قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن أخطر تهديد يواجه العالم اليوم هو المنافسة بين القوى الكبرى، لأن الصراع بينها يجعل العالم كله طرفا فيها.

وأوضح أبو الغيط أن هذا الصراع يحول دون الاستجابة للتحديات التي تواجه البشرية، داعيا إلى ضرورة البحث عن توازن جديد لإنقاذ العالم من فخ تكرار التاريخ.

وقال أبو الغيط في كلمته اليوم الخميس، أمام منتدى باكو العالمي، الذي يعقد في عاصمة أذربيجان، بحضور الرئيس الهام علييف وعدد من الرؤساء والمفكرين - "نمر بأوقات متوترة في العالم، والشعوب تشعر بالقلق من المستقبل"، مضيفا "إن الخوف يمكن أن يقود لقرارات خاطئة؛ وهكذا تتحول الأزمات إلى كوارث، وأنه في أوقات الأزمات تختبر قدر الحكمة لدينا وحسنا التاريخي".

وتابع أبو الغيط: "‎التاريخ يعلمنا أن السلام ليس مضمونا، وإنما يكون محصلة سنوات وعقود من العمل التمهيدي الجاد.

وأضاف "عندما تصبح الأوقات صعبة على الساحة الدولية؛ فإنني أفضل أن أنظر إلى الوراء لمعرفة الطريق إلى الأمام، حيث تختبر أوقات الأزمات حكمتنا وإحساسنا بالتاريخ، وهو فن قراءة المستقبل من خلال عدسة الماضي".

وأشار إلى أن تاريخ النظام العالمي الحديث يحمل تحذيرًا مشؤومًا ظل يكرر نفسه مرارًا وتكرارًا"بألا تعتبر السلام أمرًا مفروغًا منه.

السلام ليس مضمونا 

وتابع أبو الغيط :"السلام ليس مضمونا، وإنما يجب تحقيقه والسعي إليه، فهو إلى حد كبير نتاج حكم ذكي وحكمة تاريخية متراكمة"، معربا عن اعتقاده بأنه عندما يتم اعتبار السلام أمرًا مفروغًا منه ، فمن المرجح أن تندلع الحروب،وقد يستغرق إشعال شرارة الحرب لحظة ، لكن الأمر يستغرق سنوات وعقودًا لتهيئة الظروف التي أدت إلى مثل هذه اللحظة.
ولفت إلى أن الأمر استغرق خمسين عامًا لإعداد الأرض للحرب العالمية الأولى ، وأربعة أيام فقط حتى ينفجر برميل البارود.

وأضاف "اليوم نعرف أن الحرب العالمية الأولى لم تكن ضرورية، وأن القادة ،كما تم وصفهم لاحقا، كانوا يسيرون نياماً،وأن الحرب لم تحل أي شيء ومهدت السبيل لحرب ثانية أشد فتكاً"، مؤكدا أنه "لا ينبغي أن نسير نياما مرة أخرى نحو الهاوية"،محذرا من أن مخاطر الحرب النووية تفوق أي وقت مضى.

وقال أبو الغيط إن" الحكمة والشعور بالتاريخ قادا إلى السلام الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يكن السلام شاملاً ولا تشوبه شائبة، لكنه كان جيدًا بما فيه الكفاية"، مشيرا إلى أنه لم يتحقق ذلك بين الدول التي تشترك في نفس الأيديولوجية أو النظرة العالمية نفسها، فهي لم تُبنى على مُثُل سامية ، بل على سياسة الواقعية وتوازن القوى.

وأعرب أبو الغيط عن اعتقاده بأن التهديد الأول للسلام العالمي لم يتغير منذ حروب نابليون في أوائل القرن التاسع عشر، حيث إنها منافسة قوة عظمى، ومن السهل جدًا معرفة السبب، لافتا إلى أن الحرب في أوكرانيا هي مثال على ذلك ، فتأثيرها غير المباشر محسوس بعمق في جميع أنحاء العالم.

القوى والقتال 

وأوضح أبو الغيط أنه عندما تنخرط القوى العظمى في صراع ، فإن العالم بأسره يبتلع القتال بطريقة أو بأخرى، وعندما تفشل القوى العظمى في إيجاد أرضية مشتركة أو قواعد سلوك متفق عليها في الشؤون الدولية ، يصبح من الصعب بشكل متزايد تحقيق تقدم في التعامل مع أي من التحديات العالمية التي تواجه العالم.

وتابع أبو الغيط: "لا ينبغي لنا أن نسير نائمين، مرة أخرى، إلى الهاوية، ويجب أن تأخذ الدبلوماسية وفن الحكم مركز الصدارة".

وحذر أبو الغيط من أن مخاطر الحروب العالمية في العصر النووي أعلى بكثير من أي وقت مضى في التاريخ، مؤكدا ضرورة أن ترشدنا الحكمة التاريخية إلى إيجاد التوازن الصحيح،معتبرا أن الأمر لن يكون الأمر، وسيستغرق وقتًا وبراعة بشرية.

وأكد أبو الغيط، في الوقت ذاته، أنه من بين الفوضى والاضطراب الظاهر ، سيظهر توازن جديد لإنقاذ العالم من فخ تكرار التاريخ.

المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]