يضطر عشرات الآلاف من سكان يركا, كفرياسيف والجديّدة - المكر للسفر إلى محطة القطار الوحيدة على خط كرميئيل - حيفا، بالقرب من مستوطنة "أحيهود"، التي تضم المئات من العائلات. بالسكة الشمالية من المقرر بناء خمس محطات وكلها ببلدات يهودية. بالنسبة للحافلات، الوضع ليس مطمئن: في مدينة الطيبة، التي يبلغ عدد سكانها 45000 نسمة (مثل رمات هشارون)، شيّد فيها أول خط داخلي الشهر الماضي فقط. بعد عقود من التجاهل، يُجرى إتخاذ خطوات لتحسين الأوضاع في المجتمع العربي، لكن الفجوات ما تزال كبيرة. تقرير مؤسسة ׳شومريم׳ الصحفية.
قبل شهر، شُيّد خط حافلات جديد بداخل مدينة الطيبة. هذا صحيح: حتى يونيو 2022، وفي مدينة يبلغ عدد سكانها 45000 نسمة، لم يكن هناك سوى محطة حافلات واحدة في الطيبة، عند المدخل، على الطريق بين المدن.
تخيلوا مدينة مثل كرميئيل، أو رمات هشارون ونس تسيونا، والتي تشبه مدينة الطيبة من حيث عدد سكانها، بدون خطوط حافلات داخلية. هل هو امرُ عادي؟ بالطبع لا. في المجتمع العربي – الذين يشكلون 21٪ من سكان إسرائيل، هذه الحقيقة المُره
من المفهوم ضمنًا أن المواصلات العمومية الجيّدة، هي شرط لنمو وتنمية المنطقة, بالإضافة لتقليل الفوارق الاقتصادية - وهو طموح يجب أن يكون ضمن الأولويات لكل حكومة. إذن كيف يعقل أن خطوط الحافلات لا تربط المدن العربية الكبرى حتى الآن، وأنه من بين 69 محطة قطار في إسرائيل – ليست هناك أي محطة في بلد عربي.
قامت مؤسسة ׳شومريم׳ الصحفية بفحص 4 حالات:
1
خط كرميئيل - حيفا لا يتوقف في البلدات العربية
مواطني يركا وكفرياسيف والجديّدة يضطرون للذهاب لمحطة مجاورة بمستنوطنة أحيهود
أفتتحت محطة القطار في كرميئيل قبل 5 سنوات، وهي تعتبر المحطة الشمالية في البلاد. بنيت محطة واحدة فقط بين كرميئيل وكريات موتسكين، وهي تقع بالقرب من مستوطنة أحيهود، التي تضم عدة مئات من العائلات. على بعد 4 كيلومترات غربي المستوطنة يقع مفترق كفرياسيف، الذي يسافر عبره سكان الجديّدة المكر (حوالي 20 ألف نسمة) وكفرياسيف (حوالي 10 آلاف نسمة) ويركا (حوالي 18 ألف مواطن) - تجمع سكاني كبير، بحسب المؤشر الاجتماعي والاقتصادي لدائرة الإحصاء المركزية تتذيل هذه البلدات جدول الترتيب. لماذا لم تبذل جهود لتقريب القطار منه؟ وهذا كي يتم دفعهم للأعلى.
تعليق وزارة المواصلات: "كجزء من الإجراء القانوني للسكك الحديدية، يتم فحص مواقع المحطات بعناية ضمن إجراء منظم ومفصل، يشمل جولات في المنطقة ولقاءات مع جميع السلطات واللجان المحلية. يتم تصميم محطات القطار بما يلائم استخدامات الأراضي الحالية أو المخطط لها ، بهدف تقريب المسافات من مراكز السكن بهدف إنشاء شبكة بين القرى والمدن.
بروفيسور راسم خمايسي، مخطط مدن، جغرافي ومحاضر في قسم الجغرافيا في جامعة حيفا، غير مقتنع بهذا التفسير. ويقول:
"للأسف، المخططون حجبوا نظرهم عن البلدات العربية بالنسبة لنظام تخطيط المواصلات. يوجد بمكاتب التخطيط التابعة للدولة أقل من ثلاثة بالمائة من الموظفين العرب. لمحطات القطار تأثير كبير بتطوير واستقطاب السياح للمدن العربية. في أوروبا والعالم، في الأماكن التي تتواجد بها محطات قطار نلاحظ نمو المدن. للأسف فإن المخططون يوافقوا بإنشاء مناطق صناعية في بلدات يهودية بهدف تطويرها وهكذا سكان البلدات العربية لن ولم يخرجوا من حبل التعلق بالبلدات اليهودية.
يضيف: "بهذه الطريقة يستمرون في تثبيت اعتماد البلدات العربية باليهودية. على نظام التخطيط أن ينظر إلى البلدات العربية ايضًا باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من النظام القطري، وأن يخلق فرصًا لهم للتطوير، وبالتالي رفع مستوى البلدات بكل المجالات.
