تشكل قرية الولجة الواقعة جنوب غربي القدس مدينة المحتلة بأشجارها المثمرة وطبيعتها الخلابة وعيون مياهها العذبة، شاهدًا حيًا على استمرار انتهاكات الإسرائيلية بحق القرية وسكانها، وحرمانهم من أراضيهم الزراعية والاستفادة منها بكافة الوسائل الممنهجة.
ولم تتوقف السلطات يومًا عن استهدافها للقرية الفلسطينية المهجرة منذ عام 1948، ومحاولة الاستيلاء على أراضيها وتهجير سكانها الأصليين، وتحويلها لـ"حدائق وطنية" للمستوطنين.
ومؤخرًا، أقرت بلدية القدس مشروعًا لـ"تحريك" الحاجز العسكري ونقطة تفتيش على أراضي الولجة، لتلقي بالمزيد من أراضيها داخل جدار الفصل العنصري.
وبحسب جمعية "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية، فإن بلدية القدس خصصت ميزانية قدرها 3 ملايين شيكل لنقل حاجز التفتيش في قرية الولجة، بهدف منع سكانها الفلسطينيين من الوصول إلى الأراضي الزراعية، وتحويل المكان إلى "حديقة وطنية" لجذب المستوطنين، وبالتالي تحويلها إلى منتجع سياحي ريفي إسرائيلي.
وذكرت أن بلدية القدس تريد نقل نقطة التفتيش القريبة من "عين يائل" على الطريق الذي يربط الولجة بالقدس، من القرية المهجرة، مما سيحرم المزارعين الذين يمتلكون الهوية الفلسطينية من الوصول لأراضيهم وعيون المياه.
وأضافت "عندما تسأل السلطات الإسرائيلية لماذا يقومون بتحريك الحاجز، تحصل على الإجابة مباشرة، حاجات أمنية، لكن لو كان ذلك فعلًا؛ فلماذا لا يتعامل الجيش مع الموقع الجديد لنقطة التفتيش؟".
وقال الباحث في الجمعية أفيف تترسكي: إن "النية تتجه ومنذ عام ٢٠١٨ باتجاه نقل الحاجز مسافة كيلو متر ونصف غربًا باتجاه القرية واعترض السكان في حينه، مؤكدين أن هذا سيحول دون وصولهم إلى البركة القديمة وإلى حقول الزيتون".
وأوضح أن "الحاجز يوجد منذ ١٥ عامًا في القدس، ويستهدف منع دخول فلسطينيين بدون تصاريح لإسرائيل، ولو وجدت مشكلة فيه لقام الجيش بنقله، لأن الحاجز غير تابع للبلدية بل للجيش، ولو شعروا بحاجة لنقله، لماذا تمول هذه العملية البلدية وليس الجيش؟، وهذا ما يثبت حقيقة تمويل البلدية لنقله، إذ إن النقل لا يجري لاعتبارات أمنية".
وقبل سنوات قليلة، قررت بلدية الاحتلال وما تسمى "سلطة الطبيعة والحدائق" الإسرائيلية تحويل الأراضي الزراعية لقرية الولجة إلى "حديقة وطنية" للإسرائيليين للاستمتاع بجمال المنطقة.
والآن تعتزم بلدية الاحتلال منع وصول الفلسطينيين وسكان الولجة إلى أراضي القرية الزراعية، وبالتالي تحويل المكان إلى منتجع إسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
حرمان الفلسطينيين
الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول لوكالة "صفا" إن الحاجز العسكري الذي تنوي بلدية الاحتلال نقله مسافة ١٫٥ كيلو متر باتجاه القرية، يقع على أراضي الولجة والمالحة، والتي تم احتلالهما عام 1948.
ويوضح أن الولجة تتميز بطبيعتها الخلابة وكثرة عيون المياه فيها، وهي من أهم المناطق القديمة في القدس، لذلك دائمًا ما تتعرض لاعتداءات وممارسات الاحتلال الذي يسعى إلى فصلها عن الضفة الغربية بشكل كامل، وإحاطتها بالمستوطنات، ناهيك عن خطورة نقل الحاجز العسكري باتجاه القرية.
ويضيف أن "نقل الحاجز يعني حرمان الفلسطينيين وسكان القرية من الوصول لأراضيهم الزراعية والاستفادة منها، والتمتع بالطبيعة الخلابة، وأيضًا منعهم من استخدام ينابيع المياه".
والولجة قرية فلسطينية مُهجرة عام 1948، تقع على بُعد 5.8 كم جنوب غربي القدس، و4 كم شمال بيت لحم، وتعد من أقدم القرى في فلسطين، وتتميز بالطبيعة الخلابة وكثرة الينابيع والعيون على أراضيها، وتمتاز بخصوبة أراضيها ووفرة مياهها.
ولا يتوقف الاحتلال عن مصادرة مساحات من أراضيها، بذريعة شق طرق استيطانية، وإقامة خط للسكك الحديدية، و"حديقة وطنية"، وبناء جدار الفصل العنصري على أجزاء من أراضيها الزراعية والرعوية.
منتجع سياحي
وبحسب أبو دياب، فإن الاحتلال يريد بسط سيطرته على المنطقة المستهدفة، والتحكم بوصول الفلسطينيين إلى الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون، ووضع العقبات والذرائع لمنعهم، وكذلك أن تصبح القرية ضمن حدود بلدية الاحتلال وسيطرتها بالكامل.
ويشير إلى أن الاحتلال أقام في المنطقة متنزهات وحدائق لجذب المستوطنين، ويسعى اليوم لتحويلها إلى منتجع سياحي إسرائيلي، على حساب حرمان الفلسطينيين من استخدامها.
ويؤكد الباحث المقدسي أن نقل الحاجز العسكري يستهدف قضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، وضم أجزاء من القرية لتصبح تحت سيطرة بلدية الاحتلال، بالإضافة إلى منع سكان الولجة وأهل الضفة الغربية من الوصول للأراضي الواقعة ما بعد الحاجز.
ويحذر أبو دياب من مخاطر نقل الحاجز العسكري، إذ يعني ذلك محاولةً للضم الفعلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، لـ"إسرائيل"، وتوسيع حدود بلدية الاحتلال، ضمن ما يسمى مشروع "القدس الكبرى".
[email protected]
أضف تعليق