تتعدد قصص البطولة والتضحية في قطاع غزة، لعل أحد من قدم صورة عن هذا الوفاء المواطن أشرف محمد القيسي (42 عاما) من مدينة رفح، الذي قدم بيته سبيلا من أجل إنقاذ أرواح مواطنين عالقين تحت الأنقاض بفعل قصف إسرائيلي استهدف منزلا في المدينة.
القيسي مواطن فقير يبيع الحلوى على بسطة متنقلة، ويعيش في بيت متواضع في حي الشعوث وسط مدينة رفح، يعيل من بسطته عائلة مكونة من ثمانية أفراد، ويعاني من أوضاع اقتصادية صعبة جدا، ورغم كل هذه الظروف إلا أن ذلك لم يمنعه من الاقتراح على فرق الإنقاذ هدم بيته المجاور لمنزل دمرته طائرات الاحتلال الليلة الماضية في منطقة بلوك "ج".
يقول القيسي وهو يجلس على ركام منزله (البالغ مساحته 65 مترا) "بعد ساعات من محاولة فرق الإنقاذ انتشال الضحايا قررت أن أقترح عليهم هدم بيتي، ما يهمني هو أرواح الناس وإنقاذ المصابين من تحت الركام، فحياة الناس أهم من بيتي".
ويضيف، "حين سألوني أتأذن لنا؟ أجبت على الفور، تفضلوا بالهدم فجيراني تحت الأنقاض، ولا مساحة للتفكير سوى في الأرواح".
"لم أشاور زوجتي أو أهل بيتي ولم أفكر أين سأذهب بأسرتي، كل ما جاء في خاطري أنني فداء لهذه الأرواح، ولا مجال للتفكير سوى في الوقوف بجانب مآسي الناس، فنحن في حرب"، وفقا لحديثه.
اين ستذهب؟!
وفي سؤال إلى أين ستذهب بأسرتك! يجيب القيسي بصمود ملحوظ "إلى حيث يذهب من قصفت بيوتهم، أنا وأسرتي لسنا بأفضل منهم، الحرب علينا جميعا".
ويختم القيسي والحزن يسيطر على ملامحه "بيتي فداء للوطن وللشهداء، البيت يعوض لكن الأرواح ثمينة، روحي فداء للوطن".
يشار إلى أن المنطقة عبارة عن حي سكني مكتظ بالسكان المدنيين وضيق للغاية، ولذلك واجهت فرق الإنقاذ صعوبة في انتشال الضحايا من تحت الركام بعدما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزلا مكون من ثلاثة طوابق يضم العشرات من النساء والأطفال، راح ضحيتها تسعة شهداء في مجزرة إرهابية لا مثيل لها.
هكذا قرر المواطن القيسي أن يصطف في طابور البطولة والتضحية التي لا تقتصر مطلقا على من يقاوم المحتل لحماية أرضه وشعبه، وسط صمت دولي وغياب أي ردود وأفعال من العالم لوقف هذا العدوان.
ووفقا لأحدث إحصائية لوزارة الصحة في غزة، فإن عدد الشهداء وصل إلى 31 بينهم 6 أطفال و4 سيدات و256 إصابة بجروح مختلفة.
[email protected]
أضف تعليق