مع الاعلان عن حل الكنيست الرابعة والعشرين والتوجه لانتخابات مبكرة تعد الخامسة خلال عامين ونصف العام، بدأت الاصوات في النقب تتعالى مطالبة بالتمثيل الحقيقي والمواقع المضمونة ضمن القوائم العربية المتنافسة في الانتخابات، حيث ان الغالبية يطالبون بوجود مرشحين من النقب اكفاء ويحظون باجماع جماهيري، وفي اماكن مضمونة في كل قائمة، لا سيما وان الغالبية العظمى تشعر بأن حالة من التهميش الشديد تعرض لها النقب في الفترة الاخيرة، لا سيما بعد رحيل النائب سعيد الخرومي رحمه الله، والذي كان شخصية حظيت باجماع نقباوي منقطع النظير، نظرا لاعتماده على مبدأ الانصاف تجاه الجميع سواء من ايده او من كان صاحب رأي مغاير، واليوم ومع غياب هذه الشخصية وعدم توفر بديل مشابه على الساحة، اصبح لا بد من وجود اكثر من شخصية في كافة القوائم العربية، الموحدة سبق ان اعلنت اسماء الشخصيات المرشحة من النقب في الموقع الثالث، الا ان الاهالي يتساءلون عن موقف القائمة العربية المشتركة.
في العربية للتغيير- لا مرشح
في العام 2015 وعندما تجند المجتمع العربي بكامل طاقته لدعم القائمة العربية المشتركة، كونهم رأوا فيها انجازا تاريخيا وحدويا، استطاعت الاحزاب العربية ان تتفق على وجود اربع شخصيات من النقب داخل الكنيست عن احزاب مختلفة، وكانت هذه المرة الاولى التي يكون فيها تمثيل النقب بهذه القوة، ورغم عظم التحديات التي كانت تواجه هؤلاء الاعضاء، الا انهم تمكنوا في حينه من تشكيل كتلة دفاعية عن حقوق النقب وبدعم غالبية السكان، الا ان الانتقاد الذي واجه هذا التمثيل وما يزال ماثلا في القائمة المشتركة بتركيبتها هذه الايام ايضا، هو ان الاحزاب المشكلة جميعا في حينه، العربية الموحدة والعربية للتغيير والجبهة الديمقراطية والتجمع الوطني، هو ان احدها لم يطرح ممثلا عن النقب في اي فترة انتخابية تواجد فيها، وهي القائمة العربية للتغيير، التي لم يسبق لها ان طرحت اسم اي مرشح من النقب وما تزال كذلك حتى اليوم، في الوقت الذي كانت القوائم الاخرى قد قدمت كل منها اسم مرشحها عن النقب وحظيت بتأييد الجماهير لذلك.
يتساءل المواطنون اليوم مرة اخرى لماذا لا تطرح القائمة العربية للتغيير اسما من النقب في موقع مضمون ولماذا لم تطرح سابقا ايضا؟ لم يسبق ان تم توجيه هذا السؤال للقائمة من قبل، الا ان الفترة الحالية والتي تتسم بالمنافسة القوية والمشوبة بالحذر والخوف الشديد من تلقي صفعة قوية من ناخبي النقب تحديدا، تجعل من الضروري على كافة القوائم مراجعة حساباتها جيدا، واحترام كون النقب اليوم اصبح قضية مركزية اكثر من اي وقت مضى، ولم يعد بامكان الاهالي القبول بكونهم مجرد مخزن للاصوات فقط.
في الجبهة- مرشح بدون موقع مضمون
عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتي تعد حزبيا عربيا يهوديا، لم يثر حدل حول طرح مرشح من النقب بقدر ما اثير الجدل حول عدم وضع المرشحين في مواقع مضمونة، ففي المرة التي وصل فيها مرشح النقب عن القائمة للكنيست كان لفترة اشهر معدودة وعن طريق التناوب على الموقع وليس بشكل مباشر، المرشح في حينه كان السيد يوسف العطاونة والذي كان عضو سكرتارية الجبهة الديمقراطية ومركز عملها في النقب، ومن خلال استحقاق التناوب استقال العطاونة لصالح نيفين ابو رحمون عن التجمع الوطني الديمقراطي.
