منذ فترة ليست بالقصيرة ضجت الساحة النقباوية بالاصوات الرافضة لتضييق الخناق على الاهالي فيما يتعلق بقضية توفير قسائم البناء لهم، لا سيما في مدينة رهط، ذات الغالبية السكانية الشبابية، حيث ان معظم الشبان فيها لا يمتلكون قسائم بناء ولا يتم تسويقها لهم لبناء بيت متواضع للسكن، وان تم تسويقها فإن التكاليف التي يتم عرضها مبالغ فيها لدرجة كبيرة، الا ان الامر ازداد سوءا عندما اعلنت سلطة توطين البدو عن نيتها القيام بنقل ابناء عائلة ابو قويدر الى ضاحية 11 في مدينة رهط بهدف اخلاء الزرنوق التي هي قريتهم الحالية وغير المعترف بها، وهذا الامر اصبح شبه مؤكد بعد مداولات عديدة في المحاكم، واليوم وبعد الانتهاء من هذا الملف، يبدأ العمل على قدم وساق لمشروع مماثل يخص عائلة العقبي، والتي يبدو ان عددا من ابنائها وقعوا على اتفاق مع سلطة توطين البدو للرحيل الى مدينة رهط، وذلك بعد معاناة استمرت لعشرات السنين، كانوا فيها ولا يزالون يعيشون اوضاعا قاسية في قريتهم غير المعترف بها المعروفة باسم مضرب عشيرة العقبي.

عن عشيرة العقبي 

عشيرة العقبي من العشائر التي تم تهجيرها من اراضيها مسبقا خلال عام النكبة 1948م، حيث ان جزءا من العشيرة هجروا من النقب الغربي من قرية بالقرب من قرية المحرَّقة، ولم يكن التهجير داخل النقب فقط، بل ان البعض هجر الى قطاع غزة، بينما جزء اخر منهم سلبت منهم اراضيهم في قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف بالقرب من مدينة رهط، والتي تشهد قبور اجدادهم الموجودة فيها حتى اليوم على احقيتهم بملكيتها، واليوم وبدلا من اقرار الحق لهم بالعودة الى اراضيهم في العراقيب، تجد السلطات الاسرائيلية وسيلة اخرى لتهجيرهم من جديد الى مكان جديد، قد يكون فيه بعض الحل لمعاناتهم الحالية، الا انه سيكون سببا لتفاقم المعاناة لاهالي رهط القابعين تحت وطأة الازمة السكنية الخانقة، وايضا لابناء عشيرة العقبي انفسهم لاحقا الذين سيضطرون لمعايشة ذات الظروف يوما ما، مع كل زيادة سكانية طبيعية.

احد سكان قرية العقبي هو السيد ابراهيم العقبي، قال واصفا المعاناة التي تعيشها العشيرة في مضاربها الحالية غير المعترف بها:" نحن هنا احضرنا الماء لانفسنا لوحدنا ومددنا كهرباء لوحدنا، عيادة للعلاج ليس لدينا، روضة اطفال حتى ليس لدينا!".

بينما قال رئيس اللجنة المحلية د.خليل العقبي معقبا على القرار بفتح حي لهم في رهط:" نشعر بنوع من الفرحة والسعادة والارتياح لانه اخيرا توصلنا الى حل مرضٍ لنا، غير كامل بالطبع ولكن الحمد لله".

الإتفاق 

وبحسب الاتفاق سيحصل كل شاب فوق جيل 18 من ابناء العشيرة، والتي يبلغ تعدادها حوالي 1500نسمة، على قسيمة ارض ومبلغ 250الف شيكل، حيث من المتوقع ان ينتقل ابناء العائلة بعد نحو عامين الى الحي المخصص لهم، والذي سيضم 1100وحدة سكنية،

وكان مدير سلطة تطوير البدو يائير معيان قد صرح لوسائل اعلام اسرائيلية حول القرار قائلا:" يوجد هنا ايضا مساحات تجارية وواجهات تجارية، بالاف المترات بحيث توفر امكانيات اقتصادية، نمو اقتصادي ووسائل لكسب الرزق، خلال عام سنبدأ في عملية التطوير ،وخلال عامين ستكون المساحات التجارية والسكنية جاهزة".

هذا المخطط لنقل عائلة العقبي الى مدينة رهط، يأتي ضمن خطة حكومية لتوطين سكان القرى غير المعترف بها في بلدات ثابتة بما فيها رهط، والتي من المتوقع ان يصل عدد سكانها حتى العام 2040م الى 160الف نسمة.

وتابع معيان لوسائل الاعلام الاسرائيلية قائلا:" نحن في سلطة توطين البدو نخطط لتوفير 45الف وحدة سكنية في مدينة رهط، نصفها داخل البلدة القديمة، وتوفير بناء اضافي، بحيث يوفر للناس امكانية بناء طوابق اضافية في المساكن القائمة والبقية للاحياء الحديثة، اليوم لدينا في المجمعات السفلية في رهط اكثر من 10الاف وحدة سكن قيد التطوير".

حق العودة 

من جانب اخر لا يبدو ان جميع ابناء عشيرة العقبي قد وافقوا او وقعوا على اتفاق لترحيلهم الى حي في رهط، ذلك ان هنالك من يرى ان الحق الاساس هو حق عودتهم الى الاراضي التي هجروا منها، لا ان يتم تهجيرهم من جديد الى رهط، يقول الشيخ اسامة العقبي:" نعم هناك اخوة من عشيرتنا يريدون الانتقال الى المكان المقرر لهم في شمالي رهط، لضيق الحياة وصعوبتها، لاننا نعيش في مخيم لاجئين، وهم اختاروا هذه الطريق ولهم شأنهم، اما انا لله عبد فموقفي معروف للجميع، لن اكون لاجئا مرة ثانية، هجروا الاهل من ارضنا ارض العراقيب بالقوة، وها هم اليوم يريدون ان يرحلوا بعضنا بالجزرة والعصا، ولن يكون هذا ان شاء الله، موقفي واضح لن ارحل ولي حق عودة، لا عودة عن هذا الحق قريبا ان شاء الله".

هذا القرار بترحيل عائلة العقبي وعائلات اخرى الى رهط اثار ردود فعل غاضبة من قبل الكثير من سكان المدينة، الذين اكدوا بأن ترحيل عائلات الى رهط يأتي على حسابهم، السيد خليل ابو غليون احد سكان مدينة رهط قال:" نحن لا مانع لنا بأن يحضروا سكان من خارج المدينة والخ، ولكن اولا نحن لدينا سكان البلد او المنطقة لديهم حق الاولوية في المسكن".

اما الحاج مبارك الخمايسة والذي يعيش هو وجميع افراد عائلته في رهط في بيوت من الصفيح مهددة بالهدم فقال:" لدينا ضائقة سكنية، عندما يحلون ضائقتنا والناس تشعر بالانفراجة ممكن ان تنقلوا سكان اخرين من خارج رهط اليها وليس ان يستبقوا بنقلهم قبل معالجة مشكلتنا".

خلال الفترة القريبة سيبدأ العمل لتطوير حي العقبي في رهط ، ومن المتوقع ان يستمر العمل فيه نحو عام واحد، على امل ان ينهي نقلهم الى رهط معاناتهم المستمرة منذ سبعين عاما، الا ان ما يجري عملا هو ترسيخ لهذه المعاناة، من خلال التأكيد على تهجيرهم مرة تلو الاخرى، وعدم الاقرار لهم بأحقيتهم في مئات الدونمات من الاراضي التي تم سلبها منهم ايضا منذ سبعين عاما مضت.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]