أنهت جمعيّة الثّقافة العربيّة حتّى الآن ثلاثة أيّام من معرض حيفا للكتاب، والّذي تنظّمه الجمعيّة في المركز الثّقافيّ العربيّ في حيفا منذ يوم الأربعاء الموافق 28.9.2022 ويستمرّ حتّى يوم الإثنين 3.10.2022؛ وشمل برنامج المعرض خلال هذه الأيّام عرضًا أدبيًّا فنّيّا وندوتين، شهدت جميعها حضورًا لافتًا.

وقد شهد المعرض حضورًا متنوّعًا وكبيرًا، كما تنظّمت عدّة مدارس بزيارات للمعرض ونشاطاته، ووفّرت الجمعيّة للحاضرين من الطلّاب ورشات خاصّة نظّمت بمبادرة مدارس من كفر مندا وحيفا، إلى جانب تخصيص زاوية للأطفال والعائلات لنشاطات ثقافيّة وفنّيّة تستمرّ طيلة أيّام المعرض.

وافتتح اليوم الأوّل ضمن المعرض بعرض تحت عنوان "حوض من البصل الأخضر" قدّمت فيه الشّاعرة أسماء عزايزة مجموعة قصائد لها، ورافقتها فيه المغنّية والموسيقيّة هيا زعاترة بعزف وغناء أعطيا بعدًا صوتيًّا حسّيًّا للقصائد، بينم رافقتها مجموعة فيديوهات من إنتاج آدم زعبي، قدّمت بُعدًا مرئيًّا للكلمات. وشهد العرض حضورًا بارزًا تفاعل مع القضايا الّتي طرحها العرض، كالحرب، والموت، والفقد وتأثيرها على نفسيّة الإنسان وإنسانيّته، وعن المجتمعات الإنسانيّة في ظلّ الثّورات والحروب.

أمّا اليوم الثّاني فقد نظّمت الجمعيّة فيه ضمن برنامج المعرض ندوة سياسيّة حول كتابين هما: "رؤيتنا للتّحرير" و"القاموس التّاريخيّ لفلسطين"؛ وبدأت النّدوة بحديث الباحث والمؤرّخ د.جوني منصور عن كتاب "القاموس التّاريخي لفلسطين" وهو معجم يعرّف بفلسطين التّاريخيّة في العصر الحديث، ويغطّي مختلف الوحدات والكيانات الجيوسياسيّة الّتي تمّ إنشاؤها عبر الزّمن في فلسطين، من تأليف إيلان بابيه وجوني منصور، وأوضح منصور أنّ أهمّيّة الكتاب تكمن في نقله الخطاب الفلسطينيّ وتاريخ فلسطين ما قبل النّكبة وما بعدها إلى اللّغة الإنجليزيّة ومخاطبة القرّاء باللغة الإنجليزيّة للتّعريف بالقضيّة والسّرديّة الفلسطينيّة حول الوطن. وتطرّق بابيه أيضًا للكتاب نفسه متحدّثًا عن ترسيخ الرواية الفلسطينيّة أكاديميًّأ والدّخول لمختلف المؤسّسات الأكاديميّة ومشاركًا تجربته المهنيّة وانتقاله من الأكاديميا الإسرائيليّة والأكاديميا الأوروبّيّة.

كذلك تحدّث بابيه عن كتاب "رؤيتنا للتّحرير" الذي شارك في كتابته وتحريره مع رمزي بارود، والّذي تناول فيه الكتّاب المشاركون رؤاهم حول فلسطين المحرّرة، وشرح بابيه عن أهمّيّة ما قدّمه كلّ من المؤلّفين ضمن الكتاب، ما بين مشاركة القصص والرؤى الذّاتيّة والشّخصيّة لفلسطين وما تعنيه القضيّة لبعض منهم، وبين تناول قضايا هامّة تطرّق لها بعضهم الآخر وحلّل أهمّيّة الحديث عنها من أجل التّحرير.

أمّا في اليوم الثّالث، فتناولت النّدوة كتاب "الكتابة على ضوء شمعة" تجارب الأسرى الكتّاب في الكتاب، شارك فيها محرّر الكتاب المحامي حسن عبّادي، والأسير المحرّر أمير مخّول، وحاورتهم أسيل منصور. وتناول عبّادي في حديثه التّجربة في جمع النّصوص من الأسرى المشاركين في الكتاب، وحول التّنوّع في الكتاب ما بين التّيّارات الفكريّة المختلفة الّتي ينتمي إليها الأسرى، وأهمّيّة مثل هذه الكتب في التّذكير بإنسانيّة الأسرى وأنّهم ليسوا مجرّد أرقام. فيما تحدّث الأسير المحرّر أمير مخّول عن تجربة الكتابة في الأسر، وأنّ الشّمع ونوره هو "رفاهيّة" لا يتيحها سجّانو الاحتلال للأسرى باعتبارها "خطرًا أمنيًّا"، كما تناول فعل القراءة وتنقّل الكتب بين الأسرى والقراءة الجماعيّة بينهم، وتحدّث عن تجربة الأسر الّتي مرّ بها، وصعوبات الكتابة والنّشر، نظرًا للعقبات الّتي يضعها الاحتلال في وجه الأسرى، وأهمّها الفراغ المدقع، الّذي عبّر عنه بقوله "في السّجن ثمّة فراغ حتميّ وللأسير احتمالان لا ثالث لهما: فإمّا أن يجتاحه هذا الفراغ ويملأ نفسه، وإمّا أن ينتصر الأسير عليه ويحوّل الفراغ إلى معنى، وكثيرًا ما يتجسّد هذا المعنى بالكتابة".

ويتطلّع المعرض إلى ندوتين أخريين غدًا الأحد، وبعد غد الإثنين، تتناول الأولى كتاب "الحزب الشّيوعي الإسرائيلي والنّكبة: الموقف والدّور"، للباحث د. محمود محارب، يحاوره الصّحافي رامي منصور، ويتناول فيه دور الحزب الشيوعي الإسرائيلي في النّكبة، ومواقفه خلال الحرب على فلسطين عام 1948.

ويختتم المعرض يوم الإثنين 3 تشرين الأوّل/ أكتوبر بندوة تنظّم في تمام السّاعة السّادسة مساءً، تحت عنوان "سياسة الأدب: عن الذّاكرة والسّرد وبناء الذّات"، والّتي تحاول الإضاءة على أبرز جوانب العلاقة بين السّياسة والأدب ما بعد الرّبيع العربيّ، وتقديم قراءة في بعض التّجارب الأدبيّة الّتي ساهمت من خلال الذّاكرة والسّرد في بناء الذّات، لا سيّما في كينونة الأدب الفلسطينيّ، باستضافة الكاتب أنطوان شلحت، والباحثة في الأدب د. عايدة فحماوي وتد، ويحاورهما الصّحافيّ طارق طه.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]