جددت جماهير فريق (سلتيك)، المنافس في الدوري الاسكتلندي لكرة القدم، موقفها من دعم القضية الفلسطينية والفلسطينيين، في باكورة مباريات فريقها بالموسم الجديد وبعد العدوان الاسرائيلي على غزة .
وحسب مقطع الفيديو المنتشر بكثافة على موقع التواصل الاجتماعيّ (تويتر)، فإنّ علمًا كبيرًا لفلسطين توسَّط المشجعين الذين هتفوا دعمًا لشريحة العاملين في مجال السكك الحديدية، وبطبيعة الحال تأييدًا للشعب الفلسطينيّ.
وهذه المرة لم تكن الأولى التي ترفع فيها جماهير سلتيك العلم الفلسطيني، الذي ظهر على مدرجاتها في أكثر من مناسبة، الأمر الذي عرّض النادي لعقوبات وغرامات مالية من قِبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. ولعل المرة الأبرز التي رفعت فيها الجماهير علم فلسطين، كانت يوم 17 آب (أغسطس) 2016، عندما لعب سلتيك ضد فريق إسرائيلي.
وفي ذلك اليوم استضاف النادي الاسكتلندي على ملعبه (سلتيك بارك)، فريق هبوعيل بئر السبع الإسرائيليّ، في ذهاب الدور المؤهل لدور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أوروبا، وتجاهلت الجماهير تحذيرات (دوري أبطال أوروبا) المعروفة بـ(اليويفا)، فيما يتعلق برفع الشعارات السياسية، وقامت برفع أعلام فلسطين ولافتات أخرى تدين إسرائيل، ليتم تغريم النادي مبلغ 10 آلاف يورو.
في تلك الفترة، أكّدت صحيفة (ميرور) الإنجليزية، أنّ تلك هي المرة التاسعة التي تضع فيها جماهير سليتك إدارة ناديها في إشكاليات مباشرة مع (اليويفا). كما وضعت الجماهير أعلام فلسطين في مدرجات ملعب سلتيك بارك يوم 12 أيار (مايو) 2021، قبل مباراة الفريق ضد سان جونستون في بطولة الدوري المحلي.
وكانت تلك المباراة بمثابة وداع لقائد سلتيك، سكوت براون، حيث سمحت إدارة النادي لبعض المشجعين بالدخول من أجل وضع لافتات وداعية للاعب، لكنها وضعت أعلام فلسطين بدلاً من ذلك. وتسببت هذه الأعلام في إثارة غضب الإدارة، التي أصدرت بيانًا رسميًا أكّدت فيه رفضها لهذا الأمر، وقررت إيقاف كل من اشترك في ذلك.

لكن رابطة المشجعين ردَّت ببيان آخر، جاء فيه: “الوجود في الملعب كان لوداع قائد الفريق ورفع علم فلسطين الذي تفتخر الجماهير برفعه دائمًا وعلى مر العصور”، لافتًا في ذات الوقت إلى أنّ “الإدارة ابتعدت عن قيم النادي، ومؤخرًا تركنا تذكارًا لوفاة صديقنا الفلسطيني مشجع الفريق (صلاح عجرمة) الذي توفي الشهر الماضي”.
إلى ذلك، يتساءل كثيرون عن أسباب تضامن جماهير فريق سلتيك الاسكتلندي مع القضية الفلسطينية ورفع الأعلام في معظم مباريات الفريق، ومن أشهرها لافتات متضامنة مع الشعب الفلسطيني، ورافضة لقرار الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
رفع جماهير الفريق الأكثر شهرة محليًا في اسكتلندا، في مناسبات رياضية كثيرة، لافتات مكتوب عليها “القدس هي فلسطين”، وذلك في إطار حرصها على مؤازرة الشعب الفلسطيني. وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها جماهير سلتيك مؤازرتها للقضية الفلسطينية. ولكن ما أسباب هذا التضامن والمؤازرة؟
تعود القضية إلى أنّ أسلافهم القدماء مرّوا بالظلم والتشرد والقهر نفسه الذي يمر به الشعب الفلسطيني، ففي القرن 19- أي ما بين (1845-1849) – خلفت مجاعة كبرى ضربت ايرلندا، نحو مليون قتيل وتركت ملايين الأيرلنديين هائمين على وجوههم ومشردين وفقراء بعد جفاف الأراضي الزراعية ولجأوا بسبب الفقر والجوع ونزع ملكية الأراضي إلى مدينة غلاسكو في اسكتلندا، بيد أنّ حاكم غلاسكو آنذاك لم يصبر على هؤلاء المشردين، وكان يرى أنهم أدنى من مواطني غلاسكو من النواحي العرقية والثقافية وحتى الدينية (فقد كانوا كاثوليكيين).
من هذا المنطلق يظهر تأييدهم الكبير والمنطقي لكل قضايا تحرر الشعوب المستضعفة في العالم وفي مُقدّمتهم الشعب الفلسطيني المظلوم، لأنهم عاشوا المأساة ذاتها، والمظالم ذاتها من نفس الجهة المستكبرة والظالمة والعبثية، أدركوا حجم المأساة الفلسطينية وظروفها عبر التاريخ وصولاً إلى يومنا هذا.
عُلاوة على ذلك، شهدت مدرجات ملعب هامبدن بارك في العاصمة الاسكتلندية إدنبره، في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 مشاهد عدة لدعم القضية الفلسطينية وذلك خلال المباراة التي جمعت أصحاب الأرض بمنتخب إسرائيل في التصفيات المؤهلة لكأس العالم قطر 2022.

