بحسب المعطيات: يشعر اليهود الإسرائيليون بالخطة والتهديد من رفع العلم الفلسطيني، كما يعارضون حقأ ي أقلية في أي دولة في العالم رفع علمها، لأن "للدولة علم واحد"، ما يشير إلى مشكلة في التعامل مع حقوق الإنسان وحقوق الأقليات حتى خارج السياق الفلسطيني.
أظهرت نتائج استطلاع رأي قامت به منظمة العفو الدولية في البلاد وجود فجوة كبيرة في التعامل مع الرفع العلم الفلسطيني ومعناه ورمزيته، وأن غالبية اليهود الإسرائيليين والعرب الفلسطينيين في الداخل ينظرون لرفع العلم الفلسطيني نظرة مختلفة تمامًا عن الآخر. إذ يكشف الاستطلاع الذي أجراه المختص بعلم النفس السياسي، د. حغاي الكايام، من مؤسسة "أيبانيل" لمنظمة العفو الدولية في البلاد على شريحة من 516 ممن يحملون المواطنة الإسرائيلية.
ووفق لتحليلنا، هذه الفجوة هي نتيجة مباشرة لحملة التحريض الشرية والمسعورة التي سنها سياسيون ومؤسسات إعلامية وجهات إسرائيلية مختلفة ضد العرب الفلسطينيين والعلم الفلسطيني في السنة الأخيرة، التي كانت تهدف لنزع الشرعية عن الهوية الفلسطينية والانتماء إليها.
يقول مدير البرامج في منظمة العفو الدولية في البلاد، د. ياريف موهر، إن "الاستطلاع يكشف خوفنا الشديد من علم الطرف الآخر، وأننا لا يمكننا طرح السؤال: كيف تشعر اتجاه رفع العمل الفلسطيني؟ ببساطة والحصول على إجابة بسيطة.
نصف الفلسطينيين في الداخل يرون برفع العلم الفسطيني جزءًا من الانتماء لهويتهم القومية والوطنية
يكشف الاستطلاع أن نصف الفلسطينيين في الداخل يرون برفع العلم الفسطيني جزءًا من الانتماء لهويتهم القومية والوطنية، ونحو 35% منهم يرون برفعه أيضًا احتجاجًا على التمييز ضده. بالمقابل، يرى أكثر من نصف اليهود الإسرائيليين أن رفع العلم الفلسطيني يرمز إلى عدم الاعتراف بوجود إسرائيل، الأمر الذي لم يرد في أجوبة الفلسطينيين في الداخل.
تم استطلاع الآراء في شهر حزيران 2022، شارك به 408 يهودي و108 عرب، جميعهم يحملون المواطنة الإسرائيلية، تم اخيارهم وفق شريحة تمثيلية بحسب الديانة، مكان السكن، الجنس والجيل. نسبة الخطأ في الاستطلاع تصل في الجد الأقصى إلى 4.85% ضمن المستطلعين اليهود و 9.43% ضمن المستطلعين العرب.
غالبية اليهود يخافون العلم الفلسطيني
حول رفع العلم الفلسطيني، تبين من الاستطلاع أن أكثر من 80% من الفلسطينيين يرون برفع العلم الفلسطيني جزءًا من هويتهم القومية والوطنية واحتجاج على التمييز ضدهم، ولم يربطوه بعدم الاعتراف بوجود دولة إسرائيل أو العمل على محوها. لكن على الرغم من ذلك، يرى نحو 52% من اليهود أن رفع العلم الفلسطيني سببه عدم الاعتراف بإسرائيل و14.5% منهم يرون به كدعم لتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين، وأكثر من 66% من اليهود ينسبون لرفع العلم الفلسطيني صفات ونوايا سلبية جدًا.
أما بالنسبة للعلم الإسرائيلي فالوضع مختلف تمامًا، إذ يرى 95.3% من اليهود الإسرائيليين برفعه تعبيرًا عن الانتماء للهوية الإسرائيلية، و55.6% من الفلسطينيين يرون ذلك أيضًا، في حين يرى 30.6% من الفلسطينيين برفع العلم الإسرائيلي إنكارًا لدولة فلسطين وحقها في الوجود، 9.3% يرون به ترسيخًا للفوقية اليهودية و4.6% يرون به دعمًا لأعمال العنف ضد الفلسطينيين، بالمجمل، نحو 45% من الفلسطينيين ينسبون لرفع العلم الإسرائيلي صفات ونوايا سلبية.
