مع دخول الجنود الأسرى الإسرائيليين عامهم التاسع في أسر المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، يزداد الجدل الإسرائيلي بشأن إبرام صفقة تبادل أسرى لاستعادتهم، لا سيما في ضوء حالة التعنت التي تبديها أجهزة الأمن والاستخبارات والجيش، ورغبتها بعدم تكرار ما وصفته بـ"الخضوع" الذي ظهر أمام حماس في صفقة 2011، حين تم إطلاق سراح الجندي غلعاد شاليط.
ولم يقابل مرور هذه السنوات الثماني، ودخول العام التاسع على أسرهم، بحملة إسرائيلية واسعة، شعبية جماهيرية إعلامية، للمطالبة بإطلاق سراحهم، كما كان الأمر مع شاليط، مما يجعل ذويهم تقتصر مهمتهم على إحصاء أيام الأسر دون وجود جهد أو ضغط على الحكومة وأجهزة الأمن لتغيير موقفها الرافض للتنازل أمام المقاومة.
عيدان عمدي، الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم"، تطرق إلى جانب لافت في مسألة أسر الإسرائيليين الأربعة لدى حماس في غزة، ويتعلق الأمر باليهودي الأثيوبي أبراهام مانغستو، لأنه "لم يحظ من الإسرائيليين بأي جهد للنزول إلى الشوارع احتجاجًا على استمرار أسره، ربما بسبب حالته الاجتماعية والاقتصادية السيئة، وربما بسبب لون بشرته السمراء، وربما بسبب العائلة البسيطة التي نشأ فيها، وكلها أسباب تجعل إمكانية بقائه في الأسر حتى إشعار آخر لا تشكل مشكلة للرأي العام الإسرائيلي".
وأضاف أن "وسائل الإعلام الإسرائيلية لا تجد دافعا للكتابة عنه، وسط حالة مزرية من غياب التضامن بين اليهود، بغض النظر عن الأصول الاقتصادية والاجتماعية، لكن معارضي صفقة التبادل مع حماس يتذرعون بأنهم غير مستعدين لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين كبار مقابل الأسرى اليهود، مع أن الحقيقة أنه في السنوات الثماني الماضية تم إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، إما بسبب قضاء مدة عقوبتهم، أو بسبب امتلاء السجون الإسرائيلية، والبديل أن يستمر هذا الكابوس على عائلات الأسرى بدون بريق أمل لاستعادتهم".
تشكل مثل هذه الانتقادات الإسرائيلية الموجهة لدوائر صنع القرار بعدم إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس استمرارا لاتهامات متلاحقة للحكومة والجيش والمخابرات بإهمال الأسرى وعائلاتهم، وتركها وحيدة في مسيرتها لاستعادة أبنائها الأسرى في غزة لدى حماس، مما يعني الإضرار بعقيدة الجيش الإسرائيلي التي تسعى لاستعادة جنوده من ساحة المعركة، وتجد العائلة نفسها وحيدة في مواجهة حماس التي تخوض ضدها حربا نفسية تقوض أركان المجتمع الإسرائيلي.
ليس سراً أن عائلات الإسرائيليين الأسرى تشعر بحالة من العزلة والتهميش منذ أسر أبنائهم في غزة، فالجهود التي تبذلها لم تثمر بعد، والجمهور لا يتعاطف معها، ولا أحد ينضم إليها، ربما لأن الصدمة الخطيرة التي يحياها المجتمع الإسرائيلي عقب اختطاف شاليط ما زالت مؤثرة عليه سلبا، وتجعله غير منخرط في الجهود الحالية، مع الاعتراف بأنه ليس هناك أي حزب سياسي أو وزير إسرائيلي قدم مقترحا عمليا لاستعادتهم، ربما لأنهم لا يحتلون مكانا متقدما في سلم أولويات الحكومة.
أكثر من ذلك، فإن هناك شعورا بالخيانة تجاه عائلات الأسرى الإسرائيليين من قبل دولة الاحتلال، حيث تمارس الحكومة ووزراؤها حالة من التجاهل والتغاضي عن مطالبها، من خلال تخويفها بأن إطلاق سراح أسرى فلسطينيين جدد يخدم إستراتيجية حماس على اختطاف المزيد من الأسرى الإسرائيليين وصولا إلى هدفها بعيد المدى بـ"تبييض سجون الاحتلال".
[email protected]
أضف تعليق