وأظهر مقطع فيديو مشاهد متفرقة لصفارّات الاستهجان من قبل الجماهير الاسكتلندية لحظة عزف نشيد السلام الوطني لمنتخب دولة الاحتلال قبيل بداية المباراة بلحظات قليلة. وأظهر مقطع فيديو آخر، ظهور العلم الفلسطيني في المدرجات تتلقفه الأيادي الاسكتلندية أثناء الاحتفال بتسجيل منتخبها للأهداف خلال المباراة التي انتهت بفوزه بـ 3 أهداف مقابل هدفين.
وكانت العاصمة إدنبره قد شهدت، قبلها بأيام العديد من التظاهرات المتضامنة مع فلسطين خلال المباراة ضد إسرائيل في عدة “نقاط تجمع” أبرزها أماكن تحرك ووقوف حافلة المنتخب. وهذه ليست المرة الأولى التي يعبر فيها الجمهور الرياضي في اسكتلندا عن دعمه لفلسطين والفلسطينيين، فالاسكتلنديون معروفون بتضامنهم مع أي شعب يعتقدون أنه مضطهد ويقفون مع جميع مطالب الشعوب التي يظنون أنها محقة.
ومن الجدير بالذكر أنّ المحتجين الاسكتلنديين المُحتجّين استخدموا الطلاء الأحمر لتغطية الطريق الذي سلكته حافلة منتخب إسرائيل قبل مباراته ضد المنتخب الاسكتلندي، وذلك احتجاجًا على قدومه ولمحاولة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية. ونشر أحد الإعلاميين، عبر حسابه بموقع (تويتر)، صورا تداولتها مواقع إخبارية عدة لتضامن المحتجين باستخدام دهان أحمر اللون يتناثر على الأرض استقبالاً لحافلة منتخب إسرائيل لكرة القدم، وذلك بجانب ملعب هامبدن في غلاسكو الذي احتضن المباراة.

وكتب المحتجون على حائط “الدم الفلسطيني” في إشارة إلى أنّ اللون الأحمر على الطريق هو لون الدم الفلسطيني الذي يسيله الاحتلال الإسرائيليّ. وفي السياق عينه، نشر الصحفي الرياضي الاسكتلندي روني أسبلين فيديو لمحتجين يرفعون العلم الفلسطيني مقابل ملعب هامبدن أمام كاميرات الصحفيين، احتجاجًا على اللعب مع المنتخب الإسرائيلي.
تأتي هذه الخطوة من المحتجين الاسكتلنديين دعمًا لدعوات فلسطينية جاءت من أجل مقاطعة المباراة، ومن المعروف أيضًا أنّ هناك تضامنًا تاريخيًا من الجماهير الاسكتلندية مع القضية الفلسطينية.
قدم التضامن الشعبي والجماهيري (جماهير كرة القدم الاسكتلندية) مع القضية الفلسطينية حجة أقوى لممثلي الشعب الاسكتلندي في البرلمان الذين تبنوا المواقف السياسية للمطالبة بوقف الانتهاكات الإسرائيليّة ضد الشعب الفلسطيني، والدعم الإعلامي للقضية.

وذكرت وسائل الإعلام العبريّة أنّ مشجعي (سليتك) فتحوا جبهةً ضدّ الفنان رود ستيوارت بسبب أحياءه لحفلةٍ في إسرائيل، ووجّهوا له رسالةً شديدة اللهجة للتراجع عن قراره إحياء الحفلة بإسرائيل، علمًا أنّ ستيوارت من أشّد المُشجعين لفريق (سيلتك)، وجاء في الرسالة: العزيز رود، نحن مصدومون من قرارك كسر الحصار الدوليّ المفروض على إسرائيل، ونُطالب بإعادة دراسة القضية، علمًا أنّك مشجعًا قديمًا للفريق وتعرف جيّدًا العلاقة بين الجمهور والتزامه بدعم الشعب الفلسطيني، كما أكّد المشجعون، الذين اختتموا رسالتهم بالتأكيد على مناصرتهم لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل (BDS)، وذلك لجزءٍ من نضلالنا من أجل الحريّة والمساواة.

 

 

 

 

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]