إن الأحكام العالية الجائرة التي فرضتها المحاكم الإسرائيلية، على معتقلي هبّة الكرامة، تُعتبر خطيرة جدًا في أبعادها القانونية والسياسية والأمنية حيث نرى فيها محاولة ترسيخ "روح نظام حكم عسكري جديد" بدت ملامحه واضحة من خلال سياسات أجهزة الدولة المختلفة من شرطة ونيابة عامة وقضاء تجاه أبناء مجتمعنا في الداخل.
ترى مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان في الناصرة، أن هذه الأحكام العالية مُبالغ فيها إلى حد كبير وتعتبر سابقة خطيرة، ما يشير بوضوح إلى أن المنظومة القضائية في إسرائيل تهرول بسرعة إلى مزيد من التطرف والتمييز بأحكامها والتعامل في ازدواجية المعايير والأحكام مع الملفات ولوائح الاتهام بُبعد قومي بين العرب واليهود.
من هذه الأحكام القضائية العالية والجائرة، يتضح لنا جليّا من جهة، أنها لا تتطابق مع أحكام أخرى بالرغم من تشابه تفاصيل لوائح الاتهام وبنود القانون، وأن هذه الأحكام فُصلت مقاساتها خِصيصًا لمعاقبة الشبان العرب على خلفية المشاركة في أحداث هبّة الكرامة في أيار 2021 احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي على القدس وقطاع غزة. ومن جهة ثانية، يتضح أن المحاكم تنصاع بشكل كبير للتوجيهات السياسية والأمنية وللأجواء العامة المحرضة على كل من هو عربي، برفع الأحكام لخلق أداة ردع للجمهور العربي بشكل عام والشباب بشكل خاص من أي مشاركة مستقبلية في احتجاج سياسي في إطار الملاحقة السياسية ضد الناشطين، والتي تهدف إلى الترهيب والتنفير من العمل السياسي في المجتمع العربي.
في المقابل، فإن الفجوة كبيرة جدًا في معدل الإدانات وشدة العقوبات التي صدرت بحق المتهمين العرب مقارنة باليهود الذين دائما يأخذون الأحكام المخففة، إن لم يكن تبرئة كاملة من أي تهم، وأفضل مثال على ذلك بالرغم من وضوح الضالعين في قتل الشهيد حسونه من اللد تم أغلاق الملف ضد القاتل بالمقابل قُدمت لائحة اتهام ضد سبعة شبان عرب من اللد بتهمة قتل مواطن يهودي بذات الأحداث، كما أن هناك ازدواجية واضحة من قبل النيابة العامة من حيث عدد لوائح الاتهام التي قدمت ضد العرب مقارنة مع اليهود، كذلك نجد أن النيابة العامة تطلب فرض عقوبة السجن المشدد ضد المتهمين العرب ولعدة سنوات طويلة، وهذا ما لا نراه في الملفات القليلة التي قُدمت ضد متهمين يهود.
يُضاف إلى ذلك، فإنه في الوقت الذي حُكِم فيه بالسجن الفعلي لعشر سنوات على الشاب أدهم بشير من مدينة عكا بعد إدانته بالمشاركة في مهاجمة سيارة شخص يهودي من سكان عكا، "بدافع قومي" أثناء الهبّة الشعبية، فإن القضاء الإسرائيلي حَكَم على أحداث مشابهة في بات يام وكان الضحية هناك عربي والجناة يهود، فقد تم الحكم على أحدهم عشرون شهرًا فقط!! هذا المثال دليل على ازدواجية الأحكام ما بين 20 شهرًا ليهودي و10 سنوات لعربي!!
ازدواجية الأحكام هذه، تتوافق تمامًا مع ما كشفه تقرير أعدّه "المركز الإصلاحيّ للدين والدّولة”، نُشر في آواخر تموز/يوليو الماضي، أن 77% من لوائح الاتهام بجرائم التحريض على العنف والعنصرية التي قدمتها النيابة العامة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، استهدفت المواطنين العرب، كما بيّن وجود فجوة كبيرة في معدل الإدانات وشدة العقوبات التي صدرت بحق المتهمين العرب مقارنة باليهود.
على ضوء ذلك، تدعو ميزان إلى حراك قانوني منظم لجميع مؤسسات حقوق الإنسان لاتخاذ خطوات جادة مقابل هذه الأحكام القضائية الجائرة لما تحمله من أبعاد وتداعيات خطيرة على مجتمعنا العربي في الداخل، في حين تؤكد "ميزان" أنها ستضع مع مراكز حقوقية أخرى هذا القضايا على طاولة المؤسسات الحقوقية الدولية والمحافل الدولية المختلفة.

مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان- الناصرة
الخميس- 1/12/2022
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]