إعداد:مديحه الأعرج/المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان
حارس املاك الغائبين في انتظار " تسوية الحقوق العقارية " في القدس 


في سرقة علنية وفي وضح النهار شرعت السلطات الاسرائيلية بمخطط عدواني جديد في إطار ما تسميه إجراءات تسوية ملكية الأراضي في منطقتين جديدتين في القدس الشرقية. ويحمل المخطط تداعيات خطيرة على مئات المنازل الفلسطينية وتغطيان معظم حي الثوري وكذلك منطقة مجاورة للجدار الخارجي الجنوبي للمسجد الأقصى والمعروفة باسم حفريات القصور الأموية.

وفي الحقيقة فإن هذا المخطط ليس جديدا ، فقد كانت الحكومة الإسرائيلية قد اتخذت بتاريخ 13 أيار 2018 ، القرار رقم 3790 ادعت من خلاله انها تسعى الى تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وتطوير الاقتصاد في القدس الشرقية. أحد أهم بنود القرار هو " تخطيط الأراضي وتسجيلها "، والذي ستقوم إسرائيل بموجبه ، من خلال لجنة تشرف عليها وزارة العدل الإسرائيلية ، بتسوية كل أراضي القدس الشرقية المحتلة ، بحيث تنتهي أعمالها مع نهاية العام 2025 . وكان من المفترض أن تنجز إسرائيل تسوية 50% من أراضي القدس الشرقية خلال الربع الأخير من العام 2021 (تشرين الأول- كانون الأول)، غير أن العملية كانت اكثر تعقيدا من التوقعات وعليه فضلت " لجنة التسوية " المسؤولة عن العملية أن تبدأ بتسوية أحواض تجربة في مناطق متفرقة، إلا أن انتشار وباء الكورونا في العام 2020-2021 كان له تأثير على سير العملية .

وعلى كل حال فقد كان هناك قلق بالغ من أن هذه الإجراءات سوف تُستغل لنزع ملكية الفلسطينيين من أراضيهم وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على المزيد من الأراضي . فعلى الرغم من وصف سلطات الاحتلال للمشروع بأنه إجراء يهدف إلى (خلق مستقبل أفضل ) للسكان الفلسطينيين ، فإن ما تم تنفيذه يؤكد أنه يستخدم لصالح السكان اليهود والمستوطنين والجمعيات الاستيطانية ، حيث تم استخدام هذه الإجراءات إلى حد كبير لتسجيل أراضي المستوطنات الإسرائيلية القائمة فضلا عن الاستيلاء على المزيد من الأراضي في القدس الشرقية، ما يؤدي في النهاية إلى إنشاء مستوطنات جديدة والمزيد من نزع ملكية الفلسطينيين . بدء تلك الاجراءات في الثوري وفي حفريات القصور الأموية يعد تطوراً خطيرا ما يزيد بشدة من خطر استيلاء الاحتلال على الممتلكات الفلسطينية ويهدد بمزيد من زعزعة استقرار الأوضاع في القدس . وتغطي الاجراءات الإسرائيلية نحو 240 دونما هي معظم حي الثوري، وهي منطقة مكتظة بالسكان وتضم مئات العائلات الفلسطينية . وتعتبر المنطقة ذات طابع استراتيجي وباتت مستهدفة بشكل متزايد من قبل منظمة (العاد) الاستيطانية .وكما هو الحال في الأحياء الفلسطينية الأخرى في القدس الشرقية حيث يتم الترويج لتسوية سندات الملكية فمن المرجح أن يواجه سكان الثوري واقعا قد يؤدي إلى فقدان ممتلكاتهم ، خاصة اذا ما استخدمت سلطات الاحتلال قانون أملاك الغائبين على الأراضي التي تخضع لهذه الإجراءات، ما يؤدي إلى احتمال تسجيل مساحات واسعة من الأراضي باسم دولة الاحتلال .

وتعمل سلطات الاحتلال على دفع عملية تسوية حق الملكية في القصور الأموية لتمكين إسرائيل من السيطرة على هذه الأرض من خلال تسجيلها رسميا كأراضي دولة، مع مساعدة مجموعات المستوطنين المدعومة من الدولة في جهودها العدوانية من أجل السيطرة على هذه المواقع شديدة الحساسية . ومعروف ان المنظمات الاستيطانية مثل منظمة : العاد " تعمل على إعادة إنشاء مسار الحج اليهودي إلى ما يسمى الهيكل بتمويل من الثري اليهودي الأسترالي، كيفين بيرميستر، وهو مؤيد معروف للاستيطان اليهودي في القدس الشرقية .ويساند مع غيره جميع المشاريع التي تستهدف تعميق السيطرة الإسرائيلية على المدينة