يقول الناشط السياسي من مدينة رهط وعضو الجبهة الديمقراطية للسلام المساواة حسين العبرة:"اليوم حسب متابعتي وقراءتي هنالك مجموعة اسست لحزب يحمل اسم مستقبل النقب، وهذا يدل على ان معركة الانتخابات قد بدأت وهنالك افكار وتوجهات جديدة على الساحة، لا استطيع تسميتها الان، الشخصيات المطروحة جميعها اكن لها التقدير والاحترام كاشخاص وليس كساسيين، اليوم يطرح السؤال ان كان هنالك امكانية لمليء فراغ سعيد الخرومي رحمه الله، سعيد كان كإبن للنقب مهتما بالدرجة الاولى بقضايا النقب، ولم يتبع يوميا لاي حزب صهيوني، ولم يكن مبعوثا لها في يوم من الايام، ربما كنت اختلف معه من ناحية ايديولوجية، ولكن من ناحية وطنية كان انسانا بمعنى الكلمة شجاعا وممتازا وطيبا، الاسماء المطروحة اليوم جميعها نعلم توجهها السياسي مسبقا، سواء كانت تتبع لاحزاب صهيونية ام لا، لكن لا احد سيكون مثل سعيد، في مقابلة لاحدى الشخصيات المطروحة في الاعلام العبري قال بانه لديه 30 الف صوت، وهذه الاصوات لا تأتي بتمثيل للنقب ولكنها قد تكون محرقة للاصوات، وهذا لن يكون في صالح النقب، ومع ذلك بالعودة للاحزاب العربية الموجودة، فهي تتعامل مع النقب على انه مخزن للاصوات، ولكن من باب الانصاف ورغم انني لست تابعا للحركة الاسلامية ولم اكون يوما، الا انها الوحيدة التي لم تهمش النقب في الماضي، طرحوا من خلال التحالف مع الديمقراطي العربي سابقا المحامي طلب الصانع ثم المحامي طلب ابو عرار ومن ثم الاستاذ سعيد الخرومي رحمه الله، وكانوا عادة ما يحصلون على 18-20 الف صوت من النقب، لكن عندما طرح اسم سعيد الخرومي حصلوا على 41 الف صوت، وذلك لانه لم يكن هنالك منافس لسعيد في النقب من الاحزاب العربية الاخرى، لذلك تعتبر همشت النقب، لذلك توجه جميع الاهالي لدعم سعيد تحت مبدأ ما حك جلدك مثل ظفرك، وهنا أؤكد ان الاصوات كانت لسعيد الخرومي وليس للحركة الاسلامية، اذكر انني عملت مع المرحوم سعيد لمدة 15عاما في لجنة التوحيه لعرب النقب، وكنت اشبهه المرحوم توفيق طوبي حيث كان شخصية توحد الجماهير مباشرة وهكذا كان سعيد رحمه الله، من جديد اقول انني احترم الوجوه المطروحة حاليا على المستوى الشخصي، على سبيل المثال طلال القريناوي شخصية لا بديل لها على صعيد المصلحة العامة في رهط في البلدية، ولكن في الكنيست قد لا تنجح مسألة انشاء حزب جديد وهو يعلم ذلك، ولكن ربما تم تشكيل هذا الحزب كوسيلة ضغط لادراج اسم احدى شخصيات الحزب بمكان مضمون في الاحزاب الموجودة على الساحة، لا سيما وان كافة الشخصيات المطروحة لم تكن يوما تابعة لحزب او قيادة وطنية وانما لاحزاب صهيونية، ولكن ايضا وبسبب تهميش الجبهة للنقب وبدلا من ان تحصل الاحزاب الصهيونية على اصوات النقب ربما كان هذا الطرح، هنالك شخصيات كثيرة في النقب مثل سعيد ولكن قياديو الجبهة في الشمال ما زالوا يتعاملون مع النقب على انه مخزن للاصوات فقط، وهذا لن يخدمهم في الانتخابات القادمة ما لم يغيروا نهجهم".