وبحسب الاستطلاع، ترى الغالبية الساحقة من اليهود (72.3%) أن العلم الفلسطيني يهدد اليهود، في حين يرى 18.5% فقط من الفلسطينيين في الداخل أن العلم الفلسطيني ممكن أن يشكل تهديدًا للإسرائيليين، ويرى 67.6% منهم أنه لا يجب على اليهود الإسرائيليين الخوف من رفع العلم الفلسطيني.
والمعطيات حول رفع العلم الإسرائيلي مختلفة قليلًا، إذ يرى 81.4% من اليهود أن الفلسطينيين في الداخل لا يجب أن يخافوا من رفع العلم الإسرائيلي، في حين يرى 32.4% من الفلسطينيين أن عليهم القلق والخوف من رفع العلم الإسرائيلي.
غالبية اليهود يؤيدون "محو هوية شعب"
يعكس الاستطلاع المواقف المركبة اتجاه رفع علم الأقليات القومية بشكل عام في مختلف دول العالم، خارج سياق القضية الفلسطينية. يتفق معظم المستطلعين اليهود مع العبارة التي مفادها أن "الدولة، أي دولة، لها علم واحد، ويجب حظر رفع أعلام الأقليات في جميع أنحاء العالم". لكن يبدو أن موقفهم من هذه المسألة مليء بالتناقضات، لأنهم يتفقون أيضًا، مع القول بأن أعلام أقليات أخرى شرعية، لكن العلم الفلسطيني استثناء لأنه يعبر عن موقف متطرف. قال د. ياريف موهر: "ربما يمكن تفسير هذا التناقض بوسائل مختلفة، لكن الرغبة الشديدة في دعم مقولة أن أعلام الأقليات غير شرعية بشكل عام تثير القلق بشأن الموقف الإشكالي لليهود الإسرائيليين تجاه حقوق المواطنين والأقليات حتى خارج السياق الفلسطيني الإسرائيلي. وللمفارقة، مثل هذا الموقف يدعو إلى التشكيك في شرعية رفع العلم الإسرائيلي في المعابد اليهودية في الولايات المتحدة على سبيل المثال".
هناك تناقض داخلي آخر يظهر لدى المستطلعين اليهود، وهو أنهم يميلون إلى الاختلاف مع الادعاء بأن محاولة محو هوية الشعب لم تنجح أبدًا. أي أنه على الرغم من التاريخ اليهودي، فإنهم يعتقدون أنه يمكن محو هوية شعب. أعرب المستطلعون الذين يعتبرون أنفسهم ضمن المركز (سياسيًا) عن موقف محايد بشأن هذه المسألة، وأعرب المشاركون الذين يتماهون مع المواقف اليسارية عن اتفاقهم مع هذا الادعاء، في حين اختلف المستطلعون الذين يؤيدون مواقف اليمين مع هذا الادعاء. في الوقت نفسه، وافق المستطلعون الفلسطينيون في الداخل بشدة على الادعاء بأن محاولة محو هوية الشعب لم تنجح أبدًا، ومالوا إلى الاختلاف مع الادعاءات التي تلغي شرعية رفع أعلام الأقليات القومية.
واختتم الدكتور ياريف موهر من منظمة العفو الدولية بالقول: "نعتقد أن نتائج الاستطلاع تؤكد بشكل مثير للقلق شعورنا الغريزي - أنه الوضع بات أكثر من مجرد توتر واستقطاب على خلفية صراع طويل الأمد، بل بات هاوية حقيقية مقلقة جدًا". وتابع "نعتقد أنه بعد أيار الماضي والواجهات الواسعة التي وقعت، لاقى التركيز على العلم الفلسطيني كجزء من التحريض ضد الهوية الفلسطينية بشكل عام نجاحًا كبيرًا. ربما يكون من الممكن فهم المشاعر السلبية تجاه علم الطرف الآخر ضمن قضية وطنية- ولكن في الاستطلاع يتم التعبير عن ذلك في حالة إحجام ورعب حقيقيين. يعتبر الموقف تجاه العلم من الأعراض المهمة لحقيقة أن "العربي الجيد" بالنسبة للغالبية المطلقة من الإسرائيليين هو عربي بدون تطلعات وطنية ولا قومية، ولا يوجد فهم بأن الحق في تقرير المصير والقومية هو حق شرعي للجميع، ومنتشر بين الأقليات حول العالم. هذا الحق لا يقتصر على اليهود فق ، وكذلك الحق في حرية التعبير".
[email protected]
أضف تعليق