات الاحتلال، في حين يقدر أن ما ال يقل عن 10 الاف منزل فلسطيني يقع تحت خطر الهدم. تشكل ممارسات تهجير الفلسطينيين عبر هدم منازلهم والاستيلاء عليها ترحيلا قسريا، وهو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة حرب حسب القانون الجنائي الدولي.
[email protected]
أضف تعليق