2
بالسكة الشمالية, خمس محطات مخطط لها – كلها ببلدات يهودية
سيتم ربط كريات شمونة وكرمئيل في المستقبل بسكة حديدية، و الأولى من المقرر أن تكون المحطة الشمالية الأكثر في إسرائيل. هذه المرة أيضًا، وفقًا للخطة المعتمدة للإيداع، ستشمل 3 محطات ومحطتان أخريان محددتان حاليًا كإحتمالية مستقبلية - جميعها بالقرب من بلدات يهودية: كريات شمونة، الحولة، حتسور الجليل، ماروم هجليل (لخدمة الركاب إلى قبر الحاخام) وشرقي كرميئيل، والتي يجب أن تخدم أيضًا سكان "بكعات هكيرم".
لماذا لا يشمل الخط أيضًا محطة بين مفرق عميعاد الى كرميئيل، في موقع يمكن أن يخدم بشكل أفضل سكان المغار, عيلبون, عرابة, سخنين والرامة (حوالي 70 ألف مواطن)؟
يوضح عنان معلوف، مدير نظام تطوير المواصلات العامة للبلدات العربية في وزارة المواصلات: "جزء من الاعتبارات المهنية لتخطيط القطارات هو التحقق من العرض والطلب، المواقع الجغرافية، الجدوى الاقتصادية وغيرها. سوف تُقام محطة شرقي كرميئيل لأجل البلدات العربية في المنطقة، ونحن ننظر للموضوع من المنظار الواسع. محطة كرميئيل ستقدم حلولًا لسكان المنطقة. بخصوص المغار وعيلبون، سنتحقق ما إذا كانت هناك فحوصات جدوى".
الخطة الاستراتيجية لقطار إسرائيل لعام 2040 تشمل قرابة 1300 كيلومتر لسكك حديدية جديدة، و 52 محطة جديدة. كم منها سيخدم البلدات العربية؟
يقول معلوف: "ليست لديّ إجابة فورية. ليست كل محطة في بلدة عربية تقدم حلولًا للمواطنين العرب، وليست كل محطة في بلدة يهودية تقدم خدماتها لليهود فقط. خدمة المواصلات العامة هي خدمة في المحيط، وتحليل الوضع القائم يعتمد في كثير من الحالات، على الوضع في السنوات السابقة .
3
السكة الحديدية الشرقية
محطات مخطط لها في الطيبة والطيرة. أما باقة الغربية فتواصل الانتظار
سكة القطار الشرقية هي إحدى مشاريع النقل الإستراتيجية في إسرائيل. مثل شارع 6 في ذلك الوقت، الهدف هو طريق إضافي لربط شمالي البلاد بجنوبها، دون المرور عبر منطقة تل أبيب المزدحمة - وهو بديل للسكك الحديدية المزدحمة في الساحل وفي شارع أيالون. هذا مشروع وطني ضخم بميزانية تبلغ نحو عشرة مليارات شيكل. وكالعادة في مشاريع المواصلات العامة الكبيرة، يؤجل موعد عام الانتهاء بشكلٍ متكرر، لكنه موجود في مرحلة التنفيذ. سيشمل الخط 6 محطات جديدة، سيتم وضع إثنتين منها، لأول مرة في إسرائيل، في مدن عربية - محطة الطيبة, التي من المفترض أن تخدم أيضًا سكان قلنسوة والطيرة التي ستخدم أيضًا كوخاف يائير.
عادة يتم بناء السكك الحديدية بجوار الطرق الرئيسية بين المدن، على أرض مريحه للبناء ومسطحة قدر الإمكان. النتيجة هي إقامة محطات خارج البلدات، لكنها تخدم تجمعات سكانية يمكن الوصول إليها بمركبات خاصة أو حافلات.
شمالي الطيبة، على طول شارع 6، تقع باقة الغربية، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 30 ألف نسمة، لكن السكة الحديدية الشمالية تبعد عنها قليلًا. تم التخطيط لمحطة أخرى على الخط: في مستوطنة أحيتوف، في الطريق إلى الخضيرة، بحيث تخدم تجمعات عيمق حيفر.
كان بإمكان محطة أحيتوف أيضًا أن تعطي لسكان باقة حلًا معينًا، لكن إتضح مؤخرًا أن بناء هذه المحطة قد ألغي أيضًا، لأسباب تتعلق بالميزانية. سكان عيمق حيفر يحاربون القرار لكن دون أن جدوى.
وأوضحت وزارة المواصلات أنه تم التخطيط لحل طويل المدى لأهالي باقة الغربية، على خط آخر وهو في مراحل التخطيط الأولية (القانونية). ومؤقتًا سيستمر سكان باقة وعيميك حيفر بانتظار القطار.
4
الحافلات؟ بشكل رئيسي حول المدن
فجوات في سياسة التخطيط والميزانية ـ يُظهر فحص خطوط الحافلات الذي يخدم المجتمع العربي - وهي خدمة يمكن ملاءمتها وتخطيطها بسهولة أكبر بكثير من القطار.