التجمع- مكان ابن النقب اختفى
التجمع الوطني الديمقراطي ايضا يمكن اعتباره حزبا منح مساحة لا بأس بها للنقب في القائمة المشتركة من خلال وجود النائب السابق جمعة الزبارقة في الكنيست، الا ان هذا لم يستمر طويلا، ولم يتكرر مرة اخرى، يقول جمعة الزبارقة والذي يشغل حاليا منصب مركز لجنة التوجيه لعرب النقب وهو عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي في النقب:" اعلم من خلال وسائل الاعلام ان هنالك مرشحين من النقب للانتخابات القادمة، على سبيل المثال الموحدة طرحت الاسماء التي ترغب بالترشح عن النقب، بالنسبة للمشتركة لا يمكن الحديث عنها كجهة واحدة ومرشح واحد لان هنالك ثلاثة احزاب ضمن مركباتها، وهنالك تفاوت في رؤية مرشحي النقب من ناحية البعد السياسي، هنالك الحبهة والتجمع والعربية للتغيير، بالنسبة لي من الوارد ان اترشح ولكن بشرط الترشح في الموقع الثاني ضمن قائمة التجمع، سيتم تقديم القوائم حتى تاريخ الخامس عشر من ايلول سبتمبر وحتى ذلك الحين سيكون حراك انتخابي قوي، وانا ادرس ذلك كوني مؤطر حزبيا لسنوات طويلة وكجزء من مجموعة، وهذا التوجه بالنسبة لي كرجل اتبع للتجمع أؤمن به سياسيا واجتماعيا، بعد ذلك سيكون هنالك مفاوضات على تركيبة المشتركة بشكل عام، من خلال ما حدث في الكنيست الاخيرة ارى انه من الخطأ الانضمام الى ائتلاف الحكومة الاسرائيلية، نحن نتحدث عن قضية شعب، وحقوق الشعوب تنتزع او تؤخذ، وهذا شيء لا يمكن تحقيقه من داخل الحكومة، وبالتالي ارى ان هذا كان خطأ لا يجب تكراره، اما بالنسبة للمشتركة فهنالك ثلاثة احزاب ونشطاء في كل حزب وهنالك تفاوت في موقع النقب بالنسبة لهذه الاحزاب، مثلا في الجبهة كان موقع لمرشح من النقب لكن في موقع متأخر وغير مضمون، التجمع طرحت موقعا لمرشح من النقب مرة في موقع مضمون شغلته انا، ولكن لم يكن ذلك فيما بعد، اما في العربية للتغيير لم يكن هنالك طرح لاي مرشح من النقب سابقا ومن غير الواضح ان كان سيتم الطرح حاليا ام لا، لذلك من المهم جدا لكافة مركبات المشتركة التي تنوي طرح قوائمها ان تكون منصفة وواضحة مع اهالي النقب، لان الانتخابات هذه المرة ستشهد حالة غير مسبوقة ربما من العزوف عن التصويت بعد الاحداث التي مر بها النقب، ولكي يتم تفادي ذلك يجب ان يكون الطرح مقبولا ومقنعا للجمهور، وان يتم اختيار شخصيات تحظى باجماع جماهيري".
وهنا يظهر جليا ان المطلوب من كافة الاحزاب العربية وقوائمها طرح شخصيات تحظى باجماع جماهيري، وليس الاعتماد على مكانة الحزب وقدراته في النقب، لان الغالبية الساحقة في النقب غير مؤطرين حزبيا، وبالتالي سيكون الامر المهم لهم بالدرجة الاولى هم الشخصية التي تكون قادرة فعلا على نقل معاناتهم والدفاع عن قضاياهم وحقوقهم كما يجب، وهذا الامر في كل مرة يعيدهم للقول:"نحتاج لشخصية مثل سعيد الخرومي رحمه الله"، الامر الذي ينبغي ان يتم العمل عليه بعيدا عن حرب المناكفات التي اندلعت شرارتها الاولى بمجرد الاعلان عن التوجه لانتخابات جديدة، اذا ان المواطن يعتبر هذه المناكفات عدم احترام لعقله وتوجهه وحقوقه المشروعة، وبالتالي ستكون دافعا قويا للعزوف عن الانتخابات وتشكيل صدمة سياسية كبيرة وغير متوقعة، لن تكون ابدا في صالح احد.
[email protected]
أضف تعليق