وفي القدس كذلك أعلنت بلدية الاحتلال عن موافقتها وشراكتها مع مؤسسة القدس وبدعم من مؤسسة (مندل)، على إنشاء مركز رياضي تهويدي في بيت حنينا سيقام على مساحة 5 آلاف متر مربع بتكلفة حوالي 20 مليون دولار.وحسب إعلان بلدية الاحتلال الذي لم يوضح لمصلحة من هذا المركز ومن الجهة الممولة ، فإن المركز الجديد الذي سيتم تسميته على اسم (جاك وجوزيف ومورتون مندل)، وفقًا لقرار اللجنة التذكارية في بلدية الاحتلال ، سيتم بناؤه وفقًا لمعايير خاصة مع صالات رياضية واستوديوهات ومناطق عامة. واعترف رئيس بلدية الاحتلال موشيه ليون أن المشروع في القدس الشرقية يأتي بعد سنوات من الإهمال على حد نعبيره ، وقال نحن نشجع التنمية المتسارعة في القدس الشرقية للبنية التحتية والمباني العامة والأطر التعليمية والآن أيضًا في المجتمع والرياضة والترفيه بالنسبة لجميع سكان المدينة".ورفض ليون تحديد لمصلحة من هذا المجمع ومن الذي سيديره في بيت حنينا وكيف تم الاستيلاء على الأرض التي هي جزء من تل الفول من أراضي شعفاط وبيت حنينا وفي موقع استراتيجي أسفل "قصر الملك حسين" الذي لم يكتمل بسبب نكسة حزيران عام 1967 التي خلفت احتلال القدس الشرقية.

كما أصدرت محكمة الصلح الإسرائيلية قرارًا يقضي بإخلاء المستوطنين "عطيرت كوهنيم" من محل للصرافة ومخزنين لناصر سعيد في فندق البتراء الصغير في باب الخليل في البلدة القديمة حتى موعد أقصاه الثالث من الشهر المقبل.يأتي ذلك بعد مداولات ومماطلات من الشركات الاستيطانية وهي شركات تم تسجيلها في كولومبيا والمغرب وجزر العذارء و مماطلة القاضي وتهربه من إصدار قرار مستعجل تقدمت به عائلة قرش و عائلة سعيد خاصة أن عائلة قرش لديها حقوق الحماية - كمستأجر محمي - من الدير، هذه الحماية تم انتهاكها باقتحام المستوطنين في السابع والعشرين من شخر مارس/ أذار الماضي، بمساعدة قوات من الشرطة والمسلحين من المستوطنين في ساعات الليل وقاموا بالاعتداء على اصحاب الفندق وكذلك المخزنين ومحل الصرافة التي تملكهما عائلة سعيد.

على صعيد أخر قفز البناء الاستيطانيّ الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية بنحو 62 في المئة ، خلال الفترة التي تسلّم فيها نفتالي بينيت ويائير لابيد قيادة الحكومة الإسرائيلية، مقارنة بحكومة بنيامين نتنياهو السّابقة ، كما سمحت تلك الحكومة ببناء 6 بؤر استيطانية جديدة ، وفق تقرير نشرته منظمة " السلام الآن " الاسرائيلية ، كما زادت وتيرة هدم منازل ومنشأت وممتلكات الفلسطينيين بنحو 35 في المئة ، ارخلال فترة هذه الحكومة مقارنة بالحكومة التي سبقتها . وجرى الترويج لـ 7292 وحدة استيطانية ، مقارنة بالمتوسط السنوي البالغ 5،784 وحدة استيطانية في حكومات نتنياهو

ولم يقتصر عمل هذه الحكومة على التوسع في في رخص البناء في المستوطنات فحسب ، بل امتدت سياستها الى ما هو أبعد وأخطر من ذلك بهدف توفير المناخ المناسب للنمو الاستيطاني في المستقبل من خلال عمليات احتيال وسطو على اراضي الفلسطينيين وتحويلها الى محميات طبيعية على طريق تثبيتها كمجال حيوي لنشاطات الاحتلال الاستيطانية .

وكان المكتب الوطني للدفاع عن الارض قد استعرض مؤخرا الاعمال الهدامة للإدارة المدنية على هذا الصعيد ، بعد أن تم الكشف عن توقيع ما تسمى ” الإدارة المدنية ” التابعة لجيش الاحتلال ، أمراً بتاريخ 12/4/2022 ، يقضي بإعلان نحو 22 ألف دونم في منطقة وادي المقلق – النبي موسى، جنوب أريحا ، ” محميةً طبيعيةً ” . هذه المحمية بمساحتها الواسعة هي الأكبر التي تم الإعلان عنها منذ 25 عاماً ، واطلق عليها الاحتلال اسم ” محمية ناحال أوغ الطبيعية “، فوق نحو 22 ألف دونم، منها حوالى 6000 دونم أراض فلسطينية خاصة ، وجزء آخر أراضٍ مسجلة لدى دولة الاحتلال ، ومعظمها أراضٍ أُعلنت ” أراضي دولة ” عام 1989

ومعروف أن المنطقة المستهدفة تعتبر أكبر محميّة طبيعية في الضفة الغربية ، وتقع شرقي مدينة القدس وضمن براريها ، وتمتد في اراضي وادي المقلق حتى يصل البحر الميت ، ويبعد الوادي نحو 10 كلم عن مقام النبي موسى و 8 كلم عن المنطار ، وكان يسكنه حتى وقت قريب مجموعة من العائلات البدوية من العراعرة والصرايعة ، الذين تم تهجيرهم منه منذ وقت ليس ببعيد تمهيدًا للسيطرة عليه .ونوايا حكومة الإحتلال واضحة وهي القضاء على أية امكانية لأن تكون القدس عاصمةً للدولة الفلسطينية ، واقامة مشروع القدس الكبرى بالمفهوم الإسرائيلي عبر التوسع الاستيطاني وربط المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]