في نهاية شهر يونيو الماضي، شيّد رئيس بلدية الطيبة المحامي شعاع منصور، ووزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي، أول خط داخلي للحافلات في المدينة. يعمل بمسار دائري في قسم من المدينة. بمعنى آخر أنه يحيط بالمدينة لكن لا يدخل الى مركزها. بالنسبة للمواطن الذي يريد التنقل في المدينة، يعد هذا في أفضل الحالات حلًا جزئيًا. يوجد أيضًا خط حافلات في قلنسوة القريبة وهو ايضًا يعمل في محيط المدينة، في مسار مركزي أكثر.
وقال منصور: "المواصلات العامة فعالة بلا شك وتساعد التجمعات العربية في النمو الإقتصادي. تزيد من فرص العمل، بما في ذلك مجال التكنولوجيا. نشهد استخدامًا بكثرة للخط رقم 1 في المدينة لكن هذه خطوة أولى، إذ أنه لا يصل الى العديد من أحياء المدينة. لقد تحدثت مع وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي، حول أهمية ترميم البنية التحتية وذلك لكي كل من الخطين الثاني والثالث يعبروا بسهولة بالحارات الضيّقة, ولتغطية إحتياجات جميع سكان المدينة".
الإنتشار المحدود لخطوط الحافلات التي توفر حلولًا جزئية هو أمر شائع في العديد من البلدات العربية. في هذا السياق، من المثير للاهتمام المقارنة بين مسارات الحافلات في التجمعات المجاورة - الطيرة (27000 مواطن) مقابل كوخاف يائير (9000 مواطن) وتل السبع (22000 مواطن) وحورة (25000 مواطن) مقابل عومر (7000 مواطن).
خريطة الخطوط الليلية - الخدمة المطلوبة التي تقدم استجابة في ساعات متأخرة من الليل وفي عطل نهاية الأسبوع - لا تختلف بشكلٍ جوهريّ عن خطوط النهار: من بين 104 خطوط ليلية في جميع أنحاء إسرائيل، يمر واحد فقط في مدينة عربية - الناصرة.
يقول معلوف، الذي تولى منصبه في وزارة المواصلات قبل نحو ستة أشهر: "حتى العام 2012، لم يكن هناك خطوط مدن في أي بلدة عربية، بإستثناء الناصرة. يعتمد ذلك على عدد السكان والبنية التحتية وكذلك الأستثمار والميزانيات التي حوّلت للمواصلات في البلدات العربية".
يضيف: "بعد عقد من الزمان، يبدو لي أن بلدة واحدة ليس بها مواصلات عامة داخلية. نسعى جاهدين لمقارنة مستوى الخدمة في المجتمع العربي بالمجتمع اليهودي. في فترة الخمس سنوات الماضية، تم إستثمار حوالي 500 مليون شيكل في هذا، لفترة الخمس سنوات المقبلة، تم تخصيص 400 مليون شيكل".
يذكر معلوف ظروف البنى التحتية الصعبة داخل البلدات العربية، والتي لم يبنى معظمها بشكل مخطط، كأحد أسباب الفجوات التي نشأت. في الطيبة، على سبيل المثال، وقبيل تشييد الخط الأول، نفذت أعمال بنية تحتية واسعة على الطرق والمفترقات، بهدف السماح بمرور الحافلات الكبيرة والحافلات الصغيرة. ينوه معلوف: "نسعى جاهدين لبناء شبكة مواصلات في البلدات العربية، وإستثمار الموارد والميزانيات لتحسين ظروف الطرق فيها. للأسف لسنا في وضع يسمح لنا بالوصول إلى المدينة ووضع خطوط بداخلها".
تعقيب وزارة المواصلات
"الوزارة تنفذ خطة المواصلات الاستراتيجية للمجتمع العربي"
في تعقيب لوزارة المواصلات: "أهمية قصوى عند الوزارة لتقليص الفجوات في المجتمع الإسرائيلي وتنفيذ خطة النقل الاستراتيجية للمجتمع العربي. وفي هذا الإطار تستثمر الوزارة في العديد من المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية للمواصلات وبحاجة إلى تحسين".
يفصل تعقيب الوزارة الخطوات المختلفة التي يتم اتخاذها لتصحيح الوضع: "شبكة 2025" ، الخطة الاستراتيجية لتطوير البنية التحتية للمواصلات في البلدات العربية. و"إستفتاء المواصلات الكبير" الذي أُجري مؤخرًا باللغات العبرية والعربية والروسية بهدف إشراك الجمهور في إجراءات إتخاذ القرار وبناء خطط العمل (ما زالت نتائجه قيد المعالجة).
لا شك في أن سد فجوة استمرت عقودًا هو عملية طويلة تتطلب ميزانيات كبيرة. ليس هناك شك أيضًا أن التغيير الأساسي ما يزال مطلوبًا لدى صانعي القرار. وخير مثال على ذلك هو العناوين البارزة في الإجابات على الأسئلة: "رد وزارة المواصلات بخصوص محطات القطارات والحافلات في القرى العربية". ومع ذلك, فإن الأسئلة لم تتطرق إلى القرى العربية، وهو تعبير يشير إلى مفهوم قديم عن مجموعة من المنازل في بيئة زراعية، إنما للمدن العربية الصاخبة والكبيرة. حان الوقت للتقدم سريعًا.
[email protected]
أضف تعليق