نظمت مبادرة "حرية"، التي تشكلت مؤخرًا بهدف استعادة مكانة الخطاب المناهض للإحتلال في الحيّز العام لأبناء المجتمع الفلسطيني، يوم امس الجمعة (21.10.22) "ويبنار"، تحت عنوان "الخطاب ضد الاحتلال في الأجندة الانتخابية: الحاضر واقعًا، غائب جماهيريًا؟!".
ويأتي هذا النقاش في خضم المعركة الإنتخابية للكنيست الـ 25، والذي ناقش حضور او غياب موضوعٍ محوريّ في الأجندة الانتخابية، حيث يدعي البعض أنه "ليس في صلب اهتمامنا ولنركز على نضالنا المدنيّ"، فيما يدعي آخرون "أنه أساس المشكلة ودونه لا يمكن إحقاق الفلسطينيّ، أينما كان، حقوقه الشرعيّة".
استضاف الـ"ويبنار": الإعلامي جاكي خوري مدير الأخبار في راديو الشمس، وصحافي وكاتب في صحيفة "هآرتس"، د. عبد كناعنة المحاضر في قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل ابيب، د.رلى هردل زميلة بحث في معهد "هارتمن" في القدس، د.اريج صباغ خوري، محاضرة في قسم علم الاجتماع وعلم الإنسان في الجامعة العبرية في القدس، وأدار النقاش الناشط السياسي عبد ابو شحادة.
عن المبادرة
بدأ "الويبنار" بعرض لفكرة "حرية" قدمها المحامي سامح عراقي، مشيرًا أنّ مبادرة “حرية” تأسست على يد عدد من النشطاء داخل أراضي 48 بعد أنّ رصدت حالة التردي للوضع السياسيّ العام لدى فلسطينيي الداخل، وتراجع خطاب مناهضة الاحتلال وتشويه سياقات العمل السياسي، ومحاولة بعض الأوساط السياسية إبعاد فلسطينيي الداخل عن حالة التضامن مع شعبهم الفلسطيني ضد الاحتلال وموبقاته تماشيًا مع المشروع الصهيوني بكافة هيئاته ومؤسساته واذرعه.
الخطاب الإعلامي
في سياق النقاش تحدث الإعلامي جاكي خوري، عن دور الإعلام العربي والإسرائيلي في صياغة الواقع، وتغطية جرائم الاحتلال، وكيفية فهم الربط بين الإعلام والأحزاب العربية في سياق الانتخابات للكنيست، حيث اشار خوري الى انّ مفهوم الاحتلال غير موجود في الإعلام الإسرائيلي أو الفلسطيني، اي ان التعامل مع مفهوم الاحتلال اصبح تقريبًا غير مطروح على بساط البحث، على مستوى الاحتلال وتداعياته، وحجم التغطية لواقع الاحتلال غير موجود تقريبًا، والإعلام الإسرائيلي يتعامل وكأنه ليس هناك احتلال، فيما يحاول الإعلام الفلسطيني تغييبه من خلال "التأقلم" معه وإعتباره حدث طبيعيّ.
خطاب الإحزاب
من جهتها تطرقت د.رلى هردل الى الخطاب السياسي للأحزاب العربية خلال فترة الانتخابات وغيرها، والتغيرات التي طرأت عليه، وامكانيات العمل المشترك بين الأحزاب الفلسطينية في الداخل وبين الأحزاب الفلسطينية في مناطق الـ 67، فأوضحت ان موضوع الاحتلال تغير من حيث طرحه على اجندات الأحزاب السياسية العربية في الداخل، وهو يرتبط في السياق الوطني المحلي، مشيرةً أنّ هناك عدة امور ادت الى تراجع خطاب الاحتلال عن اجندات الأحزاب العربية وعن المشهد الإعلامي الإسرائيلي الفلسطيني وايضًا العربي الإقليمي والدولي، اهمها الانتفاضة الثانية وإفرازاتها، كما نوهت الى الحاجة الى ترتيب القضايا الداخلية من اجل التقاطع على المستوى الوطني الأوسع.
عن دور الأحزاب العربية الفلسطينية في الداخل، وهل دورهم هو خدماتي، ام لأجل تغيير السياسات امام الحكومة، وفي تشكيل الوعي لدى الفلسطينيين في الداخل، بعيدًا عن سن القوانين، لفت د.عبد كناعنة ان الأحزاب العربية لم تأخذ دورها بشكلٍ كافي بالنسبة لموضوع الاحتلال، كما تم تغييب الخطاب حول موضوع الاحتلال، من خلال غرس فكرة "ماذا عمل لنا اعضاء الكنيست"، وهو فكر "شاباكي"، وهذا الأمر اثّر على الأحزاب العربية وعلى الجماهير والجو العام، والبعض اصبح على قناعة ان قضية الاحتلال بعيدة، ومن هنا تولد كل موضوع النهج الجديد، الذي يتمثل وكأن الجماهير العربية ليس لها اي تأثير في موضوع الاحتلال.
من خلال حديثها تطرقت د.اريج صبّاغ- خوري الى الخطاب السياسي لدى الأحزاب السياسية العربية واليهودية عن الاحتلال، وتأثيره على تشكيل الوعي، تحديدًا على الفلسطينيين في الداخل، وشددت خلال ذلك على اهمية الحديث عن غياب مشروع سياسي متكامل في خطاب الأحزاب، وغياب النكبة، وغياب تحليلنا لواقعنا في اسرائيل ووواقع تعامل اسرائيل معنا، واسلوبنا في التعبئة السياسية، لافتةً الى ان خطاب تفكيك الاستعمار ليس خطابًا نظريًا انما هو خطابٌ واقعيّ من المهم طرحه والتعامل معه، وأن غياب المشروع السياسيّ التحرريّ الفكريّ، هو جزءٌ من المشروع الانتخابيّ ويجب تسليط الضوء عليه وفهمه، في اطار الخطاب السياسي العام.
ملخص وتوصيات
ولخص المحامي سامح عراقي النقاش في نهاية اللقاء، مؤكدًا على ان قضية الاحتلال ليست قضية شعبنا الفلسطيني فقط، ويجب ان نرى بأن ضحية الاحتلال الأولى المباشرة هي القدس الشرقية والضفة الغربية والقطاع، وضحية الاحتلال الثانية هي ابناء الأقلية القومية الفلسطينية في هذه البلاد.
وطالب عراقي بدورٍ اكبر للإعلام المحلي الفاعل بين الجماهير العربية، في صياغة الوعي العام، خلال المرحلة القادمة، في ظل محاولات المؤسسة الاسرائيلية فرض تغييب للقضية الفلسطينية، وخلق برامج توعية في هذا المجال، وإعادة الاعتبار لقضية الاحتلال في الحيز العام الحزبي ايضا، ازاء النهج الجديد ومحاولة ضرب التوازن بين القومي والمدني، والحاجة الى اعادة الاعتبار للتوازن بين القومي والمدني، في سياق اعادة الاعتبار لقضية الاحتلال، من خلال الاعتبار ان موضوع تغييب الاحتلال، جاء لأجل ضرب هذه المعادلة.
بقي أنّ نشير إلى أنّ الندوة تأتي ضمن سلسلة من الأنشطة التي أقرتها المبادرة في السنوات القريبة والتي سيتخللها جولات ميدانية، ندوات، ولقاءات ثنانية وفعاليات سياسية مشتركة.
[email protected]
أضف تعليق